|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  1  / 2 / 2016                                 علي فهد ياسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اعتقال الأبرياء نقص كفاءة ومؤشر فساد

علي فهد ياسين
(موقع الناس)

احصائية السلطة القضائية المتضمنة اطلاق سراح أكثرمن (100) مائة الف من المتهمين الذين لم تثبت ادانتهم خلال العام الماضي، تأتي حلقة سنوية لمسلسل متكرر في نهاية كل عام، محسوب في خانة الانجازات السنوية للمحاكم في العاصمة والمحافظات وتوابعها الادارية، دون سعي لتحليل مسبباته وادواته والنتائج الخطيرة لتكراره السنوي على نفس السياق والتفاصيل، بالرغم من تقارب اعدادهم الشهرية على مدار السنوات الماضية .

المتخصص بالقانون والمنفذ له لابد ان يكون على دراية تامة باسباب وتفاصيل الجرائم المفضية لاعتقال المتهمين، وطواقم القضاء هي الاخرى ملزمة بمعرفة تفاصيل الاجراءات المتخذة ضد المتهمين قبل تحضيرهم للوقوف امام المحاكم، وكل هذه التفاصيل تكلف خزينة الدولة أموالاً محسوبة التكاليف عن كل متهم، من بدء الاخبار عن جريمته ومروراً باجراءات اعتقاله والتحقيق معه، ثم ايداعه في مراكز التوقيف المؤقته، اونقله لمواقع بديلة قبل اصدار الحكم عليه، متضمنة حاجاته الانسانية الضرورية في المنام والمأكل والملبس والضروريات الاخرى، ناهيك عن تكاليف الأمان للمراكز الامنية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق.

هذا العدد السنوي (الكبير والمتكرر) من الابرياء الذين يعترف القضاء العراقي بـ (خطأ) اعتقالهم، لم تُدرس اسبابه الحقيقية من قبل (السلطات الثلاث) القضائية والتشريعية والتنفيذية، ولا من قبل هيئة النزاهة، بهدف معالجتها والتخفيف من تأثيراتها على الواقع الامني الهش الذي يعصف بالبلاد طوال العشرة اعوام الماضية ومازال، بالرغم من تأثيراتها الحقيقية في تصاعد العنف والجريمة في العراق .

الوجه الآخر لهذا الملف هو دلالاته على نقص الكفاءة في اداء الاجهزة التنفيذية والقضائية، لجهة تفسير القوانين واساليب تطبيقها، لأنه يتسبب سنوياً بـ (100) مائة الف (خطأ قانوني) ينتهك حرية المواطنين، دون محاسبة للمسؤولين عن تكراره، في بلد يحتكم الى دستور (يفترض انه) يحدد الحقوق والواجبات، وينظم العلاقة بين الشعب والسلطات !.

العوائل العراقية وحدها تعرف حجم ونوع المعاناة التي تعيشها بعد اعتقال احد ابنائها من قبل القوى الامنية، ولكل عائلة منها خكايات لا توصف عن ذلك، ناهيك عن حكايات المعتقلين المطلق سراحهم، الذين تحققت باطلاق سراحهم تلك (الانجازات) !.

في ظل الازمة المالية الخانقة التي تعصف بالعراق نتيجة انخفاض اسعار النفط، يبرز السؤال عن التكاليف المالية لهذا الملف خلال العام المنصرم والاعوام الماضية، وهي بمجموعها تمثل وجهاً مكشوفاً للفساد المنظم، الذي يكلف خزينة الدولة وعوائل المعتقلين الأبرياء أموالاً طائلة، تدخل نسبة كبيرة منها الى جيوب مافيات الفساد المتغلغة في مفاصل خارطته العنكبوتية .

لابد من وقوف السلطة القضائية في العراق أمام مسؤولياتها الدستورية في معالجة هذا الملف الخطير في مضامينه، لتحديد الاسباب الحقيقية في استمراره بنفس الوتيرة طوال السنوات الماضية، تمهيداً لوضع الحلول الفاعلة لمعالجته، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن دون ذلك سننتظر احصائية مكررة لاطلاق سراح (100) الف برئ خلال هذا العام، يعلنها القضاء العراقي اوائل العام القادم، وكأننا ندور مع (ناعور) انجازات هوائية !.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter