|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  26  / 5 / 2015                                 د. عبد علي عوض                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ولِمَ لا يعـقـد العـراق إتفاقيـة تعاون إستراتيجي مع روســيا!

د . عبد علي عوض

بعد إنتهاء عقد التسعينات من القرن الماضي ألذي كان بمثابة الفترة المظلمة لروسيا بسبب إنتشار الفساد والجريمة المنظمة وإنهيار الاقتصاد الروسي وتقليص إنتاج المجمع الصناعي العسكري إذ كان يصدّر الاتحاد السوفيتي أسلحة إلى 61 دولة تقلص هذا الرقم إلى 19 دولة، كل ذلك كان بسبب السياسة الهوجاء للرئيس الروسي السابق –يلتسن- وأصبح العالم تحت هيمنة القطب الواحد - الولايات المتحدة الأمريكية، وفي تلك الفترة نشبتْ الحرب الأهلية في (تشـيـتشنيا) باشراف وتخطيط من قبل الاستخبارات الأمريكية ودعم السعودية بالمال... وإستمرَّ الحال هكذا يسير من سيء إلى أسوأ إلى حين أخذَت زمام المبادرة آنذاك لجنة أمن الدولة ألـ (كي جي بي) وفرَضت على يلتسن أن يكون رئيس الوزراء من بيئتها، فجاءت بمرشحها – فلاديمير بوتين – وبعد فترة من الزمن طلبَت تلك اللجنة من يلتسن أن يتنحى عن رئاسة الجمهورية، وافق يلتسن على التنحي لكنه إشترَط ألاّ يُسـاق إلى القضاء .. وتمَّ له ما أراد!.

إنتهجَ بوتين سياسة بخمسة إتجاهات: الاتجاه الأول تمثّــل بمكافحة التجسس الخارجي، الاتجاه الثاني إنصبَّ بالقضاء على طبقة الأوليغارشية الروسية التي عبثَت بالاقتصاد الروسي والمرتبطة بدوائر الاستخبارات الغربية واللوبي الصهيوني العالمي أمثال (كوسينسكي، بيريزوفسكي، خودركوفسكي والقائمة تطول)، الاتجاه الثالث كان نحو تنشيط الاقتصاد الوطني والنهوض بالبُنى التحتية /وكان يتم ذلك عن طريق إشراك الكفاءات العلمية النزيهة ألتي تريد لبلدها التقدم والازدهار/، الاتجاه الرابع كان يتمحور حول النهوض بالواقع العلمي والتعليمي، الاتجاه الخامس هو تطوير الصناعات العسكرية لدرجة تجعل روسيا نداً للولايات المتحدة للخلاص من عالم القطب الواحد.

إنَّ ظروف الفترة الحرجة ألتي مرَّت بها روسيا سابقاً هي ذات الظروف ألتي يمر بها العراق حالياً، لكن الفرق بين الاثنين يتلخص في طبيعة وعقلية ونوايا الجهاز الاداري ألذي يقود كلٌ من البلدين، ففي روسيا يعمل مع بوتين جهاز مهني كفوء نزيه يعتز بانتمائه الوطني لبلده الاتحادي وهوية المواطنة هي الجامع بين مختلف القوميات من دون أي تمييز قومية على أخرى، والجميع يعمل من أجل إزدهار وتقدم بلدهم، أما في العراق لم نلحظ بعد مرور إثنتي عشر عاماً أية جهة (حزب أو كتلة أوفرد) قد أثبتَت إنتماءها الوطني بالفعل لا بالقول.

في زيارة رئيس الوزراء د. حيدر العبادي إلى موسكو برهَن الجانب الروسي على صدق نواياه بمساعدة العراق من دون شروط سياسية -أن يكون العراق جزء من السياسة الروسية الدولية أو مالية – حول كيفية تسديد صفقات الاسلحة مقدماً، لا بَل تنازلت روسيا عن ديونها على العراق بنسبة 90% وقدمت شحنات من السلاح مجاناً في الظرف الراهن، لذا من مصلحة العراق أن تبادر الحكومة العراقية بابرام إتفاقية التعاون الاستراتيجي مع روسيا وألتي تتضمن :
1-النهوض بمصانع التصنيع العسكري لسد حاجات القوات المسلحة العراقية من السلاح والعتاد.
2- تعشيق التعاون العلمي بين معاهد أكاديمية العلوم الروسية ومعاهد البحث العلمي العراقية (إن وجِدتْ) من خلال الزيارات المتبادلة والاطلاع على آخر منجزات العلوم التطبيقية وتحقيقها على أرض الواقع.
3- الاستفادة من خبرة الشركات الروسية في مجالي النفط والغاز (غاز بروم، لوك أويل، روسفت) لتطوير الكادر النفطي العراقي، والاتفاق على إمكانية تصنيع تكنولوجيا بعض أجزاء الصناعة النفطية.
4- بعد النهوض بالقطاع الزراعي العراقي يستطيع العراق أن يصدر المنتجات الزراعية إلى روسيا كما كان يصدر التمور العراقية في ستينات وسبعينات القرن الماضي إلى الاتحاد السوفيتي.
5- تطوير قطاع السياحة بين البلدين.
6- تطوير قطاع الثقافة لأنّ روسيا غنية بهذا المجال (السينما، المسرح، الفن التشكيلي والنحت، الموسيقى، فن الأوبرا والباليه)، ولو يُراد لقطاع الثقافة بالعراق الاحتضار بسبب هيمنة الاسلام السياسي.

إنَّ عقد هكذا إتفاقية مع روسيا سوف تعود على العراق بالنفع الملموس، وليس كاتفاقية الاطار الستراتيجي المبرمة مع الولايات المتحدة ألتي لم يتحقق منها أي واحد من بنودها إنّما كان الهدف من ورائها هو إفقاد العراق لسيادته وإستقلاله وجعله ذيلاً يدور في الفلك الاستعماري الأمريكي.





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter