| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

الخميس 8/11/ 2007



قصص ألمانية سوريالية
6

عدنان الظاهر

السيدة [ فراو ] أورتيز
" أورتيز " إسم غير ألماني ، فكيف حملت هذا الإسم الغريب سيدة ألمانية بافارية أباً عن جد ؟ تزوجت من رجل من " بوليفيا / أمريكا اللاتينية " جاء للعمل في ألمانيا مهندسَ مناجم ، تزوجته وأنجبت منه ولداً وإبنةً . إنتهى بعد بضعة سنين عقد عمل هذا الزوج فعاد إلى وطنه وبصحبته قرينة ٌ وطفلان . تأقلمت السيدة الألمانية سريعاً للحياة الجديدة في بوليفيا . تعلمت اللغة الإسبانية فإفتتحت بمساعدة زوجها محلاً تجارياً حقق نجاحات مذهلة في زمن قياسي . إبتاعت في مدينتها الألمانية بما حققت من أرباح داراً ريفية فخمة تحيطها الحدائق من جميع جهاتها . سكنت والدتها فيها كيما تعتني بها وبأشجار الحديقة ولتتولى أمور صيانتها وتصليح ما يعطب من أجهزة وأنابيب الغاز ومجاري التصريف الصحي . كانت السيدة أورتيزهناك في بوليفيا في منتهى سعادتها : العمل التجاري الناجح والزوج المخلص وطفلان يكبران ويتعلمان لغتين معاً : الإسبانية والألمانية ، فما أسعدها أمّا وزوجاً وسيدة أعمال ناجحة . لكن ، ولأسباب لا يعرفها أحدٌ ، لم يطل مقامها هناك طويلاً . صفت أعمالها وعادت إلى ألمانيا برفقة طفليها لأنها هي شاءت ذلك ولم تشأ أن تتركهما مع أبيهما . هل إفترقت عن زوجها بالطلاق ؟ من أراد ذاك الطلاق ، هو أم هي ؟ أهو " مرض الحنين إلى الوطن" ؟ لا أحد يدري سوى والدتها التي توفيت بعد عودة البنت بفترة قصيرة . كانت إمرأة عجوزاً . لم تسكن في بيتها الريفي الفخم ، بل قررت أن تسكن في المدينة الكبيرة الجميلة . وجدت لها عملاً مناسباً في إحدى الشركات فإستأجرت شقة فارهة بثلاث حجرات ومطبخ واسع جيد التأثيث ومرفقين صحيين مع صالة إستقبال مترامية الأطراف بحيث تصعب تدفئتها شتاءً . إبتاعت سيارة ألمانية حديثة وأدخلت طفليها المدارس فتدرجا بشكل طبيعي دون عثرات مدرسية ولا مشاكل متوقعة جرّاء تبدل البلدان والمجتمعات ثم سيادة اللغة الألمانية المطلقة بدل الإسبانية التي ترعرعا عليها في بلد الأب البوليفي . إمرأة مطلقة أو هاجرة أو مهجورة ميسورة الحال تجاوزت الأربعين قليلاً موفورة الصحة تحس أنها في أوج نشاطها الجنسي . ماذا ينقصها كي تتم سعادتها في الحياة ؟ زوج آخر أو صديق !! لم تجد الزوج المناسب رغم ما بذلت من جهود وكثرة ما شاركت في حفلات وإحتفالات ومناسبات عائلية أو وطنية وسواها الكثير . تعزو هي سبب ذلك إلى الخلل الطبيعي في قدمها اليسرى . كانت تضلع في مشيها قليلاً ، لذا ، تعتقد ، زهدَ الرجال الألمان بها رغم يسرة حالها وإستقلالها المالي وإمتلاكها داراً خاصة بها وتحتها سيارة من أحدث الموديلات . يئست من الزواج فصارت تبحث عن صديق ألماني مناسب فأين تجده وهي إمرأة عرجاء مسؤولة عن طفلين إثنين ؟ لم يستمر بحثها عن صديق ألماني مناسب فطفقت تبحث عن صديق أجنبي وما أكثر الباحثين فيهم عن جسد إمرأة ـ مهما كانت ـ ... إمرأة في غنى عن مساعدتهم لها وظيفة دائمة وبيت ريفي مرموق ، ثم ، ستساعدهم في تيسير إجراءات الحصول على الجواز الألماني بالصداقة أو الزواج . لم تبحث عنه طويلاً . كان يسكن شقة ليست ببعيدة عن شقتها ، لذا كان شكله وهيئته وحضوره ... كانت ظاهرة مألوفة لها . تعارفا ذات يوم وكانت تتمشى ظهيرة يوم أحدٍ ربيعي مشمس دافئ مع كلبها ( جوني ) الذي ورثته من أمها الراحلة . قال لها إنَّ إسمه ( رسول ) وإنه من أفغانستان وإنه عازب ... كي يغريها تلميحاً بأنْ لا مانعَ لديه من الزواج منها إنْ رغبت أو رضيت به زوجاً . أثناء التمشي عرفت منه أنه ليس عاطلاً عن العمل وليس بحاجة إلى المعونات الإجتماعية التي تُخصص للعاطلين عن العمل . يسكن وحيداً في شقة صغيرة من غرفة واحدة ويعمل ( ميكانيكياً ) في شركة بي. أم. دبليو  B.M.W. الألمانية الشهيرة لإنتاج السيارات . وجدت فيه صيداً ثميناً . شاب أجنبي يافع قوي البنية لديه عمل ثابت أصغر منها بحوالي العشرين عاماً . تجربة أو مغامرة جديدة مغرية فلتغتنمها ولا تدعها تفوت {{ فتخيرته وكان شافعهُ // لطفُ الغزالِ وقوة ُ الأسَدِ ... للأخطل الصغير بشارة الخوري من قصيدة المسلول }}. توثقت بينهما العلاقات وتطورت إلى مديات بعيدة. إعتادا على تمضية عطل نهاية الأسبوع في بيتها الريفي ، يتسوق رسول وصديقته تتولى مهمات إعداد الطعام . علمها كيف تطبخ الرز البسمتي بالزعفران أو مسحوق الثوم مع مرقة البامياء وغيرها من الخضروات الشرقية . كان طباخاً ماهراً لكنه ـ لشديد أسف السيدة أورتيز ـ لم يكن ليتعاطى شرب الخمور ، أفغاني مسلم !! على خلاف صديقها ، كانت السيدة شبه مدمنة على تعاطي المشروبات الكحولية الثقيلة كالروم والفودكا . دأبت حتى على خلط المربيات الشديدة الحلاوة مع الروم ، تتناولها قبل العشاء عادة ثم بعد العشاء . خدمت صديقها ودللته كواحد من أبنائها . من جهته كان سخياً معها فيما يخص الفراش والجنس !! فضل مقابل فضل !! ... لطفُ الغزالِ وقوّة الأسدِ . لم يدمْ النعيم ُ المقيم طويلاً جداً كما خططت السيدة وكما كانت تتوقع . بدأ الملل من هذه الحياة الرتيبة يتسرب إلى نفسه . شعر أنَّ حريته منقوصة وإنه لم يعد يتحمل المزيد من الضغوط التي تحملها ورحب بها في بادئ أمره مع هذه السيدة . تجبره على إرتياد كافة الأماكن التي سبق وأن زارتها في شبابها مع هذا الصديق أو ذاك . كان يشعر بالحرج والخجل أمام الناس فلقد كان ما زال شرقياً أفغانياً محافظأ يتحاشى الظهور علناً معها أمام الملأ . ثم ، تجبره أن يتمشى مع كلبها في الصباح الباكر وفي الأماسي ليقضي حاجاته الطبيعية في الحدائق المجاورة لبيتها . وازن بين حاليه في أول أمره مع هذه الصديقة التي كانت له بمثابة الوالدة سناً ، ثم ما آل إليه الحال بعد مرور خمسة أعوام على عشرتهما العميقة . حصل على الإقامة الدائمة وتحسنت أمور عمله وإدخر مالاً ليس بالقليل فأخذ يفكر بالزواج والإستقرار في ألمانيا . كيف ينسحب من السيدة ( أورتيز ) بعد صداقة متينة دامت خمسة أعوام ما كان أحلاها ؟ لم يفكر طويلاً . فاجأها ذات يوم أن والديه في أفغانستان قررا تزويجه بصبية من الأقارب ، وإنه لا يستطيع مخالفة قرار الوالدين الكثيري التدين بالدين الإسلامي . وإنه سيطلب إجازة من شركته للسفر إلى أفغانستان لإتمام الزواج هناك ومن ثم إصطحاب عروسته معه إلى ألمانيا . صدقت المسكينة دعواه وباركت له مسعاه في الزواج وتمنت له وافر الحظ وزواجاً ناجحاً سعيداً ... تمنت كل ذلك وفي ذاكرتها زواجها الفاشل من رجل أجنبي . ثم ، قفز أمام عينيها فارق السن بينهما ، كان عمرها ضعف عمر السيد رسول تقريباً . من حقه إذاً أن يتزوج بمن يشاء وأن يُنجب كما تزوجت هي قبله وأنجبت . كانت جدَّ رحيمة معه وجدَّ طيبة . كانت في موقف شديد الحراجة والحساسية . ستواجه الوحدة ثانية ً... ستواجه معضلة إيجاد صديق جديد . أين تجده وهي إمرأة عرجاء مع ولد وبنت يكبران سريعاً فتتشعب مشاكلهما كما هو الشأن دائماً في المجتمعات الأوربية . محنة . محنة حقيقية لإمرأة في مثل حالها وظروفها ووضعها الجسدي . فضلاً عن إقترابها من سن الخمسين .
مَن سيلبي ـ بعدَ ومثل رسول ـ حاجاتها الجنسية الطبيعية بكرم وسخاء وعنفوان وبدون حساب وحدود ؟ أين تجد شاباً مماثلاً ؟ ما سيكون ثمن ذلك ؟ لن يأتيها ذلك بدون ثمن . نقود وهدايا ويبوسة أنف وتكبر وتهديد بتركها إنْ لم تنفذ هذه الطلبات . إنها بوضعها وظروفها الراهنة إمرأة ضعيفة ، أضعفتها الحياة ووضعها الجسماني وفشل زواجها الأول والأخير ثم هجر العشيق الشاب الذي طمأن كافة حاجاتها ورغائبها وخدمها بتفانٍ وإخلاص قبل أن يشعر بالملل القتال . مشكلة ستحاول حلها أو تجاوزها بشكل من الأشكال .


تموز 2007
 

¤ قصص ألمانية سوريالية 5

¤ قصص ألمانية سوريالية 4

¤ قصص ألمانية سوريالية 3

¤ قصص ألمانية سوريالية 2

¤ قصص ألمانية سوريالية 1


 

free web counter