| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                           الأثنين 17/12/ 2012

 

لماذا رفض الفلسطينيون .. القرار الدولي رقم 181...؟؟
(2) الأخير

علي ألأسدي

لقد كان من الطبيعي أن لا نتوقع من ممثلي فلسطين في الأمم المتحدة أو ممثلي بقية الدول العربية برغم عمالة أكثرها لبريطانيا اعلان موافقتهم على قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947.

بل حتى الرئيس ترومان حاول التراجع عن موافقة بلاده على قرار التقسيم بعد أن انفجرت اعمال العنف بين المستوطنين والفلسطينيين ، لكن مالبث ان عدل عن ذلك فيما بعد تحت ضغوط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة. كما أن قيام دولة في اسرائيل لم تحظى بتأييده أول الأمر ، وبعد الضغط الصهيوني اضطر للتراجع عن موقفه أيضا وأيد فكرة قيام دولة اسرائيل. ويذكر أن عددا من مستشاريه ومساعديه بقوا معارضين لقيام دولة اسرائيل ، ومنهم :

.Dean Rusk , Dean Acheson , George Marshal , Jems Forrestal

واعتقد أن الحادثة التي أودت بحياة دين أجيسون وزير الخارجية حينها لم تكن حادثا عرضية ، بل مدبرة لاقصائه من التأثير على الرئيس ترومان الذي كان على صلة قوية به ويعتمد عليه في الكثير من صياغة قراراته السياسية.

ومع انتهاء الوصاية البريطانية في صباح 15 \ 5 \ 1948 واعلان قيام دولة اسرائيل يكون أكثر الفلسطينيين من مواطني فلسطين الأصليين قد طردوا من أكثر الأراضي التي هيمن عليها اليهود بقوة السلاح ، وأصبحوا وفق منظمة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للامم المتحدة اعتبارهم لاجئين UNRWA .

ومع أن صيغة قرار التقسيم قد اعتمد الخريطة الاسرائيلية المستقبلية لفلسطين التي ضمنت لها تحقيق أقصى رغباتها وأكثرها أهمية ، لكنها رفضت القرار الدولي رقم 181. لقد كان الهدف من وراء رفض القرار واضحا ، فهي تسعى لاحتلال كل فلسطين ولا تكتفي بما حصلت عليه. وهذه هي أسباب رفض اسرائيل للقرار رقم 181 كما أراها :

أولا : التنصل من الالتزام بحدود دائمة لاسرائيل.

ثانيا : رفض الأمم المتحدة طلب اسرائيل أن تكون القدس عاصمة لدولة اسرائيل وهي مصرة على ضمها اليها.

ثالثا : ان رئيس الوزراء الاسرائيلي حينها ديفيد بن غوريون كان قد خطط لخوض حروب مع الفلسطينيين مستقبلا يستولي خلالها على اراضي جديدة لتوسيع مساحة الدولة اليهودية ، ولذلك لم يكن يرغب باعتراف دولي بحدود دائمة معترف بها.

وبالفعل حصلت اسرايل في حرب 1948 على 40% من أراضي الفلسطينيين التي تضمنها قرار التقسيم علما بأن جزء كبيرا من تلك الأراضي الجديدة قد حصلت عليها الحكومة الاسرائيلية بالتواطؤ مع ملك الأردن حينه. أما القدس فهي تزحف ببطء وأحيانا تتسابق مع الوقت لطرد الفلسطينيين منها ، وهي الآن تحتل ثلاثة أرباع مدينة القدس ، بينما تضغط حتى الموت على الفلسطينيين سكان الربع المتبقي في القدس الشرقية لمغادرتها بأي ثمن وبأسرع وقت.

لكن لماذا تفعل اسرائيل كل ذلك ، فهي منذ تاسيها عام 1948 تستولي على اراضي الفلسطينيين الذين اعترفت لهم هيئة الأمم المتحدة بها ، وهي تفعل ذلك رغم معارضة هيئة الأمم المتحدة على ذلك الاستيلاء..؟

الولايات المتحدة وهي الدولة الأقوى في العالم لم تقم بالاستيلاء على جزء من أراضي المكسيك أو كندا أو من دول أمريكا الجنوبية وهي قادرة على ذلك في أي وقت لو أرادت.

بينما تفعل اسرائيل ذلك دون توقف.

لم تقم ايطاليا باقتطاع اراضي من سيويسرا ، ولم تقم سويسرا بالاستيلاء على اللوكسمبرغ و ضمها اليها.

لكن اسرائيل تقوم بذلك دون حرج.

أهو الجشع اليهودي الذي عرفوا به عبر التاريخ ، فقد اشتهروا بالجشع نحو المال والثراء ، لكن ألا يشعروا بالاشباع ، فحتى الحيوانات تشعر بالاشباع ، الأسد اذا شبع لا يهاجم حتى حملا صغيرا.. فكيف ببشر يدعون التحضر..؟

ألا يريدون العيش بسلام ورخاء لضمان الأمن لعائلاتهم وأطفالهم.. ؟؟

أيظلون يعيشون تحت طائلة الخوف من الصواريخ والعدوان من جيرانهم..؟ فهي تستطيع ضمان سلام دائم لشعبها اذا اعترفت بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني فلماذا ترفض السلام وتختار الحرب ..؟

انها أسئلة مشروعة من مواطن لا يحمل أية كراهية للشعب اليهودي أوجهها الى أي مواطن يهودي في اسرائيل أو خارجها.

قبل حوالي 65 عاما حذر عالم الفيزياء الأمريكي البيرت اينشتاين من الخطر الفاشي وتصاعد العنصرية والارهاب والتعصب الديني بين أعضاء قيادة الدولة التي تم انشاءها اسرائيل.

لقد وجه البيرت أينشتاين وأكثر من عشرين من ابرز الاساتذة الجامعيين والمثقفين اليهود رسالة الى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عبر صحيفة نيورك تايمز الواسعة الانتشار محليا وعالميا عبروا فيها عن مخاوفهم تلك. كان ذلك في عام 1948 ، وها نحن في العام 2012 ، فما الذي تغير من طبيعة تلك الدولة الاسرائيلية ومن شوفينية وعنصرية أحزابها و أعضاء حكومتها..؟

لقد ترجمت الرسالة المذكورة من الانكليزية لأتيح للقراء الأعزاء الفرصة ليقارنوا بانفسهم بين فاشية حكومة اسرائيل حينها وفاشية اسرائيل اليوم. وسيكون لي طبعا رأيي الخاص في نهاية الرسالة. وقد جاء في الرسالة :

من المظاهر المقلقة في وقتنا الحالي هو ظهور الدولة الاسرائيلية الجديدة وعلى رأسها حزب الحرية Hahuat Hahecrut " " التي تشابه طرقه وفلسفته السياسية والاجتماعية النازية والفاشية. لقد تشكل الحزب من اعضاء وتابعين من الجماعات اليمينية الارهابية والشوفينية في فلسطين. انه من غير المعقول ان أولئك الذين يعارضون الفاشية في العالم واذا كانوا على علم بسجل بيغن السياسي واهدافه أن يضعوا اسمائهم في قائمة المؤيدين لحركته.

وقبل حصول الخراب الغير قابل للاصلاح والدعم المالي الذي سيناله من المتبرعين يجب أن يكون الراي العام على علم بالخلفية السياسية لبيغن وما يمكن أن يحدثه الدعم المالي الامريكي للفاشية في اسرائيل فهم يتحدثون عن الحرية والديمقراطية وضد الامبريالية في حين يسعون لاقامة دولة فاشية.

المثال الفظيع عن تصرفاتهم هو ما قاموا به في دير ياسين هذه القرية كانت محاطة بأراضي يهود. لم يقوموا بدور في الحرب ، بل دافعوا عن العرب عندما اراد الفاشست جعلها قاعدة لهم. في 9\4\1948 هاجم الارهابيون تلك القرية المسالمة التي لم تكن هدفا عسكريا في القتال فقتلوا أكثر سكانها وعددهم 240 رجلا وامراة واطفالا ، واحتفظوا بالبعض منهم كأسرى والاستعراض بهم في الشوارع.

اكثر السكان اليهود الفلسطينيون الأصلاء صدموا لما حصل واحتجوا ، وقد أرسلت المنظمة الصهيونية برقية اعتذار الى الملك عبدلله ملك الأردن حينها ، لكن الارهابيين أبعد ما يكونون عن الخجل من تلك الأفعال. لقد تفاخروا بالمذبحة وساعدوا على نشرها بشكل واسع ودعوا ممثلي الصحافة اللذين كانوا هناك ليطلعوا باعينهم على ما حصل.

حادثة دير ياسين أثبتت بالفعل أهداف وسمات حزب الحرية الذي نشر داخل المجتمع اليهودي الشعور القومي المتطرف والمشاعر الدينية المتعالية والتفوق تماما مثل الأحزاب الفاشية ، ووقفوا ضد اتحادات العمال وكسروا اضراباتهم بالقوة ، وضد قيام النقابات الحرة ، وشجعوا على قيام نقابات متعاونة معهم على النمط الايطالي الفاشي.

في السنة الأخيرة من وجود البريطانيين قاموا بموجة من الأعمال الارهابية في المجتمع الفلسطيني واليهودي. المعلمون في المدارس تعرضوا للضرب لأنهم احتجوا عليهم ، الكبار الذين منعوا أطفالهم من اللعب مع أطفال الارهابيين قتلوا في الحال. كانت العصابات الارهابية تجوب الشوارع وتهشم النوافذ ، وتضرب الناس وتنهب السكان للاهانة والاذلال اذا لم يقدموا الدعم المالي والتأييد لهم.

لذلك فان الموقعين على هذه الرسالة يستعينون بهذه الوسيلة الاعلامية لتبيان بعض الحقائق ذات العلاقة بمناحيم بيغن وحزبه ، ويحثون كل ذوي العلاقة بعدم تقديم الدعم لهذه الظاهرة الفاشية.

هذه كانت رسالة اينشتاين الى العالم عام 1948 ، وقد مرت عليها خمسة وستون عاما ، هو بالضبط عمر دولة اسرائيل. لنتمعن جيدا في الخطوط العريضة لتلك الرسالة ، وبعد النظر الذي عبرت عنه وجهة نظر عالم الفزياء ، ونتساءل فيما اذا حصل أي تغير في تركيبة وسياسة حكومة اسرائيل يختلف عن رؤية أينشتاين التي حددها في عام 1948..؟

عند المقارنة بين اسرائيل عام 1948 واسرائيل عام 2012 ، لا أجد غير اجابة واحدة " أن لاشيئ تغير الى الأفضل مطلقا ، بل التغيير يتطور من سيء الى أسوء. " لقد حذر اينشتاين حينها من حزب الحرية وزعيمه مناحيم بيغن بقوله : " من المظاهر المقلقة في وقتنا الحالي هو ظهور الدولة الاسرائيلية الجديدة وعلى رأسها حزب الحرية التي تشابه طرقه وفلسفته السياسية والاجتماعية النازية والفاشية. لقد تشكل الحزب من اعضاء وتابعين من الجماعات اليمينية الارهابية والشوفينية في فلسطين. "

فلو شطبنا اسم بيغن وحزبه من رسالة أينشتاين ووضعنا مكانه " نتينياهو و ليبيرمان وحزبيهما " اللذان يقودان الحكومة الاسرائيلية اليوم فإن الصورة تبدو اكثر مأساوية من الوضع الذي كتب انشتاين رسالته تلك. خمسة وستون عاما مرت على قيام نموذج دولة فاشية ، وما زالت لحد اليوم دولة فاشية ، فمتى يستفيق مواطنيها لتعديل مسار سفينة تبحر في الاتجاه الخاطئ..؟

فنحن على ابواب انتخابات اسرائيلية جديدة وكل التوقعات تشير الى عودة الائتلاف الحالي بزعامة نتنياهو وليبيرمان المعروف بفاشية توجهاته تجاه الفلسطينيين.

ليبيرمان قد هدد أكثر من مرة باستخدام السلاح النووي ضد المقاومة في غزة ، وبنقل مليون ونصف فلسطيني \اسرائيلي يحملون الجنسية الاسرائيلية الى غزة والضفة الغربية لتحقيق دولة العنصر اليهودي الخالص ، وبأن تكون اسرائيل نظيفة من العنصر العربي .

ما نراه في حكومة اسرائيل اليوم أنها اكثر فاشية مما كانت عليه حكومة بيغن عام 1948. الاسرائيليون يستعدون لحروب لا حربا واحدة ، فحربهم لم تنتهي مع الفلسطينيين الاسرائيليين داخل اسرائيل ، ولا مع فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولا مع فلسطينيي المهاجر الذين ينتظرون منذ أكثر من 65 عاما للعودة الى وطنهم. والاسرائيليون منخرطون حاليا في حرب عصابات في سوريا ، وأخرى متوقعة مع حزب الله في لبنان. ويتهيئون لحرب أوسع وأخطر مع ايران ، برغم عدم وجود مشاكل بينهما ، فلا حدود مشتركة برية أو بحرية ولا مشاكل اقتصادية ، لأنها لا ترتبط بعلاقات اقتصادية مع ايران منذ ثورة أيران الاسلامية.

مصلحة الشعب الاسرائيلي تكمن في السلام مع العرب وشعوب المنطقة ، والتاريخ يشهد بذلك ، فمثال ألمانيا النازية واليابان وايطاليا الفاشيتان ما زال حيا في الذاكرة وما على القادة الاسرائيليين الا اعادة قراءته واستيعاب دروسه.


لمزيد من الاطلاع يراجع :

1-Salim Nazzal, " Roots of Hatred in Zionist Ideology ", AL Ahram, 26\2\2009

2-Albert Einsteins , " Letter to The New York Times " 12\2\ 1948. The Hyper Texts (signed)
ISIDORE ABRAMOWITZ, HANNAH ARENDT, ABRAHAM BRICK, RABBI JESSURUN CARDOZO, ALBERT EINSTEIN, HERMAN EISEN, M.D., HAYIM FINEMAN, M. GALLEN, M.D., H.H. HARRIS, ZELIG S. HARRIS, SIDNEY HOOK, FRED KARUSH, BRURIA KAUFMAN, IRMA L. LINDHEIM, NACHMAN MAISEL, SYMOUR MELMAN, MYER D. MENDELSON, M.D., HARRY M. ORLINSKY, SAMUEL PITLICK, FRITZ ROHRLICH, LOUIS P. ROCKER, RUTH SAGER, ITZHAK SANKOWSKY, I.J. SCHOENBERG, SAMUEL SHUMAN, M. ZNGER, IRMA WOLPE, STEFAN WOLPE

New York, Dec. 2, 1948

3-Stephen Lendmen, A Review of Ilan Pape : " Ethnic Cleansing of Palestinians or, Democratic Israel at Work ". 7\2\2007

4- Gideon Levy, Haaretz, 12 \5 \ 2011

5- Salim Nazzal, Palestine Chronical.com

 

لماذا رفض الفلسطينيون .. القرار الدولي رقم 181...؟؟ (1)

free web counter