| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الثلاثاء 31/10/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

اي حزب يريدون ...؟


علي عرمش شوكت - لندن

كانت خطوة الحزب الشيوعي العراقي بطرح وثائق مؤتمره الثامن المزمع عقده قريبا ، قد اثارت اعجاب النخب المثقفة كونها عبرت عن ممارسة ديمقراطية لم يسبق ان مارسها حزب سياسي عراقي اخر ، وفي ذات الوقت حركت جدلا واسعا حول ما تضمنته من طروحات فكرية وسياسية نوعية ومتقدمة، فكتب العديد من المهتمين مواضيع نقد وفحص وتدقيق لتلك الوثائق ، وكان من اهم ما تابعته هي الكتابات التي انطوت على دعوات لتغيير اسم الحزب وتغيير هويته الفكرية ، ولست هنا بصدد الرد عليها بقدر ما اود المشاركة في هذا الجدل الساخن .
ولهذا لابد من القول ان هذه الدعوات لايشك بدوافعها وهي مخلصة ، غير ان اصحابها لم يحالفهم التعبير للكشف عن نواياهم الطيبة ، بل سار بعضهم برؤية مفعمة بعشو سياسي وفكري مع الاسف ، كما اندفع البعض الاخر ليحصل على (الريادة ) حين يبادرلركوب موجة التغيير كما يظن ، غير انهم جميعا لم يوفروا لدعواتهم اي نصيب من المسوغات المقنعة ، انما تجاوزوا دون ادنى اي تحفظ على حقوق اعضاء الحزب الذين يحق لهم وحدهم القيام بتغيير اسم الحزب او تغيير هويته الفكرية ، نقول ذلك لان الدعوات المذكورة انطلقت على الاغلب من خارج صفوف الحزب لكونها مصابة بالضمر الشديد في داخله ، ما عدا مرة واحدة كانت طرحت في المؤتمر الخامس عام 1993 ولم يصطف معها الا خمسة رفاق فقط ، مع ان الذي طرحها هو رفيق مقدام و محبوب ومن اخلص الرفاق لمبادئ الحزب واهدافه ، وهو الرفيق ( جاسم الحلوائي ) ، ان اصحاب الدعوات هذه كان عليهم من باب اولى ان يبادروا  لتأسيس حزب بالمواصفات التي يريدونها، اي حزب ليس له اسم او هوية شيوعية لكي لايصيبهم مكروه من جراء قربهم من هذا الاسم ، ولا يتوجهوا الى الحزب الشيوعي ويحملونه هذه المهمة التي لايجني منها غيرالوقوع في الاسر الدائم اذا لم يكن في القبر الدائم ، حيث انهم جانبوا الصواب عندما طالبوا الحزب الشيوعي بأن يتخلى عن شكله وعن مضمونه ويصبح ( طليعة ) لليسار العراقي !! فهل يمكن لحزب يتجرد من مبادئه ومن رصيده النضالي بجرة قلم استجابة لدعوات عائمة ان يصبح حزبا طليعيا ؟ !.
ان هذه الدعوات ليست بالجديدة فقد طرحت في الماضي وكان اخطرها في شهر اب عام 1964 وكانت تهدف الى حل الحزب والدخول في الاتحاد الاشتراكي ، وكان رد الفعل حولها قويا ، فأعتبرت من قبل اغلبية اعضاء الحزب نهجا يمينيا تصفويا مما ادى الى انطلاق شظايا من تنظيمات الحزب على شكل انشقاقات صغيرة يسارية النزعة ، مثل ما سميت ب (اللجنة الثورية ) المرحوم المقدم سليم الفخري ، و(خط حسين ) الشهيد خالد احمد زكي ، و( الكادر المتقدم ) الشهيد امين الخيون ، ووصلت تداعياتها الى عام 1967 حيث حصل ما سمي بانشقاق القيادة المركزية ، وكانت كل تلك التكتلات و التداعيات تلتقي بقاسم مشترك واحد وهو اضعاف الحزب وتعطيل دوره ، كما انها جميعا حل بها الفشل الذريع الذي كان احد اسبابه تخلي اغلب الكوادر الملتحقين بهذه التكتلات والعودة الى احضان الحزب ، هذا شيئ من التاريخ لعلنا نذكر فيه اصحاب هذه الدعوات ، وان يعلموا بأن نصيب دعواتهم في داخل صفوف الحزب ضعيف جدا ، سواء كان ذلك في الماضي ام حاضرا .
ان الدعوة لتشكيل حزب يساري ديمقراطي وربما ليبرالي ليس بديلا عن الحزب الشيوعي العراقي بل رديفا وحليفا له هي خطوة هامة ، و ما احوج التيار الديمقراطي العراقي اليها، وتعتبر الاكثر واقعية من تلك التي تهدف الى تشكيل مثل هذا الحزب على انقاض الحزب الشيوعي كما يتصور اصحابها ،والتي لاشك انها ستخلخل ثبات التيار الديمقراطي برمته امام المد الديني الطارئ على الوضع في العراق ، وبدلا من ان تتقادم هممهم ويأكلها الصدأ وهم في حالة ترقب لاطائل منه ، عليهم حزم امرهم وتحقيق ما يصبون اليه ، والكف عن محاولتهم بالقاء مهمتهم هذه على عاتق الحزب الشيوعي ، ارجو الا اكون قاسيا مع اصحاب تلك الدعوات، ولا شك اني احترم حقهم في ابدائها ، ان لهم مبرراتهم التي تشكل دعائم لطروحاتهم ، غير اننا لانراها مقنعة ومبررة ، ومع هذا تبقى وجهات نظرهم جديرة بالاهتمام ، وهي تتلخص بان المتغيرات التي حصلت في العراق وفي العالم تقتضي ان يغير الحزب اسمه وهويته الفكرية لكي تنسجم مع تلك المتغيرات ، ولكن فاتهم ان يعلموا بان كل ما جرى من مخلفات النظام الدكتاتوري في العراق وانعكاس اثاره على وضع الحزب ما هو الا حصيلة مد سرعان ما ينحسر ولا تبقى سوى الحقائق الثابتة التي ستجعلنا مضطرين يوما ما الى التراجع اذا ما قمنا بالتغييرات ، وذلك استجابة لنواميس الحياة المتحركة المتطورة نحو الافضل على الدوام ، واستجابة ايضا لحالة الانحسارالتي ستحصل وفقا لقانون المد والجزر ، وحينها سنجد مسيرة الحزب قد امست متأرجحة وعائمة فوق سطح الاحداث الساخنة التي تعتمل في البلاد ، والتي من يقف امامها من دون رؤية ثاقبة وقدرة على استشراف ما سيحصل سيجرفه زخمها العارم نحو الزوايا الميتة قطعا ، فتصوروا اي حزب يريدون ؟! ، فهل يليق ذلك بمثل الحزب الشيوعي العراقي صاحب النظرية العلمية والكفاءة السياسية العالية ؟ ، اذن ليس لاحد الحق ان يقرر ذلك سوى الارادة المطلقة لاعضاء الحزب الذين قدموا اعمارهم ، كما قدم الالاف منهم ارواحهم شهداءا في سبيل بقاء هذا الحزب في عليائه وفي مكانته المرموق بين جماهيره وبين قوى شعبنا الواعية .

 مساهمة أخرى للكاتب :

ملاحظات ومقترحات حول مشروعي البرنامج والنظام الداخلي

اسم الحزب الشيوعي العراقي .. التغيير ام التطوير ؟