|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  1 / 12 / 2014                                د. عدنان الظاهر                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إلى السيّد سعدي يوسف

د. عدنان الظاهر

سلامٌ عليك وبعدُ /
أعرفك مؤدّباً وأحياناً خجولاً وتُجيد الإصغاء لمن يوجّهُ لك نقداً. لا تنفعلُ ولا تغضبُ وتظلُّ صبوراً حليماً وتلك خصال قلّما يتمتعُ بها غيرك وخاصة في أوساط الشعراء والمحسوبين عليهم.

لكنْ لي ملاحظات على ما قرأتُ اليوم في صحيفة " اليسار العراقي " وصلتني من الأخ صباح الموسوي صباح هذا اليوم. أُعيدُ نشرَ ما قرأتُ منسوباً لك وتحت اسمك لأناقشك وأطرح وجهات نظري فيك وفيما قد قلتَ فقد طفح الكيلُ وبلغ السيلُ الزُبى :

سعدي يوسف

مَن يخطو سَبعاً ليكونَ شيوعيّـاً ؟
أعرفُ أنّ بناتٍ يسألْنَ
وأعرفُ فتياناً سألوني
أعرفُ أيضاً أنّ شيوعيَّ غدٍ ليس شيوعيَّ الأمسِ
وإذاً … كيف يكونُ الـمرءُ شـيوعيّــاً ؟
………………..
………………..
………………..
يستمتعُ بالأشياءِ جميعاً ، لكنّ عليه ألاّ يملكَ شيئاً
…”يقرأ كارل ماركس : كتاباتٍ أولى ، ورسائلَ ، حتى يَبْلغَ ” رأسَ المالِ
في الحزبِ يظلُّ رفيقاً في قاعدةٍ ليستْ متخصِّصةً ، كي ينظرَ من فوق
يلبسُ أجملَ
يسمع موسيقى
ويغَنِّي مثلَ مغنِّي أوبرا إيطاليّ
يتعلّمُ كيفَ يفكُّ سلاحاً ( حتى لو كان مسدّسَـه ) ويُرَكِّـبُــهُ
يتعلَّمُ فنَّ الصمتِ … ويُصغي
!لا يؤمِنُ إلاّ بالشعب

لندن 03.07.2005

الآن أطلب منك أنْ تُصغي كما عهدتك بصمت وتواضع :
أتفقُ معك إبتداءً على قولك ( أنَّ شيوعيَّ غدٍ ليس شيوعيّ الأمسِ ) ولكنْ عن أيِّ شيوعيٍّ أجريتَ كلامك ومن أية ملّة وقوم وعلى أية أرض يُقيم وما يمارس على الأرض الجديدة ؟ ثمَّ : ما أنت ومن أنت اليوم فوق أراضي المملكة المتحدة وأنت دائم الإدعاء أنك الشيوعي الأخير فهل أنت اليوم ما كنتَ بالأمس أم أنك شيوعي آخر غير ذاك الذي كنتَ ؟ ما الفرق فيما بينكما ؟ ما دليل شيوعيتك وقد وضعتَ أنتَ مواصفات الشيوعي الذي تريد : (( يستمتعُ بالأشياءِ جميعاً لكنَّ عليهِ ألّا يملكَ شيئا )) ...

كلام جميل فيه شئ من مبادئ وأسس الماركسية في حقبة الشيوعية [ من كلٍّ حسب قدرته ولكلٍّ حسب حاجته ] لكنَّ هذه تتطلب من المواطن البطران الذي يحتسي النبيذ ويمارس الحب مع البنات ويجالس الصعاليك في بعض الحانات .. تتطلب منه تقديم شئ ما لمجتمعه لا أنْ يظلَّ عالة طفيلياً عليه وهذا هو حالك اليوم في بريطانيا حيث تتمتع بالمعونة الإجتماعية الشهرية المخصصة للعجزة والعاطلين عن العمل ولا تقدم شيئاً للبريطانيين فأيُّ شيوعي هذا يا سعدي يوسف ؟ أنت عالة على الشعب البريطاني وأنت كَلٌّ على مولاك. عيب يا أبا حيدر.

ليس من حق أحدٍ التدخل في صلب شؤونك الشخصية تشربُ ما تشربُ وتعاشر من تعاشر وتفكر كيفما شئتَ ولكنْ حين تقول الكلام الذي نقلتُ عنك تنفتح الأبوابُ جميعاً للدخول إلى عالمك الشخصي وتدور عليك الدوائر فأين المفر ؟

كان معك في بريطانيا ،وما زال البعض منهم أحياءً يُرزقون، شيوعيون قادة سابقون لم يبقَ فيهم من شيوعياتهم السابقة شئ وهذا في نظري أمر طبيعي إذْ يفقد الشيوعي ما كان فيه حين يغادر وطنه مُجبراً لهذا السبب أو ذاك. الشيوعي العراقي شيوعي على أرض العراق يعمل في صفوف العمال والكسبة والموظفين والفلاحين ويُسجن بسبب ذلك أو يُعذّب وقد يُقتل ولكنْ على أرض عراقية فالشيوعية دمٌ معجونٌ بتربة الوطن وليس بأية تربة أخرى. الشيوعي خارج وطنه يبقى شيوعياً سائحاً مهما طالت فترة إقامته على الأرض الغريبة.

هل لاحقتك الشرطة البريطانية بسبب دعاواك أنك الشيوعي الأخير كما قال شاعرٌ قبلك بقرون [وإني وإنْ كنتُ الأخيرَ زمانه // لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ] ؟ هل أتيتَ بجديد وهل اجترحتَ المعجزات شخصاً أو شاعراً وقد فاتك زمان وقطار الشعر منذ عقود ؟ أتتذكر نصيحتي لك في ستوكهولم أوائل شهر مايس عام 2001 في ساعة الفطور الصباحي أنْ تتقاعد فالمسرح الشعري اليوم مُعدٌّ وممهد لشباب قصيدة النثر ؟ لم تعلّقْ حينذاك ولم تعتبْ أو تغضبْ وهذه خصلة أحترمها فيك يا سعدي.

بصراحة ـ وما دمتَ حريصاً بُكرةً وعشيّا على القول أو الإدّعاء أنك الشيوعي الأخير ـ والشيوعي صبورٌ حَمولٌ يتقبل النقد وسماع صوت الحقيقة ـ فتقبّلْ رأيي فيك كشاعر :
منذ ديوانك الأول " 51 قصيدة " لم أجدك شاعراً يمكن مقارنته بمن عاصرتَ أنتَ وعاصرتُ أنا من شعراء كالسياب والبياتي وبلند الحيدري ثم نزار قباني. لم تكنْ أبداً واحداً بينهم وبقيتَ دونهم من حيث نوع ومستوى وعمق الشاعرية. بلى، لغتك سليمة وجميلة وأسلوبك متميّز لكني أتكلم عن شاعرية الشاعر وهنا بالضبط أجد العيب والنقص فيك كشاعر. سألني صديق عنك في لندن ذات يوم قلتُ له على الفور أجد سعدي يوسف بين شعراء المستوى أو الطبقة الثالثة وما زلتُ عند رأيي ذاك ومنذ ديوانك المطبوع الأول. لم تتميز، كباقي الشعراء المعروفين، بقصيدة واحدة يحفظها ويرددها الناس ولم تتركْ أشعارُكَ فينا أيَّ أثرٍ نعتزُّ به ونستشهدُ أو نترنمُ به في خلواتنا ومع أنفسنا. لا أظلمك أخي سعدي لكنْ هذا أنت وهذا حظك من الشعر بين الشعراء.

أعود لأناقش ما قلتَ في مطلع قصيدتك التي اقتبستُ فهل حقاً أنك شيوعي تتمتع بكل شئ لكنك لا تملك شيئاً ؟ أنت تكذب إذاً .. لأنك تملك بيتاً وحديقة واسعة في ضواحي لندن وتحت تصرفك مخصصات الضمان الإجتماعي هناك وتسافر وتنفق بسخاء على كؤوس البيرة والنبيذ. أما شأنك مع الملابس عامةً ومع ما ترتدي فذاك أمر ذو شجون وقد يستدعي بعض الشفقة عليك! قلتَ عن الشيوعي [إنه يلبسُ أجمل] فهل أنت هذا الشيوعي ؟ رأيتك في السويد ولم أزلْ أتذكر ما كنتَ ترتدي فجزعتُ على نفسي ثم جزعتُ عليك !

ثم ـ ما زال الحديث بيننا ـ هل قرأتَ رأس المال الذي ذكرتَ فيما اقتبستُ وهل فهمتَ ما جاء فيه ؟ إنك تركتَ القراءة منذ أنْ تركتَ البصرةَ والعراق وصحيفة طريق الشعب.

مع اعتذاري منك ومن محبيك ومن أولئك الذين أعطوك جوائزَ ثم سحبوا منك قيمتها التشريفية وأبقوا لك قيمتها النقدية .


 07.09.2014


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter