|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  5  / 11 / 2014                                 علي عبدالكريم حسون                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بطاطو مؤرخ أنصف الشعب العراقي .....

علي عبد الكريم حسون
(موقع الناس)

عندما طرحت الترجمة العربية بقلم عفيف الرزاز عام 1995 , لكتاب المؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو الموسوم "الطبقات الأجتماعية القديمة والحركات الثورية الحديثة في العراق" , بعد أن أنجزه بطاطو بالأنجليزية عام 1978 ..... لم نكن نحن رواد شارع المتنبي آنذاك , بمصدقين اننا سنطّلع في ظّل حصار دول التحالف وديكتاتورية صدام حسين , على تأريخ حزبنا الشيوعي العراقي , ومن قبل كاتب وباحث لا يحمل الجنسية العراقية وليس بشيوعي , لا بل أن المفارقة أنه يعمل أستاذا في الجامعات الأمريكية .هذه المفارقة جعلت أحدنا يقول متحمسا : أن الشيوعيين العراقيين , لو عملوا لبطاطو تمثالا من ذهب فلن يوفوه حقه .

بطاطو المولود عام 1926 في القدس الفلسطينية , والمتوفي عام 2000 في وينستد – كونيكتيكوت – الولايات المتحدة الأمريكية , والتي هاجر اليها عام 1948 – عام النكبة في فلسطين , حيث درس في مدرسة أدموند ويلش للشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون , وفي 1960 حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفرد بأطروحة عنوانها " الشيخ والفلاح في العراق 1917 – 1958 " .

ومن عام 1962 ولغاية 1982 درّس في الجامعة الأمريكية ببيروت , ومن بعدها غادر بيروت ليتقاعد عام 1994 في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية . ومما يذكر أنه وفي بيروت فقد الكثير من المادة الخام الأولية والتي هي بمثابة الأرشيف الشخصي له , خلال الحرب الأهلية اللبنانية , عندما أضطر لمغادرة شقته .

في عام 1978 نشر دراسته التي عمل عليها طيلة عشرين عاماً عن العراق وبثلاثة أجزاء , خصّ الحزب الشيوعي العراقي بالجزء الثاني حصراً , والثالث عنونه "الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار" .

وفي الفترة الممتدة من أواخر خمسينيات القرن العشرين , حيث حلّ ببغداد , كانت ملفات الشرطة السرية في العهد الملكي مفتوحة أمامه , حيث كان يبيت في دوائر التحقيقات الجنائية والأمن , ببجامته مع ترمس الشاي وسندويشات تعينه على أستلال ما يريده لبحثه .

كانت له مقابلات مع عدد من السجناء السياسيين , وحصراً الشيوعيين في سجون العهد الملكي , حيث يقول : بأنه كان عندما يقابل السجين الشيوعي مثلاً , يريه كتاب توصية من أحد الوطنيين العراقيين يوصي به , وفي نفس الوقت يصرح له بأنه : قرأ ملفه الشخصي في دوائر التحقيقات الجنائية , ويريد منه الآن أن يسمع روايته الشخصية للأحداث . مما حدا بالرفيق الراحل زكي خيري الى سؤاله عن طبيعة الحياد العلمي الذي يصف بطاطو نفسه به , وهو يعمل في نفس الوقت في الجامعات الأمريكية , والتي تضع وكالة الأستخبارات الأمريكية , دراسات وبحوث هذه الجامعات في صدارة ما تستفيد منه في رسم السياسة الأمريكية .

آخر ما كان الراحل يخطط له من كتابات ومنهجه في البحث ، دراسة حول سوريا بعنوان : "فلاحو سوريا سليلو الوجهاء القرويين الأقل شأنا وسياستهم" .

بطاطو حسبما يقول من كتب عنه , أنه : "استخدم في بحثه العلمي منهجية اجتماعية ملائمة لدراسة المجتمع العربي بصورة عامة , والمجتمع العراقي بصورة خاصة , الذي له خصوصيته , وأخضعه لمنهج بحث جدلي مركب من ماركسية محدثة , ومنهج فيبري , (نسبة الى عالم الأجتماع ماكس فيبر) , وتحليل بنيوي " (1) .

في الثمانينات , زار بطاطو العراق مرة أخرى , وهو غير المرضي عليه من قبل نظام البعث آنذاك , ربما لأنه لم يمتدحهم أو يشيد بتجربتهم في الحكم / الأولى الممتدة من 8 شباط ولغاية 18 تشرين 1963 والثانية الممتدة من 17 تموز 1968 ولغاية التاسع من نيسان 2003 . وكذلك لألقائه محاضرات في مؤتمر جمعية الخريجين العرب من الجامعات الأمريكية , وبأتجاه واضح النبرة ضد نظام البعث .

حدث أن قال له أحد العراقيين ببغداد وهو يلتقي به ليلا , أنه قرأ كتابه , فسأله بطاطو : كيف تسنى لك قراءة كتابي وهو ممنوع هنا ؟ فأجابه : لقد أستعرت نسخة فاضل البراك (2) .

أهمية الكتاب ومصادر معلوماته
بعض الباحثين , يؤكد على كم المعلومات والجداول التي أوردها بطاطو , بأنها هي التي أكسبت الكتاب أهميته , مترادفة مع المنهج الذي أختطه , بالمزج بين الماركسية والفايبرية أي المزج بين التحليل الطبقي والتراتبي في تقسيم المجتمع .

مصادر معلومات بطاطو , حسبما أوردها في الصفحة 14 من المجلد الأول هي :
1- ملفات الشرطة السرية العراقية عن الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية .
2 - أوراق ومدونات صادرتها الشرطة السياسية العراقية تعود لقيادات الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث .
3 - مخطوطات شيوعية عثر عليها في سجني الكوت وبعقوبة .
4 - مدونات حرفية لأستجوابات أجريت لأعضاء مهمين من الكادر الشيوعي عام 1963 .
5 - تقارير الأستخبارات البريطانية للفترة 1917 – 1931 .
6 - الملفات السرية للضابط البريطاني الرائد ويلكنز , الذي كان رئيسا لأدارة التحقيقات الجنائية في العراق ومستشارا أمنيا للنظام الملكي العراقي .
7 - المذكرات غير المنشورة للعقيد رجب عبد المجيد سكرتير حركة الضباط الأحرار .
8 - المقابلات الشخصية التي أجراها بطاطو مع السياسيين العراقيين .
9 - السجلات البريطانية العامة والمصادر العربية المطبوعة .

البعض يمتعض والبعض الآخر يبحث عن نواقص وأخطاء بين السطور
وصل الأمر ببعضهم الى الطعن بديانته وقوميته بالأدعاء بأنه يهودي . والقسم الآخر كان متذمرا من تخصيص جزئين من الكتاب للحديث عن الشيوعيين , بحيث أغفل الحديث عن باقي الأحزاب وأن تحدث عنها , فبمقدار علاقتها بالشيوعيين , والتشكيك في منهجية بحثه (3) . كما انصب امتعاض عزيز الحاج الى أن الراحل بطاطو عندما قابل الفقيد زكي خيري وبهاء الدين نوري في سجن بعقوبة المركزي قبل ثورة الرابع عشر من تموز 1958 , لم يطلب مقابلته هو شخصيا . كذلك ينتقد الحاج تركيز بطاطو على دور بهاء وخيري على حساب دور الشهيد سلام عادل  (4).

يشتد امتعاض الحاج من بطاطو عندما يورد الأخير أن والد الحاج كان عامل حمل , ويصحح ذلك بالقول : أنه كان يعمل متعهدا في الجمارك . كما يتحفظ على رأي بطاطو بأن أحد أسباب أنتماء الحاج للحركة الشيوعية يعود لوضعه العائلي المتواضع , ويصحح ذلك بأنه تأثر بالدعاية الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية في كلية دار المعلمين العالية , وكثرة مطالعاته للماركسية وتأثره بالأوضاع المأساوية لكادحي العراق .

 

(1) مقالة ابراهيم الحريري منشورة في موقع الطريق .
(2) مقالة لأسعد أبو خليل منشورة في موقع الأخبار .
(3) الدكتور سيار كوكب الجميل من مقالة له في موقع الحوار المتمدن في 26 – 10 – 2014 حيث يصف بطاطو بأنه مؤرخ غريب الأطوار .
(4) مقالة للدكتور عزيز الحاج بثلاث حلقات منشورة بعنوان حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية . في موقع الحوار المتمدن في 18 – 2 – 2012
 


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter