|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  12  /4 / 2017                                 عامل الخوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أوراق من ايام العمل السري في الداخل
(8)

عامل الخوري
(موقع الناس)

إلحاح الأولاد في تسجيل بعض ما خزنته الذاكرة الضعيفة ، احد الأسباب التي جعلتني اكتب هذه السطور .. ترددت قبلها ، اولا انا لست بكاتب و ينقصني الكثير مما يتطلبه سرد الحدث ، المسألة الاخرى ، مرور سنوات طويلة تجعلني افتقد دقائق الأحداث في بعض اللقطات ، لا اريد ان اكتب ما يمل منه ، لذلك سأكتب بعض اللقطات بين الحين والآخر غير مترابطة تماما بأحداثها ووقائعها ولا في توقيتاتها .

وسأبدأ من مقدمة لابد منها .
قمنا انا وأم علي (هي زوجتي ورفيقتي حتى هذه اللحظة) ، بالعودة الى بغداد قادمين من بلغاريا بعد ان أقمنا بها حوالي عشرة أشهر ، والاكثرية تعرف (هجرة الطيور الى الشمال!!) في نهاية ١٩٧٨ وبداية ١٩٧٩ .
في بغداد بدأنا محاولة ترتيب اتصال حزبي وتكوين بدايات جديدة لعمل تنظيمي ، يفتقد الجميع لخبرة العمل السري في ظل اعتى ارهاب بعثي نازي - فاشي .
لم يدم عملنا في بغداد طويلا ، ففي الشهر الاول من عام ١٩٨١ ، وجهت للتنظيم ضربة قاضية ، اعتقل واستشهد الكثير وفلت البعض بأعجوبة ومنهم انا وأم علي ، وفي اثناء العمل السري رزقنا بطفلنا الاول نصير (مشمش) .

لابد من الأشارة ايضا ، بأنني لن اذكر اسماء الرفاق والاصدقاء الأحياء اللذين رافقوا هذه المسيرة لعدم آخذي موافقتهم  .

اللقطة الثامنة

مما تبقى من الذاكرة
التنقل الغجري الدائم ....

اخترنا مدينة الموصل لأقامة البيت الحزبي لعدة أسباب ، منها ، ان عائلتي هي موصلية أصلا ، مما يساعد على قبولنا اجتماعيا اسهل لو لم نكن منها ، خاصة ان أهالي الموصل معروف عنهم الفضولية لمعرفة الجار ومن يكن ، ربما هذا ليس استثناءً خاصة بأهالي الموصل عن بقية المدن العراقية ، والسبب الآخر المهم ، هو ان هذه المدينة محسوبة على القوى القومية والرجعية وبالتالي على النظام القائم آنذاك ، وهذا يعني انها لا تتعرض للضغوطات الأمنية مثل بقية المدن العراقية ، ولكن هذا لا يعني ان مواطني المدينة كانوا يمتلكون كامل حريتهم في الحركة ، خاصة ان نظام البعث الفاشي لا يثق بأقرب المقربين له والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة.

اعتاد النظام ، من اجل وضع الجميع تحت أنظاره ، من يقيم هنا وما هو عمله. ومن هم الاخوة والاخوات والأعمام والاخوال والخالات ... الخ من الأقارب ، ومن منهم يؤدي او لا يؤدي الخدمة العسكرية او من هو منظوي في قواته الثانية ، الجيش الشعبي ، ومن هو المخالف .

ومن ابشع أشكال المراقبة ، اجراء احصاء سنوي تقريبا لكل البيوت في المناطق في استمارة يملؤها ولي البيت ، وهي تتضمن عشرات الأسئلة التي تتكرر سنويا حول ما أوردته أعلاه . تترك الاستمارة عند رب الاسرة على ان يملأها بالمعلومات ويسلمها الى مقر المنظمة خلال يوم او يومين . والمخالف عقوبته الإعدام بلا أدنى شك .

من الطبيعي ان وضعنا، ووثائقنا المزورة التي لا تتوافق على اننا عائلة ، والمسؤول الاول مقيم في البيت ايضا ، ولو بشكل سري (باعتبار ام علي وانا ، واجهة البيت العلني !!!) ، فأننا نلجأ الى الانتقال الى بيت آخر ، في مناطق كان الجرد (او الإحصاء كما كان يسمى) قد جرى فيها من قبل . فأسعى بالاتصال مع المعارف في العمل بأيجاد بيت جديد للأيجار ، وكذلك تدبير سيارة (پيك آپ) وليس إيجارها من احد ، كي لا يعرف السائق بيتنا الجديد و نقع بما لا تحمد عواقبه ، فأعثر على سيارة بحجة شراء اثاث جديدة او نقل حمل بسيط ... الخ ، واحيانا تدبير سيارة من رفيق من مدينة اخرى .

نؤجر البيت وننتقل اليه خلال ليلة او ليلتين ، وفجأة تجد المنظمة البعثية ، البيت خاليا في الصباح ، بعدما أكملنا النقل ليلا . ودائما يجب ان نعثر على بيت بعيد جدا عن البيت السابق ..

تتكرر الحالة بعد سنة او تزيد قليلا لتبدأ رحلة الغجر من جديد و بأنتظار جرد جديد لا محال من قدومه . في الموصل التي أقمنا فيها بيتنا الحزبي حوالي أربعة سنوات ، تنقلنا فيها خمس مرات .

 

ملاحظة : بعض الأعزاء لم يستطيعوا متابعة جميع الأوراق ، للرجوع اليها أرجو الضغط على (كتاب الناس) ثم الضغط على الاسم في حرف ال (ع) ، مع التقدير
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter