| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد عبد مراد

 

 

 

الأربعاء 15/12/ 2010



اوقفوا هجومكم على الحريات العامة

احمد عبد مراد 

في مقالة لي نشرت في الشهر الخامس من هذا العام على عدة مواقع الكترونية تحت عنوان (انتم نقيض الديمقراطية ايها السادة) قلت فيها رأيي (ان الدراسات الملموسة وكذلك الاحداث التاريخية اثبتت ان هناك فئتان او مجموعتان في المجتمع لا تتطابق افكارها ولا تنسجم اراؤها وسلوكياتها وتربيتها مع الحياة التي تعتمد الرؤى والافكار المختلفة والتبادل الحر الديمقراطي )، وكنت اعني فئة العسكريين وفئة رجال الدين حيث ان هاتان المجموعتان من الصعب ان تستوعبا حياة يسودها الاختلاف في وجهات النظر وتبادل الرأي وحرية التفكير وضمان الحريات الديمقراطية والشخصية العامة ،فقد اعتادت هاتان الفئتات ان تختزلا فكر المواطن برؤاهما المحدودة ووفق منظورهما الضيق .

ان قوى الاسلام السياسي (واعني الاحزاب وليس الدين بحد ذاته) التي تدعي الحكم باسم الدين وتطبيق التعاليم السماوية تريد ان تصور للاخرين انها في رؤاها وافكارها وتوجهاتها الضيقة والمحدودة ان تضع نفسها فوق المجتمع لا بل وخارجه اي بمعنى انها تترفع وتتساما وتتنازل عن جميع مصالحها الفئوية والاجتماعية الضيقة لصالح الاخرين متسترة وراء الدين وتدعي انها (تحكم باسم الله) ،اليست هذه مثالية مفرطة لا تنسجم وطبيعة الصراع الاجتماعي القائم على المصالح الطبقية والسياسية بشكل عام.

نحن دائما نصف المجتمع العراقي على انه يشبه الفسيفساء في تكوينه وتركيبته الاجتماعية وعليه فلا بد ان نجد الظروف المناسبة والحلول المنسجمة مع واقع مجتمعنا لاحلال العدالة والمساوات بين مكوناته المختلفة وهذا المنظور يتطلب مراعاة الجميع عند اتخاذ القرارات العامة لا ان تأتي فئة معينة تفصّل رداءا ضيقا وتحاول حشر الجميع في داخله مما يسبب الشعور بالضيق والتمرد ومحاولة تمزيق ذلك الرداء الذي تسبب في خنق الاخرين ومنعهم من تنفس هواء الحرية والديمقراطية التي لازالت تحبو ويراد خنقها قبل ان يشتد عودها وتترسخ في مجتمعنا التواق للانفتاح والشعور بأنه خرج من سجن البعث الواسع والذي شمل مختلف مناحي الحياة وعم اراضي العراق من شماله الى جنوبه.

ان سياسة فرض الفكر الواحد واخضاع الاخرين مرغمين تحت تهديدهم باشهار السيوف في وجوههم من قبل البعض كما حصل في محافظة الناصرية مثلا واعطاء مهلة محددة بقطع الرؤوس (الا يكفي ما تقوم به عصابات القاعدة المجرمة) في حالة عدم غلق محلات الآلات الموسيقية والكف عن سماع الاغاني والموسيقى، في الوقت الذي تم تحريم السيرك والسفرات المدرسية في البصرة، وفي اماكن اخرى تم منع الفتيات من ممارسة الرياضة وعدم تقديم اية مساعدة او رعاية لمدرسة الباليه وتركها تعيش على الهبات الممنوحة من الدول والمنظمات العالمية وغلق دور العرض السينمائية والتثقيف المستمرعلى تحريم كل ما هو تنويري وتقدمي والغاء واجهات المحلات التي تعرض الملابس وفرض ارتداء شكل معين من الملابس وطريقة حلاقة الذقن و غلق محلا ت بيع الخمور والنوادي الليلية ومنع السفرات المدرسية (اليست هذه احكام طالبانية ايها السادة) وبغض النظر عما يتشدق به الجميع من ان مجتمعنا متعدد المكونات مما يتطلب مراعاة صيانة الحريات الشخصية ومطالب وظروف تلك المكونات واحترام ارادتها وعدم اشعارها بالمهانة والمذلة والتفتيش عن مخارج جديدة للفرار من العراق وزيادة اعداد الهاربين واللاجئين في مختلف اصقاع الارض.

ان ما تقوم به مجالس المحافظات من ممارسات تتنافى مع الحريات الديمقراطية التي كفلها الدستور العراقي ما هي الّا زحف تدريجي وجس نبض المواطنين في محاولة لاخضاعهم وضمن خطوات مدروسة لسياسات وارادات مخطط لها من اعلى هرم في السلطة ارضاءً وخضوعا لضغوطات تمارس من البعض المتشبث بالافكار السوداوية البالية ولضغوطات بعض دول الجوار التي تدعي الزهد بالحياة والابتعاد عن كل ما انتجه العقل البشري من خيرات ماديه ووسائل ترفيهية تخفف من ثقل وهموم الحياة الجاثمة على نفوس الناس جراء الظلم والعسف والفاقة والبطالة والجوع والحرمان بينما تعيش قلة متنفذة اثرت بين يوم وليلة واصبحت تعيش حياة السلاطين والملوك وتعمل وتتاجر في الحرام والحلال وكيفما اتفق وتجد لها المخارج والقوانين والفتاوى لسرقة قوت الشعب بينما تعيش الالوف ان لم نقل الملايين تحت نار الصيف ولهيبه وترتجف بردا في ظل ظروف الشتاء القاسية التي لايحتملها حتى الحيوان بينما تعيش ثلة ممن اثروا على حساب الفقراء والمعدمين في بلدان الاصطياف وفنادق الخمس نجوم وتتزاحم على شراء العمارات والفلل الفاخرة وتقيم الولائم باهضة التكاليف ،هذا ولا يمكن ان ننسى ما قام به (نواب الشعب) الذين استحوذوا على ملايين الدولارات وذهبوا بها الى الخارج تحت حجج واهية وكاذبة كالحج والعمرة ،ولابد من التسائل ان كان كل هذا حلال لانه يجري تحت واجهات وتخريجات اقل ما يمكن ان يقال عنها افتراء وكذب وضحك على الذقون. انتم يا من تذرفون دموع التماسيح الكاذبة وتنادون بالويل والثبور لمن يستمع لاغنية او يشاهد فلم اومسرحية بينما تغمضون عيونكم عن الظلم والحرمان والمهانات والاذلال ،تغمضون عيونكم وتسدون اذانكم عن بيع نساء واطفال وبنات العراق في اسواق دول الجوار التي تتندر برخص الفرد العراقي ومذلته وهو يستجدي العون ممن كانوا ذات يوم يحلمون ان تطئ اقدامهم ارض العراق ، كفى دجلا كفى كذبا واحترموا النفس البشرية.

 

15/12/2010


 

free web counter