|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  13  / 9 / 2021                                 د. عبد علي عوض                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الإنهيار التدريجي لإمبراطورية الدولار عالمياً

د . عبد علي عوض
(موقع الناس)

قبلَ عدة أيام عُرِض فيديو يتحدث فيه الرئيس الصيني – شي جيينغ – بقوله :[ إنّ بلاده لن تقبل بعد شهر بيع البضائع الصينية بغير عملتها الوطنية] ، ذلك التصريح يجعل المعنيين بالشأن الإقتصادي بأنه يؤشر إلى إنطلاق عهد جديد في مجال التعاملات لمختلف دول العالم ولا يكترث كثيراً أو عارفاً بما سيحصل لهيمنة واشنطن على السيولة النقدية العالمية وتأثيرها على التجارة وألإستثمار العالميين.

خطاب الزعيم الصيني يُشير إلى دخول عملة نقدية جديدة في مجال حركة المدفوعات الدولية إلى جانب الدولار واليورو والباون والين ولاسيما في توفير السيولة الدولية في ظل إنكماش الإقتصاد الأمريكي. إنّ حصة اليوان الصيني في سلة عملات صندوق النقد الدولي ضمن العملات الأخرى يشكّل 11% حالياً وتلك النسبة تجعل اليوان أن يفرض نفسه إلى جانب العملات الدولية الأخرى في المدفوعات الدولية. في الظروف الراهنة يبلغ الإحتياطي النقدي الإستراتيجي (الذهب، الدولار، اليورو، الباون، الين) 3 تريليون دولار، والجزء ألأكبر منه هو الدولار بحصة 1 تريليون دولار أي أن الدولار يشكل الجزء الأكبر من الإحتياطي الأجنبي الصيني,

إنّ الكثير من شعوب البلدان النامية والفقيرة لا تزال لا تُدرِك الأسباب الحقيقية وراء إسقاط أنظمة حاكمة أو التخلص من بعض رؤوس الحكم.. فالولايات المتحدة الأمريكية ، في الظروف الراهنة، لا تستخدم الإستعمار العسكري المباشر بَل إلى جانب إمتلاكها التكنولوجيا تمتلك السلاح الإقتصادي (الدولار) المهيمن على نظام المدفوعات الدولية والجهة التي تسيطر على ذلك هي – البنك الفدرالي الأمريكي... ومَن يحاول المساس بتلك الهيمنة سيكون مصيره الفناء، وإليكم أمثلة عديدة حسب تسلسلها الزمني:

1 – في عام 1969 كان الميزان التجاري بين فرنسا وأمريكا لصالح فرنسا، ارسلت أمريكا شحنات من الدولار إلى فرنسا لتسديد ديونها، لكن الرئيس ألفرنسي آنذاك – شارل ديغول- رفضَ إستلام الدولار وطلب من الرئيس الأمريكي - نيكسون أن يكون ألتسديد بألذهب ونجحَ في ذلك، إصرار ديغول عرّضه لعدة محاولات إغتيال لكن جميعها باءت بألفشل.

2 – خلا حرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل، نجحَت الدول العربية المنتجة للنفط بإستخدامه كسلاح ضد أمريكا ودول حلف الناتو... ومن أجل التخلّص من الهيمنة ألأمريكية/ بورصة النفط العالمية تُقاس بالدولار/، إقترحَ ملك السعودية – فيصل- إصدار الدينار العربي الموحد وتصدير النفط يكون بألدينار... بسبب ذلك التصريح تمَّ إغتيال الملك فيصل !.

3 – إعلان الرئيس ألليبي – العقيد الذافي- عزمه على إصدار (الدينار الذهبي ألأفريقي) لعموم بلدان أفريقيا، مع العلم أن شركات النفط العاملة في ليبيا أمريكية، لكن هكذا إجراء سيقوّض من هيمنة الدولار على الإقتصاد العالمي.

4 – قبل عدة سنوات، كان أحد المرشحين في الإنتخابات الهولندية إسمه – فورتاون- خلال حملته الإنتخابية ذكر بما معناهَ : أنّ على دول ألأوربية أن يكون تسليح جيوشها أوربياً ولا داعي لشراء ألأسلحة ألأمريكية... تلك الكلمات أدّت إلى إغتياله!.

لقد سبقت خطاب الرئيس الصيني حول جعِلْ اليوان عملة دولية إتفاقيات ظهور كُتل إقتصادية مِثل – بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا)، تكون المدفوعات فيما بين تلك الدول بعملاتها الوطنية، وكذلك الحال في إتفاقية جمهوريات ألإتحاد السوفيتي السابقة/ بإستثناء أوكرانيا، جورجيا، جمهوريات بحر البلطيق : أستونيا، ليتوانيا، لاتفيا) .. إنّ الهدف من وراء تلك التكتلات الإقتصادية هو التخلص من هيمنة الدولار على إقتصادياتها. لذا، فإنّ خطاب الزعيم الصيني يمثل تحجيم دور الولايات المتحدة واللعب بمصائر شعوب العالم.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter