| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 13 / 7 / 2024 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
التوافق المريب .. قصم ظهر الديمقراطية والبقاء للاقوى
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
نشهد تصاعد الخلافات الى حد الاعياء و طلب الاسعاف الذي غالباً ما يكون نقالة التاجيل، ومن ثم تاجيل اخر، حتى الدخول في مناخ اللجوء الى غرف التخدير، اي اشباع الافواه الشرهة بصورة فردية خلاصتها عملية شراء الذمم، حتى ان يسود صاحب اليد الاقوى، كل ذلك يدور فيما بين القوى الماسكة بالسلطة. وغالباً ما تتصاعد وتخرج شظاياه المنفلتة عن اطار ما سمي بالتوافق . هذا المسمى الذي جيئ به كعنوان مزوق للمحاصصة البغيضة. الا انه خرج عن ما اريد به ان يكون دائرة للتسوية غير المتوازنة طبعاً.. لكون فعله لا يشكل غير قطع الطريق عن الذين يتصورون واهمين بانهم سائرين بطريق الديمقراطية والشراكة المنصفة.
ان وفرة اموال البلد غير المحروسة والواقعة بيد دهاقنة الفرهود .. جعلت واقع الحال سخرية للقاصي وللداني، ويحضرنا هنا قول الصحفي المصري حسنين هيكل عندما سئل عن العراق وصفه : بـ "خزينة مال ووقعت بيد لصوص " هذا ما مضوا عليه الذين تسلموا السلطة على طبق من ذهب، بفضل الادارة الامريكية الغازية ، وراحوا يسبّحون "برحمانهم " ويتناولون الوليمة بكل اريحية. ولكن كلاً حسب طيلة ذراعه المسلح..! . ولا نطيل العبث في عقولنا للبحث عن متاريس وخطوط الصد التي تحمي فساد المتنفذين، فسرعان ما يواجهنا الابداع الفذ في التحايل وتجيير النهب على" حق المكوّن ". وبذلك ترسم وتتوطد خارطة ومساحة الفساد من دون اية خشية، فهي امست مصانة باسوار اجتماعية بيافطات مذهبية.
وعندما نتصفح اللوحة العراقية ملياً نشاهد تجليات غاية في الغرابة . وعلى سبيل المثال وليس الحصر، الصراعات الحاصلة في المحافظات ديالة وكركوك والموصل وغيرها حول النفوذ والاستحواذ على المخصصات المالية عبر تعيين مدراء الاقضية والنواحي، ودون ان يكتفوا بمجالس المحافظات . نرى ثمة تعد على حدود " حق الكون " الاخر دون اية مبررات قانونية، بصرف النظر عن ادعائهم بكون هذا الحق بمثابة مبدأ، وبعداد المقدس ، بيد ان الامر يتحول الى مجرد عنوان منتهك في حالة تم التجاوز عليه من قبل صاحب اليد الاقوى . حتى وان قصم ظهر الديمقراطية التي يدعون انها سمة نظامهم، وذلك باداة التوافق المزعوم. الذي غالباً ما يقوم بثلم الاطراف الؤتلفة الاخرى وشطرها والتمترس مع احد اجزاءها، واعتباره هو من يمثل قومه ، حتى وان كان الاقل حجماً وتاثيراً. المهم ان يقبل بالتبعية للاكبر صاحب السطوة، وكذلك القبول بالقليل وبفتات المكاسب وعلى حساب الاخرين من ربعه.
ويلزمنا القول ان طعن مبدأ الديمقراطية في صميمه بسلاح التوافق المشين، يعتبر تهشيماً منظماً لكل ما تبقى من المسمى بـ " العملية السياسية " فهل يدركون ان في نهاية المطااف ماذا ستكون عليه طبيعة حكمهم.. ؟ . ومع انه الان غدا فاقداً للديمقراطية فستوصله هذه الحالة التي عليها الان الى " درب الصد ما رد " الى فقدان حتى شرعيته النسبية الحالية الحاصل عليها من خلال الانتخابات غير العادلة . وبما انه لا يحظى باعتراف القوى الشعبية المقاطعة وهي الاغلبية.. وبفقدان الديمقراطية ستحل حتمية الفوضى الضاربة، وبمعاكستها ستنهض القوى الحريصة على مصالح الشعب والوطن المنتهكة الان ، وحينها لا ينفع ولا يشفع التوافق المريب، ولا حتى حق المكون المزعوم. لانه سيفرض واقع الحال حق الشعب الموحد كونه صاحب الشرعية التي لا يعلو عليه شيء.. وليس حق المكوّن عبر تمزيق وحدة الموطنين العراقيين.