|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  2  / 6 / 2017                                 عامل الخوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أبي الذي أخذت منه الكثير
(6)

عامل ألبير الخوري
(موقع الناس)

عندما استرجع حكايات ابي ، وبعدها مواقف عشتها معه وحدثت له ، ارتأيت ان لا تضيع تلك اللمحات وانا بهذا العمر وربما غدا يضيع كل شئ مع اللحد ..

قررت سرد ما أتذكره من لقطات اعتبرها مهمة جدا في حياته ، وفِي حياتنا كعائلته وحياتي شخصيا ، اثر ترك بصماته الواضحة على الكثير من تصرفاتي ومواقفي في مسيرة حياتي كلها ، اكتب ما أتذكره كواجب أقدمه للناس كجزء من تاريخ مواطن عراقي أراد ان يعطي شيئا للعراق فشكل بذلك جزءا من تاريخ الوطن ، ومهما كان الجزء صغيرا فمن تلك الأجزاء يتشكل التاريخ بصورته الكاملة ، كما اكتب هذه الصفحات لاتركها لأولادي عسى ان يتعرفوا على جدهم الذي لم يلتقوا به يوما ، عدا ولدي البكر ، نصير (مشمش) ، الذي التقى به لآخر مرة عندما كان عمره أربعة أشهر فقط.

صفحات أسميتها .... أبي الذي أخذت منه الكثير ......

الصفحة السادسة / الأخيرة

لقطات من هنا وهناك

- عندما كان مراهقا ، حوالي في الرابعة عشر من عمره ، وكانت العائلة تسكن احدى الأقضية التابعة الى لواء الموصل ، حيث يوجد في ضواحي القضاء ، كهف لا يتجرأ احد دخوله ليلاً حيث (تسكنه !!!) الأرواح ، تحدى وتراهن مع أصحابه وأخذ معه (ربعية عرق) ودخل الى الكهف طوال الليل وخرج منه صباحا ليثبت للجميع ، ان الأرواح مجرد خرافة !!!

- كان ولحد عام ١٩٥٠ ، اذا اصاب احد أولاده او أمي ، مرض وارتفعت درجة حرارته ، فأنه يقوم بتشريط ظهر المريض بموس الحلاقة ، فينزف المريض وتنخفض حرارته !!!

- رغم انه لم يكن حزبيا يوما ، لكنه كان يتفاخر بأن جميع اولاده التسعة ،عدا واحدة ، كانوا شيوعيين في مرحلة ما من حياتهم ، وانه كان يفتح لنا الأبواب لاجتماعاتنا الحزبية رغم كثرتها ، وكان يطلب من الوالدة تقديم الطعام للمجتمعين .

- بعد انقلاب البعث على الجبهة والحزب الشيوعي ، التحقت اختي (ام ليلى) بحركة الانصار الشيوعيين ، وعرف ذلك عن طريق أصدقاءه الايزيديين ، وبقيت انا أمارس العمل السري في الداخل ، كان يعيرني في ذلك ويقول ، عيب عليك ، اختك تحمل السلاح دفاعا عن المبادئ ، وانت هنا جالس في المدينة !!!

- عندما حاولت قوى الامن البعثي الفاشي اعتقالي عام ١٩٨١ ، وفشلوا في ذلك ، اعتقلوا اخي الأكبر ووالدي كرهائن لحين تسليم نفسي ، حيث اخذوا ابي من بيته وأرادوا عَصّب عينيه ، كعادتهم القذرة ، فقاوم والدي ورفض ، وقال لهم ، منذ زمن وانا قررت مع نفسي بأنني سوف اموت يوما بطريقتين لا ثالث لهما ، اما بقنينة العرق او بأيدي قوى الأمن ، ويبدو ان هذا اللحظة هي لحظة وفاتي ، فخضع الأمن له ولم يعصبوا عيناه ، ثم توفي بعد حين بسبب العرق !!

- بسبب كثرة تناوله للعرق (رغم انه لم يكن مدمنا) فكان يستطيع البقاء بدونه لأيام ، فقد أصيب بتشمع بالكبد ، وهو سرطان طبعا ، و عندما بدأ الطبيب بوضع خطة (للعلاج !!) سأله ابي هل هذا علاج ام اطالة للعمر فقط ، فتلقى جوابا صريحا بأن لا علاج كامل لهذه الحالة ، فرفض العلاج نهائيا واستمر بممارسة حياته الى ان تدهورت حالته الصحية تماما ، رافضا حتى المسكنات ، وتوفي ، الامر الذي مازلت أتألم له ، فلم أكن ، بسبب البعث الفاشي طبعا ، قريبا منه  .

صورة من عام ١٩٧٧ ، تجمع الإخوة الأربعةمن اليمين ، عمي الأكبر ، جورج حبيب الخوري ، تخرج من جامعة عين شمس في القاهرة في اوائل ثلاثينيات القرن الماضي ، كمهندس ميكانيكي ، اصبح بعد ثورة تموز مديرا لمصفى الوند في خانقين ، وكان يزاول هوايته في الفلك ، الثاني من اليمين ، ابي الثالث ، عمي لطفي حبيب الخوري ، باحث في التراث الشعبي ، و مؤسس مجلة التراث الشعبي ، ومترجم اول في وزارة الاعلام ، ثم مديرا للمركز الفولكلوري العراقي ، الرابع والاخير ، عمي الأصغر الكابتن يوسف الخوري ، من ضمن اول طيارين مدنيين عراقيين تخرج عام ١٩٤٨ من بريطانيا ، بعد ان كانت الخطوط الجوية العراقية تستخدم طيارين إنكليز .

لروحهم جميعا السلام ولهم الذكر الطيب




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter