|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  2  / 5 / 2017                                 عامل الخوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أبي الذي أخذت منه الكثير
(1)

عامل ألبير الخوري
(موقع الناس)

عندما استرجع حكايات ابي ، وبعدها مواقف عشتها معه وحدثت له ، ارتأيت ان لا تضيع تلك اللمحات وانا بهذا العمر وربما غدا يضيع كل شئ مع اللحد ..

قررت سرد ما أتذكره من لقطات اعتبرها مهمة جدا في حياته ، وفِي حياتنا كعائلته وحياتي شخصيا ، اثر ترك بصماته الواضحة على الكثير من تصرفاتي ومواقفي في مسيرة حياتي كلها ، اكتب ما أتذكره كواجب أقدمه للناس كجزء من تاريخ مواطن عراقي أراد ان يعطي شيئا للعراق فشكل بذلك جزءا من تاريخ الوطن ، ومهما كان الجزء صغيرا فمن تلك الأجزاء يتشكل التاريخ بصورته الكاملة ، كما اكتب هذه الصفحات لاتركها لأولادي عسى ان يتعرفوا على جدهم الذي لم يلتقوا به يوما ، عدا ولدي البكر ، نصير (مشمش) ، الذي التقى به لآخر مرة عندما كان عمره أربعة أشهر فقط.

صفحات أسميتها .... أبي الذي أخذت منه الكثير ......


الصفحة الاولى

ابي ... الذي أخذت منه الكثير
ابي هو الثالث في عائلة متكونة من تسعة أفراد ومن مواليد ١٩١٦ ، من اب متعلم درس في مدرسة الشرطة العثمانية في تركيا ، في مطلع القرن التاسع عشر وتبوأ مناصب عدة مثل مدير ناحية تلكيف والقوش وسنجار وغيرها من أقضية ونواحي مدينة الموصل ، الامر الذي ترك اثره على دراسة ابي ، حيث تنقل ابيه من مكان الى اخر كما ذكرت  .

في العشرينات من القرن الماضي ، حيث كان والده (جدي) مديرا لناحية تلكيف ، تركه ابيه مع اخته الاصغر في مدرسة للرهبان في الموصل ليواصلا دراستهما الابتدائة وهذا يعني مبيتهما في الدير .

في احدى الليالي جاءته اخته باكية خائفة فأحتضنها وذهب بحثا عن الراهب ليتلقى مساعدته ، وإذا بوالدي يتفاجأ برؤية الراهب بوضع جنسي شاذ مع راهب آخر ،، فقرر أخذ شقيقته والهرب من فوق سُوَر الدير منتصف الليل متوجها الى تكليف ، وكانت قصة طويلة الى ان وصلاها .

اذكر هذه الحادثة لتركها اثر عميق في والدي الذي اصبح لا يطيق اي راهب ، بل لا يطيق الكنيسة او الدين و أشد ما كان يزعجه ان يرى احد أولاده ذاهبا الى الكنيسة ، وأصبح من يومها ملحدا وخلف هذا الإلحاد لنا أولاده عدا بعض الاستثناءات البسيطة التي ظهرت بعدئذ .

اكمل والدي دراسته الابتدائة فقط ، وبسبب موقع أباه آنذاك ، تعين في سن مبكّر بوظيفة كاتب في محكمة الموصل وتدرج في وظيفته الى ان اصبح بدرجة ( كاتب اول إضافي ) في دائرة كاتب العدل ، الذي جعله يتقن بل يحفظ قانون العقوبات البغدادي وجميع تعديلاته وتواريخ التعديل بشكل مدهش حقا . ولهذا الموقع اثر آخر في مسيرة والدي الذي سأتي عليه لاحقا.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter