|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  9 / 11 / 2012                               عباس العزاوي                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ايمان صدام وعقال الهاشمي

عباس العزاوي
(موقع الناس)

عندما هرب وزير الخارجية العراقي السابق ناجي صبري الى سوريا قبيل السقوط بايام , اعتمر الكوفية والعقال في رحلة الهروب , مع انه انيق جداً بالبدلة الرسمية ,ارتدى ايضا اغلب قياديي البعث الازياء العربية التي يمتاز بها الشعب العراقي ,عندما سقطوا بيد الامريكان واودعوا السجن!, فقد تحول اغلب الساسة الى ابناء عشائر يؤمنون بالتراث العراقي وملابسه المتميزة رغم هجرانهم لها طوال فترة حكمهم!! فما هو السبب الحقيقي لهذا ؟ وهل له ارتباط بسقوط حكمهم الدموي وذهاب سطوتهم وجبروتهم الفارغة ؟ ايّ العودة للماضي بعد الفشل الذريع في قيادة البلاد, ام هو تحشيد للرأي العام البدوي في دول الجوار؟ لنصرة هذا الرجل العربي المهان ـ على يد الشيعة والاكراد ـ ومن ورائهم الاحتلال الاجنبي!!.

تأبط صدام حسين القران الكريم منذ اليوم الاول لمحاكمته, في حركة متشابه في مضمونها لفكرة أرتداء الملابس التقليدية , فهل كانت للتبرك بالكتاب المقدس عند المسلمين؟ ام مجرد مادة اعلامية يستنهض بها همم المغفلين والحاقدين لنصرة هذا العبد الصالح (القائد السني) ؟ هذا ليس افتراء مني فقد اكدها الرنتيسي القيادي الفلسطيني عندما سألته مذيعة قناة العربية , عن اسباب عدم مقاومة صدام للجنود الامريكان ساعة اعتقاله او حتى محاولة الانتحار بدل الاستسلام المُذل , قال الرنتيسي بالحرف الواحد " صدام لاينتحر لانه قائد اسلامي"!! اذن حمْل الكتاب المقدس او ارتداء ازياء معينة لم يعتد عليها الناس وفي ظروف خاصة تحمل معاني ودلالات كثيرة, يفهمها ويتلقفها الحمقى والطائفيون عبر وسائل الاعلام ليتسابقوا بتفخيخ انفسهم من اجل نصرة هذا " البطل العربي الاسلامي" ونيل شرف الموت تحت لواءه .

في زيارة الارهابي طارق الهاشمي للسعودية قبل ايام لأداء مراسيم التآمر الطائفي ضد العراق, حدث شئ مشابه ,ولكن بعد صدور حكم الاعدام هذه المرة , فقد اعتمر الرجل الكوفية والعقال ايضا!! مع انه ابن الاعظمية , وراح يطالب في لقاء صحفي بأقليم سني يحمي القتلة من امثاله , ويناشد الدول العربية التدخل لانقاذ العراق!! والسؤال هو: لماذا ينقلب السياسي الافندي بعد فشله وسقوطه سياسياً واخلاقياً الى رجل عشائري يقدس الزي العربي؟ ويبدأ العزف المنفرد على اوتار وانغام معينة!.

الكثير من الناس لايعودوا لرشدهم او يكفوا عن ممارساتهم الخاطئة بحق الاخرين الا بعد ان يصابوا بمرض خطير او تحل عليهم مصيبة او ان يسجنوا , فترى علائم التقوى تتلألأ في جباههم والسبحة لاتفارقهم ابداً, ويتهافتون لقراءة الكتب الدينية لترسيخ دعائم الايمان في نفوسهم, ولكن بعد الافراج عنهم او زوال مسببات يقظتهم , فلسان حالهم يقول ,هذا فراق بيني وبينكم ,الا في حالات نادره تصمد التوبة الى الموت! لكن القضية مع صدام لم تشمل التوبة عما اقترفت يداه طوال سنين حكمه, فالتوبة والندم لم يخامرا قلبه الاسود مطلقاً , بل العكس تماماً , كان المقبور فخوراً بما فعل بالشعب العراقي , وبعد ان امِن السحل بالشوارع والاعدام الفوري , راح يخطب بنا من جديد!! فقد منحته الديمقراطية والحرية فرصة ذهبية لايحلم بها للجعجعة عبر الفضائيات! اذن هذه الممارسة المكشوفة كانت لاغراض اخرى غير التقوى الطافحة والتوبة عن الذنوب! بل كانت رسالة واضحة المقاصد , لان الرجل المؤمن لايحتاج ان يحمل كتابه المقدس بين يديه امام الكاميرات ولا ان يصلي بحضور الاعلام ليوحي بفكرة ما.

كما لايحتاج الهاشمي ارتداء الزي العربي التقليدي كي يزور السعودية والان تحديداً بعد صدور حكم اعدام ثالث بحقه , فقد زارها من قبل ببدلته الرسمية , فايّ رسالة كان يريد ايصالها لاتباعة وناخبيه ؟ باطلالته الاخيرة من خلال الاعلام!! , وهل سينجح بخلق تعاطف شعبي معه في الشارع السني او حتى العربي لاسيما وهو يتباكى بمرارة على حقوقهم (المهضومة).




9.11.2012


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter