|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  14 / 8  / 2024                                علي عرمش شوكت                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 التريّث الايراني للرد على اسرائيل يدخل في حساب توازن القوى

علي عرمش شوكت
(موقع الناس)

يبدو ان مواسم الحروب الشرق اوسطية قد اخذت تعصف زوابعها، وبطبعها تجري على نحو ثأري، صارفة النظرعن التكلفة المادية والبشرية و التعايش السلمي بين الشعوب. والكل يدرك مثل هذه الكلفة وبخاصة الحياتية منها على وجه التعيين، وماهي مخلفاتها على كافة الاصعدة.. لاشك ان متبنيات هذه الصراعات في بلدان الشرق هي على الاغلب الاعم بالانابة عن دول الغرب الاستعمارية، التي ما زالت تقبض بتلابيب حكام بلداننا بقوة حتى وان تم تبديلهم بهذا الشكل او ذاك، لتصنع منهم صناع محارق وخراب، لكي تبقى شعوبنا متخلفة دوماً قابلة للسيطرة قليلة الكلفة.

حروب اليوم ليست بحاجة لكي توصف بأنها نزاعات حدودية معتادة، كالتي تحصل بين الاونة والاخرى.. فلا تنعدم القناعة لدي شعوب الشرق كافة بعدم وجود مقاومة بهذا المستوى او ذاك، غايتها كنس مخلفات الهيمنة الاستعمارية القديمة المتمثلة بوجود الكيان الصهيوني وتبعاته. ولعلنا نكون في غاية حسن التعبير عن حقوق شعوبنا المكافحة عندما نذهب الى رفع همة الكفاح الوطني وارساء العدالة الاجتماعية في داخل بلداننا المبتلية بانظمة ظالمة، لغاية طرد السرّاق الفاسدين في الداخل والطامعين من الخارج على حد سواء. غير ان اليوم تواجهنا حروب انفلات القطب الواحد الاستعماري.. المتجلية في الحرب القائمة بين ايران والغرب وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية، التي تتبنى ترسيخ صنيعتها الكيان الصهيوني، وكبح جماح ايران الماضية نحو بناء منهج امتلاك السلاح النووي، بمعنى خارج طوق التبعية للغرب. الذي ينطوي على محاذير محسوبة للوجود الاسرائيلي المتغلغل حتى في الضواحي والخواصر.

مؤخراً سخنت حدة الصراع الى مستويات تغلب عليه الوجهة التصاعدية مبعثها العدوان الاسرائيلي الاجرامي في غزة المتوسع نحو ايران بشراسة وبعنجهية خارقة، كأن اسرائيل تريد القول اللعب يحلو لها عندما تخلو الساحة ما عداها طبعاً. ويشاهد في متعرجاتها هذه الساحة، بروز التغول في المنهج العدواني، الذي لا يفهم منه سوى ابتزاز ايران لسحبها اما لحرب مدمرة او انفكاكها عن تحالفها مع روسيا. وبالمناسبة ان تصاعد الحرب الروسية الاوكرنيا قد تفاقم غداة انتظار الرد الايراني على جريمة اغتيال " اسماعيل هنية.

لا شك ان الامر متصل في حساب معين بأن ايران مقيّدة للدعم الروسي الذي هو الاخر مقيّد بحربه مع اوكرانيا الى حد ما، مما لن يتسنى لايران ان ترد دون حسابات قوة الظهير المجرب.. ومن جهة الدعم الامريكي او الغربي وبحشودهم الجرارة لدعم اسرائيل. يدلل على ادراكهم بان الرد الايراني اذا ما حصل بعد استكمال متطلباته، سيرجع الكيان الصهيوني الى حالة الهجرة المعاكسة ويفرغه من المستوطنين الذين لم يتوانوا حتى انتشر الاف منهم في انحاء عديدة من اوربا على طريقة خرج ولم يعد . وهذا يعني بداية النهاية.

وفي طية اخرى من المواجهة يحاولون استفزاز ايران ودفعها لكي ترد قبل التمكن من استعدادها للرد ولتكرار الرد في سجال الصواريخ القائم. غايتهم جعل ضرباتها " بالريش " كما يقال، وبالتالي تكون الضربة القاضية لصالح اسرائيل. وفي هذا المسعى يشيعون بان اسرائيل ستقوم بضربة استباقية الهدف منها استفزاز ايران ايضاً لكي تنزلق بعجالة الى التصعيد غير المتكافئ استراتيجياً، غير ان التريث الايراني كان اكثر حذراً وتصحبه قراءة متأنية كما يبدو.

ومن جانب اخر يتواجه المتابعون بالاشاعات الصادمة، غير ان من الخطأ اهمالها . تلك التي تقول ان ايران سوف تستبدل الرد المناسب ببعض الاغراءات المتعلقة بالموقف من العقوبات ومن مشروعها النووي. وربما تكتفي تعوضياً بصواريخ حزب الله اللبناني التي تعدت الالاف ولم يظهر لها اثر يذكر. وهنا ربما تزداد نسبة الترقب والاستغراب لما سيحصل. لان الخسارة السياسية والمعنوية لايران ستكون طاعنة لقلب مصداقيتها، المتعلقة بتعزيز نفوذها، وبمعناه تعويق لمنهج لما سمي بـ" تصديرالثورة الاسلامية " الذي يشكل محوراً لسياستها الخارجية ، الامر الذي لم يظهر الى الان في اوساط القيادة الايرانية من يرتضيه .. يبقى ثمة امر اخر يلوح به ايضاً ، وهو ان ايقاف الحرب في غزة سيكون بديلاً للرد المرتقب. ومع ان ايران قالت ان الاولوية لوقف الحرب في غزة مستدركة بالقول ايضاً "ان معاقبة اسرائيل لا محالة وستتم ". ثم اخر لابد من ذكره هنا هو ما سمع في اجواء هذه الحرب بان وقفها سيكون مقابله التطبيع المخزي. على اية حال سيدخل كل ذلك في حسابات توازن القوى وستكون الايام القليلة القادمة كفيلة بتاكييد او بنفي ما سيتمخض عن ما يختمر في هذه الايام الملتهبة الحبلى ببراكين يتصاعد دخانها الاسود.












 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter