|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  3 / 4 / 2015                                د. عدنان الظاهر                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حلف الأشرار
على مَنْ نعتبُ وهل ينفع العتبُ ؟

د. عدنان الظاهر

إدّعت ولم تزلْ تدّعي مملكة آل سعود الوهابية الشيطانية أنَّ اليمن يمثل تهديداً مباشراً للملكة ولسائر الإمارات العربية المتحدة فما هي حقيقة هذا التهديد الذي لا وجودَ له إلاّ في رؤوس الشياطين ووسواس هاجس الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي الذي انتقل إلى الجزيرة ومشيخات الخليج الفارسي بقوة عدوى جنون الحرب والنزعة المتأصلة في صلب تركيبة النظام الأمريكي الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ثم التأريخية. لليمن حدود طويلة مشتركة مع المملكة السعودية لذا تستطيع أنْ تدّعي هذه أنَّ اليمن الحالية تهدد أمنها القومي. حسناً ، ما بال مصر والسودان والأردن والمغرب حيث لا من حدود مشتركة بينها واليمن ؟ يدّعي السيد السيسي أنّ أمن مصر من أمن الخليج والعكس بالعكس. طيّب، هل شعرتَ يوماً وبحسّك العسكري الخدمي الإحترافي أنَّ ثمّةَ خطراً حقيقياً مرعباً موجّها صوب مصر من جهة إسرائيل النووية وموقعها الجغرافي إلى يمين مصر ولك معها حدود مشتركة طويلة لا أدري كم يبلغ طولها ؟ أم أنَّ إسرائيل هي شقيقة مصر التوأم بفضل معاهدة كامب ديفيد ؟ كيف يكون أمن مصر جزءاً من أمن منظومة جزيرة العرب الشاسعة المساحة ؟ فكّرْ يا سيسي قليلاً لترَ أين أنت وأين وضعتَ قدميك وفي أية هاوية نكّستَ رأسك وكل ما تحمل من خبرات عسكرية إستخباراتية وغيرها وكل ما حملت كتفاك وصدرك من نجوم وأنواط ونياشين ؟ تضرب الشعب اليمني بالطائرات من الجو وتقصف موانئه بمدافع البوارج الحربية ولم تستبعد توريط قوّاتك في حرب برّية ألا شاهت الوجوه وساءت الذمم وفسدت الضمائر.

بالأمس صرح وزير الدفاع الأمريكي السيد كارتر أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد قيام قوة عسكرية عربية مشتركة ومستعدة للتعاون معها إذا تطابقت الأهداف ! أي أنَّ أمريكا ستدخل حرباً يشنها حلف اليعاربة ضد اليمن وإيران ولكنْ في هذا التصريح إشارة تحذيرية مضمونها : يا عرب الجزيرة ويا سيسي مصر حذارِ ثم حذارِ من مس ذيل إسرائيل. يمموا سواد وجوهكم صوب الجنوب ولا تفكّروا بجارتكم الشمالية مسخ الله المُختار. هل نسيَ هذا المسؤول الأمريكي الكبير أنّ إسرائيل هي حليف غير ستراتيجي للمملكة السعودية والأردن والعديد من إمارات ومشيخات الخليج مرتبطة معها بإتفاقيات أمنية وعسكرية ؟ هل يجهل هذه الحقيقة ؟

أتصور إمكانية أو إحتمال حصول الأحداث التالية عاجلاً أو قريباً :
تبدأ حرب أعضاء ميثاق الدفاع العربي المشترك وخاصة الإمارت ضد إيران بمحاولات غزو الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى بعملية إنزال قوات بحرية مصرية وغير مصرية بمساعدة قطعات الأسطول الأمريكي البحري المنتشر في مياه الخليج. سترد إيران بالطبع وستدافع عن هذه الجُزُر. ستنقل أمريكا وإسرائيل الحرب على إيران بتوجيه ضربات جوية دقيقة محسوبة للمنشآت النووية الإيرانية والبُنى التحتية والقواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية. قد تغلق إيران مضيق هرمز وسيحتج العالم على هذه الخطوة وقد تشارك في هذه الحرب دول أخرى في مقدمتها الدول أعضاء حلف الناتو وخاصة بريطانيا وفرنسا. سيفتح حزب الله في جنوب لبنان جبهة حرب ثانية ضد إسرائيل قد يؤدي هذا إلى إشتراك قطاع غزّة في هذه الحرب بالتنسيق مع حزب الله. لا أدري إلى كم ستطول الحرب في الخليج لكنها من حيث الأساس ستبقى محصورة هناك وفوق وفي أعماق الأراضي الإيرانية وسيصيبها الكثير من الدمار. هل تكون إسرائيل والسعودية في منأى عن نيران هذه الحرب ؟ بالطبع كلاّ. ستقصف إيران بقوتها الصاروخية أهدافاً غير قليلة في داخل إسرائيل سوية مع ما سيسقط فيها من صواريخ حزب الله اللبناني. وستكون حصة مملكة آل سعود تدمير منشىآتٍ وآبار نفطية خاصة تلك التي تقابل إيران في الظهران وقريباً من سواحل الخليج. ستكون حرباً صعبة وأعداء إيران كثيرون وأنَّ مناصريها ومشاركيها في هذه الحرب هم قلّة وستكون اليمن أول ضحية تسقط بين فكي ضباع آل سعود الذين سيُعيدون عبد ربه منصور هادي إلى اليمن كرئيس للجمهورية وإنْ كانت ولايته منتهية فضلاً عن إستقالته المعروفة.

هذا بالضبط ما تريد إسرائيل وأمريكا منذُ ما قبل أزمة اليمن وحربها الأهلية الراهنة. وسيبين التاريخ فيما بعد أنَّ السعودية ومصر والأردن وباقي رعيل الشر والسوء قد تورطوا وانزلقوا في مستنقع هذه الحرب التي لم يكنْ لها أي مسوّغ سوى نزعة إسرائيل للتوسع والحرب والعدوان ونقل الشرق الأوسط الحالي إلى شرق أوسط جديد يُدين فيه لها بالخضوع التام حتى الإنبطاح تحت أقدام العنصريين النازيين الجُدد من حكام إسرائيل. معلوم أنَّ هذا المخطط هو في الأصل مخطط أمريكي معروف وقد سبق وأنْ ذاع صيته ولا من سرٍّ فيه.

نجحت أمريكا أخيراً وحليفتها إسرائيل في وضع الخليج وجزيرة العرب وجهاً لوجه أمام إيران وستكون محصلة الحرب تقسيم الغنائم مناصفة بين حلفاء هذه الحرب : الأرض والنفط والطرق المائية والبرية وطبيعي ستموّل السعودية هذه الحرب وستمد أمريكا هؤلاء بالسلاح الحديث المتطور وبكل ما من شأنه إطالة زمن الحرب.

هل فكّرت إيران بحصول مثل هذا السيناريو وهل فكّرت بجد فأعدت ما يلزم من خطط مضادة دفاعية وهجومية وهل حصنت مواقعها الحيوية وبناها التحتية ولا سيّما منشآتها النووية من مفاعلات الطاقة والبحوث الصرفة ؟ أتمنى ذلك وإلاّ سنقرأ الفاتحة على إيران وعلى الشرق الأوسط الذي عرفنا أنه شرق الآباء والأجداد.

سؤال قد يبدو ساذجاً : ما الذي منع وما زال يمنع إيران من الدخول في حلف عسكري مع روسيا لتواجه به معسكر أمريكا وإسرائيل وحلف الناتو، وخاصة تركيا، وصهاينة العرب الخونة الراكعين والساجدين لكعبة البيت الأبيض وتل أبيب ؟ كيف تواجه لوحدها جيوش ومعسكرات الشر الأكبر هذه وعالم اليوم عالم معاهدات وإتفاقيات وتحالفات ويبقى الوحيد ضعيفاً وإنْ رأى نفسه قوياً عملاقاً جبّاراً.

وماذا عن سوريا إذا مشت الأمور حسب هذا السيناريو المتخيّل ؟
إما أنْ تُترك للدواعش بشتى أسمائهم وتضاعف تركيا أعداد الإرهابيين المتسللين منها إلى سوريا ويكثّف الأردن من عمليات تدريب هؤلاء الإرهابيين وتزويدهم بالأسلحة. أو أنْ تدخل تركياً حرباً نظامية مع سوريا وطبيعي بمساعدة إسرائيل وأمريكا لأنها عضو في حلف شمال الأطلسي / الناتو.
تبدو الصورة قاتمة ومصير الشرق الأوسط أكثر جهامةً وقتامة كأنه يواجه هجمة مغولية تتاريّة جديدة أكثر وحشية وأشد خطراً.

يُخيّلُ لي أنَّ أمريكا ومعها إسرائيل وحلف الناتو تعمّدت أطالة أمد مفاوضات الملف النووي مع إيران والضغط عليها من أجل كشف المزيد من محطاتها النووية في مجالات البحوث العلمية أو توليد الطاقة الكهربائية بل وحتى دخول قواعدها العسكرية والتوقف عن إنتاج الماء الثقيل وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى الحد الذي تريده إسرائيل المدججة بالأسلحة والرؤوس النووية ووسائل حملها إلى الأهداف المرسومة.... والمزيد من الإشراف الدولي وإخضاعها لمراقبة فرق ومندوبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفيهم مخبرون متعاونون مع إسرائيل. هل طلبت إيران كشف المعاهد ومراكز البحوث النووية في معهد صوريك ومفاعلات ديمونة في صحراء النقب والقواعد العسكرية أمام لجان التحقيق الدولية وممثلي الوكالة الدولية ومقرها في العاصمة النمساوية فيينا ؟ وهل ضغطت على حلفاء إسرائيل لإجبارها على التوقيع على معاهدة حظر وإنتشار الأسلحة النووية ؟ في تقديري أنَّ إسرائيل ستستخدم أسلحتها الذرية ضد إيران إذا ما تعرضت لخسارة ودمار كبيرين ولا من أحد في الدنيا قادر على لجمها ومنعها من الإقدام على هذا الفعل الشنيع ولها في أمريكا أسوة ومثال إذْ ضربت مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين في شهر آب 1945 بالقنابل الذرية إنتقاماً من الهجوم الذي نفّذته طائرات الكاميكاز اليابانية على سفن الأسطول البحري الأمريكي الراسي في مياه " بيرل هاربور " في الشرق الأقصى.

نعم، الصورة قاتمة وقاتمة جداً.... المُدخل والبداية هو اليمن والمستهدف الرئيس والنهائي هي إيران.
 


 1.4.2015
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter