|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  20  / 7 / 2016                                 علي فهد ياسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

صدر القرار .. وجاء وقت العمل .. !

علي فهد ياسين
(موقع الناس)

الجهد الاستثنائي في انجاز الملف العراقي المقدم لاجتماعات اليونسكو في اسطنبول، أثمر اعترافاً باحقية المواقع العراقية الأربعة التي ضمها الملف لبرنامج الحماية الدولية، وهو نجاح باهر يتحقق في ظروف استثنائية للغاية، يخوض فيها العراق أحد أهم معاركه المصيرية ضد الارهاب الذي يعاني منه العالم بأسره، ويتركز بالخصوص على اراضيه والاراضي السورية .

صدور قرار اليونسكو بادخال المواقع العراقية ضمن قائمة التراث العالمي، يلزم المنظمة الدولية وحكومات العالم بأسره (بما فيها حكومة العراق) بتوفير الحماية لها، من الانشطة التي تلحق بها الضرر من لحظة صدوره، وهو عنوان عريض يوفر لهذه المواقع خصوصية نوعية وقانونية، يرتقي العبث بها الى مستوى الجرائم الجنائية الدولية .

لقد أهدرت الحكومات المتعاقبة في العراق منذ تأسيس منظمة اليونسكو، فرصاً عديدة لتسجيل المواقع الحضارية العراقية ضمن قائمة حمايتها، ولم تنجح الا بتسجيل أربعة مواقع فقط (آشور والحضر وسامراء وقلعة أربيل) على مدى العقود الماضية، فيما تمثل أرض العراق أكبر حاضنةً للتاريخ الانساني في العالم، وهو مؤشر مهم على انشغالات السياسيين بمصالحهم ومصالح احزابهم على حساب مصلحة العراق وشعبه، على الرغم من أهمية ذلك في وضع العراق في موقعه الحقيقي على خارطة الاهتمام السياحي، الذي بات يمثل رقماً مهماً في الاقتصاد العالمي، ناهيك عن نتائجه في تفاعل الثقافات، الأبلغ والأضمن تأثيراً ايجابياً في مستقبل الشعوب .

بعد صدور القرارهناك استحقاقات وواجبات عراقية لتفعيله، وهي ترتقي الى مستوى أعلى من الجهود التي بُذلت لاستصداره، لأن منظمة اليونسكو (وكل المنظمات الدولية) لها سياقات عمل ومناهج وبرامج معتمده في أداء مهامها، مما يتطلب من الجانب العراقي دراسة ذلك والعمل بموجبه لتفعيل القرار والاستفادة من مضامينه، والاهم في هذا السياق هو تشكيل (جهة عراقية) مقابلة للمنظمة، تكون مسؤولة عن متابعة الملف مع المنظمة أولاً بأول، حتى لا نترك فرصة للتسويف في تنفيذ استحقاقات القرار، كما يحصل في جميع منظمات الامم المتحدة التي تدعي دائماً عدم وفاء البلدان بالتزاماتها في تنفيذ القرارات !.

بداية العمل تكون بتشكيل فريق عراقي من المتخصصين (اكاديميين وفنيين) من حملة الشهادات (غير المضروبة) تحديداً، من داخل العراق وخارجه، وبعيداً عن العناوين السياسية، يرتبط برئيس الوزراء، الذي يخصص له (وفق السياقات القانونية) ميزانية مناسبة لاهمية ونوعية نشاطه، يقوم بعقد ندوات في العاصمة والمدن العراقية، تحضيراً لمؤتمر عام ينجز خطة عمل وآليات تنفيذ ومتابعة، تتوافق مع متطلبات اليونسكو، لتكون أساساً قانونياً يلزم المنظمة بتفعيل قرارها .

من أهم واجبات فريق العمل العراقي هو ملف حقوق العراق (المائية) مع تركيا، الذي يمثل الاساس في انعاش الاهوار، وهو الاختبار الاصعب للمنظمة في تنفيذ قرارها، ومن هنا جاءت مطالبتنا في ابعاد السياسيين عن ادارته، لأن اساس المواقف التركية والسورية فيه كان سياسياً بامتياز، لذلك ستكون قوة الموقف العراقي مستندة على كفاءة المتخصصين في ادارته من غير السياسيين، اضافة الى مواقف الدول الكبرى التي اشادت بالقرار وطالبت (الآخرين) بدعم العراق لتنفيذه، وخاصة أمريكا الحليف الأول لتركيا !.
الأمر المهم الآخر هو اعادة النظر في التخصيصات المالية للمواقع الاثرية ولانعاش الاهوار، واعادة النظر في هيكلية ونوعية حماية الآثار من المافيات المحلية الناقلة لها خارج الحدود، وذلك بتوفير الحماية الكافية وتفعيل القوانين الصارمة بحق المجرمين، اضافة الى وضع الخطط والبرامج الكفيلة بتنمية الاهوار والمناطق الاثرية لتكون مراكز جذب للسياحة المحلية والعالمية، وفق قوانين استثمار( خالية من دهاليز المحاباة والحزبية) تساهم في رفد الاقتصاد العراقي بمخرجاتها النهائية وليس بالسطو عليه واضعافه !.

بحجم وعمق (البهجة) التي اجتاحت نفوسنا بصدور هذا القرار(المنصف) لحضارة شعبنا الموجوع على مدى تأريخه، يعترينا القلق من ضعف مستوى أداء القائمين على سلطة القرار لاستثماره، وهي واحدة من مصائبنا المستمرة منذ عقود !.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter