|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  6  / 1 / 2017                                 د. عبد علي عوض                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إقتـصـاد ألـظـل العـراقي ... ودوره التخـريبي

د . عبد علي عوض
(موقع الناس)

لغياب وجود ألمجلس ألإقتصادي ألأعلى للدولة ألذي يأخذ على عاتقه مسؤولية رسم السياسة ألإقتصادية ألعامة للبلد وتبيان هوية ألإقتصاد الوطني إن كان ليبرالياً أو حراً ممنهجاً( يضمن تعددية أوجههِ – قطاع عام، مختلط، خاص، تعاوني)، تصبح تلك المسؤولية واقعة على عاتق وزارة التخطيط. لكن الحاصل في الظروف الراهنة هو أنّ ألإقتصاد العراقي يعيش حالة الفوضى بسبب عدم وضوح وغياب الرؤية العلمية لمحددات مساراته، وغياب تلك الرؤية ناجم عن ظاهرة الفساد المستشري في كل مفاصله.

بألأمس القريب، أعلنَ البنك المركزي العراقي عن أن مجمل مبيعاته من الدولار لعام 2016 بلغت 33 مليار دولار، لكن هل كان لهذا المبلغ تأثير إيجابي على تنمية ألإقتصاد الوطني؟... شيء مؤكد كلاّ!... لكونه يمثل إقتصاد الظل، وإقتصاد الظل يتصّف بنشاطه التخريبي، ويقف بألضد من عملية تنمية ألإقتصاد الوطني / خاصةً إذا كانت أحزاب السلطة هي الراعية لذلك النشاط/. يتمثل إقتصاد الظل العراقي بطبقة التجار الطفيليين (الكومبرادورية) المرتبطين عضوياً بألسلطتين التنفيذية والتشريعية والمسؤولين عن ترويج وتسويق المنتوج المستورَد. إنّ بدايات ظهور تلك الشريحة الطفيلية من التجار، كانت في خلال حكم البعث ألإستبدادي، عندما فُرِضَ الحصار الاقتصادي على العراق وتحديداً في مسألة تأمين مفردات الحصة التموينية، إذ ظهرَت شريحة السماسرة والوسطاء بين الحكومة العراقية والشركات ألأجنبية المُجهِزة للمواد الغذائية. لكن بعد 2003 ورفع العقوبات الاقتصادية عن العراق، لم تبادر الحكومات المتعاقبة لإلغائها وإيجاد حلول بديلة عنها، لكونها ظاهرة مرضية طارئة تلجأ إليها الدول عندما تواجه ظروفاً قاهرة كألحصار الاقتصادي والحروب وألزلازل وإنهيار البنى التحتية.... ومن العوامل ألرئيسية ألتي أطلقَت العنان للإقتصاد الطفيلي هو إفتتاح بورصة ألأسهم (دار ألبغاء ألإقتصادي) وسوق بيع وشراء العملات (حانة القمار التجاري) في عام 2004، وفي حينه قلتُ أنّ ألإقتصاد العراقي سائر نحو الهاوية!... تُفتتَح كلتا المؤسستان عندما يكون هنالك إقتصاد وطني مزدهر وقاعدة إقتصادية متينة. لقد شرَّعَ البرلمان العراقي قانون حماية المنتوج الوطني... إلاّ أنّ هكذا قانون لن يفعل فعله ما لم يتم وأد طبقة التجار الطفيليين وتخليص ألإقتصاد الوطني من نشاطهم ... ويتم ذلك بألتزامن مع خلق طبقة من التجار الوطنيين ألذين يأخذون على عاتقهم تسويق المنتوج الوطني داخلياً وخارجياً.

هنالك قضية أخرى لها علاقة بإقتصاد الظل، ألا وهي قضية ألأموال الشرعية للمؤسسات الدينية وإرتباطها بألنشاط الاقتصادي ألخفي!... الناطقون بإسم تلك المؤسسات يقولون بما أنّ تلك ألأموال شرعية فلا يجوز الكشف عنها وألمساس بها!؟... إنّ مصطلح الشرعية يحمل معنيين، أولهما ما يقصدون به دينياً، يعني، ألأموال المتأتية من الخُمس والزكاة، لكن المعني الثاني من الناحية ألقانونية ألإقتصادية يُقصَد به أنّ تلك ألأموال يجب أن تكون معلومة المصدر ولم تجرِ عليها عمليات التبييض والغسيل... وعليه يجب أن تكون تلك ألأموال خاضعة للجهات الرقابية المالية المركزية.


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter