| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

فنون

 

 

 

الأثنين 23/1/ 2006

 

 

 

فصول من تاريخ المسرح العراقي


( الفصل الأول )

(1880-  1920  بدايات المسرح في العراق)
 


لطيف حسن
  
بدأ المسرح  يفد الى العراق  كما هو معروف لحد الان  منذ عام 1880  تقريبا ‘ ان لم يكن قبلها بقليل ولم يوثق وخلال العقود الاربعه الاولى ( 1880 - 1920 )(1) تعرف على المسرح ، المتنورون من الوجهاء والاعيان والتجار والمثقفون الشباب الذين كانوا يزورون بلاد الشام ومصر واوربا للآصطياف والسياحه او التجاره ، وضباط الجيش ، لاسيما طلاب الحربيه  في الاستانه  ،  شاهدوا هولاء المسرح باللغه التركيه والفرنسيه والانكليزيه ،  والعربيه في  كل من بلاد الشام ومصر على وجه التحديد .
 
 ثم انتقل النشاط المسرحي في هذه الفتره الى العراق محدثه هزه و صدمه في حياته الاجتماعيه المحافظه التي كانت مضطربه اصلا ( الفتره  1880 - 1917 ) .
 
كان العراق  آنذاك جزء من الامبراطوريه العثمانيه وهي في مرحلة الافول ، و لنأخذ مثالا على حالة الاضطراب السياسي الذي كان قائما ، فقد حكم ولاة بغداد  في هذه الفتره لوحدها ، خمسة وعشرون واليا ،أي بمعدل عام  وبضعة  اشهر لحكم كل وال ، وهومؤشر لمظهر من مظاهر الفوضى  وعدم الاستقرار التي كانت قائمه  والتي كانت  فيها الاميه والجهل والفقر و تناوب انتشار وباء الطاعون والنكبات هي الصفه الغالبه على ا لمجتمع العراقي (2) .
 
ولم يسلم العراق من ويلات الحرب العالميه  الاولى ، حيث كان خلال الحرب ميدانا لمعارك حربيه شملت معظم مساحة العراق ، الى  جانب واقع التفسخ ، وفساد الجهاز الاداري الحكومي ، وعودةانتعاش النزعه العشائريه والقيم البدويه العربيه في مرحلة تفسخ الخلافه الاسلاميه في اسطنبول .
 
ان هذه الفتره  من اشد الفترات  تخلفا في العراق ، على الرغم  من انها شهدت اصدار اول جريده عراقيه باللغه العربيه ( الزوراء ) و تأسيس اول مدرسه للبنات ، وافتتاح اول شارع عام ، وتكوين النوادي الاجتماعيه  والادبيه التي كان لها دور كبير في مناصرة المسرح والترويج له ، من هذه النوادي نذكر ( الانتباه العربي ) و ( ندوة المقهى الحمراء) و ( النادي العلمي الوطني ) التي اقدم على تمثيل رواية ( وفاء العرب ) ، لكن جمال باشا منعها واوعز الى مرتزقته ان يشهروا بالقائمين بها ) (3) .
 
في هذه المرحله ، شهدت تركيا العثمانيه في مجال السياسه قيام الحركه المشروطيه في ( تموز 1888) التي تمثلت في اعادة العمل بالدستور وصدور  مراسيم اطلقت فيها  حرية الكلام والطباعه والاجتماع ، وكذلك الغيت الرقابه ، واعلن العفو العام عن السياسيين ، وكان لهذه الحركه تأثير عميق بشكل غير مباشر على وعي المواطن العراقي ، وخاصة الحضريين من سكان المدن ، الى جانب ماكانت تلعبه الصحافه التركيه والمصريه من ادوارفي بث الوعي بالتجديد على اختلاف منابرها (4 ) .
 
في الفتره ( 1917 - 1920 ) اصبح العراق كله تحت السيطره الانكليزيه ، فقد أقامت بريطانيا في العراق نظامها المطبق في مستعمراتها ، وضمتها  بصفتها أحد اقاليمها الكولونياليه الى الهند ، كانت السلطه المطلقه في الحكم المباشر بيداللقياده العسكريه الانكليزيه المحتله ، حيث تفرد بالحكم  كل من الجنرال الفاتح  (  مود ) و( ارنولد ولسن ) و( برسي كوكس) ، وخلال هذه الفتره حل محل الموظفون الاتراك السابقون ، موظفون من الاداره الانكلو - هنديه ،  واعيد تنسيق نظام الاداره والقضاء والسجل العام على الطراز الهندي ، واستبدلت العمله العثمانيه بالعمله الهنديه (5 ).
 
وعلى المستوى العالمي  شهدت هذه الفتره قيام ثورة اكتوبر الاشتراكيه في روسيا ، وبداء اشعاع  الفكر الاشتراكي يوقظ شعوب الشرق على مفاهيم العداله الاجتماعيه وكسر اغلال العبوديه .
 
في هذه العقود المثيره  ، بدأت البرجوازيه العراقيه وطليعتها من المثقفين الجدد ،  تتشكل في رحم النظام السابق ( الاقطاعيه )  في ظل الامبراطوريه العثماتيه التي كانت تعيش ازمتها الاخيره  ، واصبحت بمثابة القاعده الماديه للتغييرات الاجتماعيه العميقه والانفتاح على الثقافات الاخرى التي حدثت بشكل متسارع فيما بعد .
فقد زارت بغداد اول فرقه مسرحيه وقامت بجوله في المحافظات ، هي فرقة ( آل طغرل بيك ) التركيه عام 1910 وكررت زيارتها مرة اخرى بعد هذا التاريخ  ،  عندما لاقت عروضها استحسانا وقبولا من لدن الجمهور( 6 ) .
 
ومع دخول الجيش البريطاني المتكون من جنود انكليز وهنود ( الكوركه ) ، استقدموا معهم فرقا تمثيليه خاصه بهم ، وزارت العراق ايضا فرق السيرك من الهند ،  بخيامهم العملاقه وحيواناتهم العجيبه ومهرجيهم

وبدات تتشكل مجموعات  تقلد وتحاكي  بنتف من  العروض  تسمى ( اجواق ) في المحلات في مناسبات الافراح   ،  و المقاهي التي كانت منتشره  في بغداد وفي المحافظات المهمه الاخرى كالموصل والبصره  ولكن ليس الى حد تشكيل فرقه مسرحيه، الى جانب فن ( الاخباري) الذي كان موجودا اصلا  ، وابرز روادها المرحوم ( جعفر لقلق زاده )  الذي ترك بصماته لاحقا على المسرح الكوميدي  العراقي ورواده الاوائل.
 
مع انتشار المدارس في العراق ، دأبت هذه المدارس ، لاسيما المدارس الخاصه ،الأهتمام بالمسرح المدرسي ، نذكر  منها مدرسة , ( فرنك عيني ) اليهوديه على سبيل المثال التي كانت تقدم العروض باللغه الانكليزيه (7).
انبهر الشباب العراقي المتنور من الطبقات العريقه  والبرجوازيه الناهضه ، لاسيما اولئك الذين درسوا في تلك الفتره في اسطنبول ، وتأثروا بما شاهدوه من  عروض مسرحيه كانت تقدم هناك انذاك ( 8 ) ، وكذلك من الشباب  الذي زار الشام ومصر التي شهدت برجوازيتها نهوضا ابكر  ، واطلعوا على بواكير العروض المسرحيه هناك ،  الى جانب متابعتهم لنشاط الجاليات التبشيريه  التي كثرت في هذه الفتره لاسيما الجاليه الفرنسيه في الموصل بشكل خاص ، التي كانت تشجع مدارسها المسيحيه في بغداد والموصل على العنايه بالفن المسرحي المدرسي لاغراض  لاتنفصل بطبيعة الحال عن مطامع فرنساالاستعماريه آنذاك بالعراق ، لاسيما الموصل وهي تنتظر وفاة الرجل المريض ، الامبراطوريه العثمانيه .
 
كان التعليم في  مدارس هذه الجاليات التي تضم ايضا طلاباعراقيين من المسيحيين والبعض القليل من المسلمين واليهود ، لايحصن المتعلمين من التأثر بهذا الشكل او ذاك بالنهظه البرجوازيه العربيه القومية الطابع والعمل على التجديد في المجتمع الراكد ، بل تشجع وتؤجج رغبات التغييرفي نظام المجتمع العراقي الذي يعود الى القرون الوسطى ،  بتدريسها ضمن مناهجها افكار الثوره الفرنسيه في العداله والحريه والمساواة بين الناس .
 
ان المسرحيه التبشيريه هي المسرحيه الرائده في العراق كما هو معروف لحد الان ، التي وضعها القسس والمعلمون في هذه المدارس ،  او المترجمه عن المسرحيات الكنسيه الفرنسيه ، وكانت تدور في اطار الاحداث الدينيه التاريخيه المنتزعه من العهد القديم والعهد الجديد ( 9) .
 
يؤكد لويس شيخو ان الكليه اليسوعيه في بيروت هي السباقه في تقديم المسرحيات العربيه(( كانت كليتنا اول من سبق الى تشخيص الروايات العربيه التمثيليه سنة 1882 ، فكان مديروها يختارون لذلك الوقائع الخطيره
ولاسيما الحوادث الشرقيه ليرسخ في قلوب طلبتهم مع حب الوطن ذكرى تواريخ بلادهم ، فمن جملة مامثلوا( حكم هيرودوس على ولديه ) و ( استشهاد القديس جرجس ) و ( رواية صدقيا ) ثم (  داوود ويناثان ) ومما اقتبسوه من تاريخ العرب رواية ( ابن السموأل) ورواية ( المهلهل) و( شهداء نجران ) و( نكبة البرامكه ) و(اخوة الخنساء)  وكان للطلبة سهم واف في التأليف ، الا ان معظمها بقلم الاباء او بعض اساتذة الكليه )) ( 10) وقد مثلت معظم هذه المسرحيات في المدارس المسيحيه العراقيه ، بسبب الترابط المذهبي والمناهج الموحده في هذه المدارس الموجوده في كل الاقطار العربيه تقريبا ، والتي كانت تدار من مركز واحد في لبنان ، فقد قدمت مسرحية ( جان دارك ) عام 1906 على مسرح القاصد الرسولي في الموصل ، ومثل طلاب مدرسة السمنير في الموصل مسرحية (الطيور الصغيره ) عام 1908 ، ومسرحية ( ماركسان ) في السنه ذاتها ، وقد ترجمها عن الفرنسيه مترجمان لبنانيان ، كما ترجم الاب جرجس قندلا  مسرحيتي ( الطبيب رغما عنه ) و ( المثري النبيل) لمولير عام 1908 ، ومثلتا على مسرح المدرسه الكلدانيه في الموصل (11)  .
 
كان قيام الحركه المشروطيه في تركيا اثره البالغ على الشبيبه المثقفه في العراق ، ووفرت الاجواء المناسبه  لانتعاش افكار التحررالوطني  بينهم ،  وشكل هؤلاء الشباب العديد من النوادي الاجتماعيه التي قدموا من خلالها محاولاتهم الاولى في المسرح العراقي على نمط مشاهداتهم للأشكال المسرحيه الوافده ، ومحاكاة لها ، لكن بمضامين واهداف سياسيه منسجمه مع تطلعاتهم الجريئه .
 
لقد ارتبط هذا المسرح منذ وفوده الى العراق بالسياسه، وبالوعي القومي  المنبعث من جديد ، والداعي الى الوحده الوطنيه والانتصار لروحها الفتيه ، واستلهام التراث البطولي الذاتي الغابرلبث الثقه في النفس ، في بلد كان مقسما الى ثلاث ولايات ( الموصل وبغداد والبصره )  تابعه الى  الآمبراطوريه العثمانيه السنيه المذهب ، تتحكم في الناس المنقسمه الى سنه مواليه للخلافه العثمانيه التي كانت قائمه ،  وشيعه تحرك روحها الطائفيه  ايران من الجهه الشرقيه ،   وغزوات اتباع مذهب محمد عبد الوهاب الاصولي السني بفلول بدوه المغيره من جهة السعوديه ، ولم نعثر لحد الان على أي اثر مسرحي  من هذه الفتره يلمح او يدعو الى الطائفيه  التي كانت عميقه في المجتمع ، كان مسرحا منذ الولاده رافضا لهذه القيم  تقدميا وعصريا ومع الحركه الدائمه الى الامام .
 
وقد حفظ لنا الارشيف المسرحي العراقي التابع لمركز الابحاث والدراسات المسرحيه في العراق حوالي ثلاثين مسرحيه كتبت خلال هذه العقود الاربعه ، وقد منعت السلطات العثمانيه العديد منها من التقديم ،  فقد اوعز جمال باشا الى المرتزقه بأيقاف عرض مسرحية ( وفاء العرب ) التي حاول ( النادي العلمي الوطني) ان يمثلها بمناسبة قدوم الصحفي محمد رشيد رضا من لبنان ، الذي كان من المقرر ان يلقي محاضره على جمهور المسرحيه خلال الاستراحه  (12) .
 
ومنعت ايضا مسرحية ( شهيد الدستور) من العرض لأمد غير معين ،  ولموانع اقتضت ذلك ،  - حسب ماجاء في  الاعلان الذي نشرته  صحيفة ( الرقيب ) في الاول من ربيع الاخر سنة 1327 هجريه  (13)  .
 
وخلال هذه العقود الاربعه لاتتوفر لحد الان اية معلومات ، عن  تشكيل فرق  مسرحيه خاصه ، وما قدم  من الذي ذكرناه ، فهي  نشاطات ضمن  النشاط المسرحي المدرسي السنوى الذى دأبت ان تقوم به جميع المدارس تقريبا ، واجواق الاخباري ، والنوادي الثقافيه التي تقف خلفها  عادة جماعات سياسيه ( 14) .
 
تكتب ( مس بيل) رساله الى ابيها تذكر له فيها انها حضرت مسرحيه وطنيه ، قام بتمثيلها جماعه من الشباب الوطنيين ،وتذكر كيف كان الحاضرون يصفقون كلما وردت كلمة ( الاستقلال ) اثناء التمثيل ، وكيف انها التقت في الحفله بأشد اعداء الانكليز  فصافحتهم بروح وديه (15) .
 
نخلص مما تقدم ،  ان العقود الاربعه المذكوره التي شهدت دخول المسرح الى العراق من  مصادر مختلفه نجحت  هذه النشاطات  في خلق ذوق بسيط للمسرح  عند نخبة الناس المتعلمه ، ولم يتعدى ذلك ، واعتبر عامة الناس ان هذا الدخيل بدعه وفرنجه دخيله مخله بالعادات والتقاليد الاجتماعيه المتوارثه ، وتخنيث للشباب ( حيث كان الشباب آنذاك يقومون على المسرح بأداء الادوار النسائيه ) ، الا ان الشباب المتنور والثائر على التقاليد والاوضاع التي كانت تحكم المجتمع ، استغلت هذا الوافد كتحدي لهذا الواقع وحاولت استخدامه ايضا كأداة سياسيه تحريكيه ، لذا كانت بدايات المسرح العراقي مرتبطه بالنخبه من طليعة الشباب المثقف ، التي كانت تناضل من اجل التحرر والاستقلال والهويه الوطنيه للعراق ، انضم اليهم  بعد ذلك نخبة من رجال الدين المتنورين المناوئين للآحتلال البريطاني الذين لعبوا دورا في ثورة العشرين .
 
تميزت نشاطات هذه الفتره بالموسميه  والهامشيه ، وانحصرت داخل جدران المدارس  ومنتديات النخبه ، معزوله تقريبا عن الطبقات الشعبيه الواسعه التي لم تكن في متداول يدها غير فنونها الفلكولوريه الاصيله المتوارثه ( رواة السيره ، والقصخون ، وخيال الظل ، وطقوس الشيعه المهرجانيه ( التشابيه )التي كانت تقام في عاشوراء ، وهي اصلا غير اصيله تماما وفدت ايضا الى العراق متأخرا في زمن  الحكم القجري في ايران ،  وترسخ بعد ذلك في ثقافة الشيعه من بدعه دخيله في البدايه الى طقس من الطقوس الدينيه الاساسيه الان عند شيعة العراق ، والالعاب التي كانت تجري في الاسواق والساحات العامه  في المناسبات  والاعياد كألعاب السحره والحواة والقراده والبهلوانيين واللاعبين على الحبال .. الخ من فنون الشارع التي كانت شائعه في المنطقه منذ القرون الوسطى ) ، لقد كان الناس لهم فنونهم التي يعبرون بواسطتها عن مشاعرهم ومواقفهم ورؤاهم  وغضبهم ازاء الاحداث الهامه بشكل عفوي في احيان كثيره ، فقد كان للشعر الشعبي و(الهوسه ) دورتحريضي مشهود كما هو معروف في ثورة العشرين ،
 
 
ان هذه الفنون الشعبيه التي كانت تقام في الافراح والمناسبات الدينيه ، التي انغلق عليها الناس ولم ينفتحوا على غيرها من الجديد  الوافد من الخارج ، لعبت دورا  كبيرا في رفض وعرقلة انتشارالمسرح الوافد  في هذه الفتره ، كونها كما فهمت انه ضد الدين وقيمه من جانب ،  وكونه مرتبط بعادات الفرنجه الكفره الاجانب من جانب اخر ( لم يكونوا يعتبرون العثمانيين اجانب لكونهم من الامه الاسلاميه )   . ولم يكونوا مقتنعين بالمروجين للمسرح من الشباب المائع من ابناء ( الجلبيه )  سادتهم الظالمين المستغلين .
 
ان محدودية انتشار المسرح حتى في المدن ، التي اقتصرالنشاط على مراكزها في بغداد والموصل والبصره ، يعود الى ان  هذه المدن تشكل  مراكز تجمع الفئه المتنوره من الشباب القليلة العدد نسبة بما لايقاس الى عدد سكان هذه المدن من الرافضين لهذا الدخيل الحضاري من فقراء الكادحين والحرفيين والمعدمين والعاملين في الزراعه ، بالرغم من ان الفئه المتنوره فاعله ومحركه سياسيا ، مع ذلك لم تنجح في ان توسع الحركه المسرحيه الى خارج مراكزه المدن نحو الاطراف والارياف والقرى ، لانغلاق المجتمع على نفسه آنذاك ، ولم تتحول في هذه العقود الهامه الى ظاهره جماهيريه لتكتسب صفة المسرح الحقيقي في العراق ،  وهي الديمومه .
 
ان هناك وثيقه هامه تكشف عن هوية الشباب المساهمين في تقديم مايعتبر  انضج  محاوله مسرحيه في اطار هذه الفتره من حيث التأليف والتمثيل ، والذين احتلوا فيما بعد تأسيس الدوله العراقيه ، مراكز رفيعه في سلك اجهزة الدوله ، والبعض منهم أخذ يلعب دورا يتعارض سياسيا وفكريا مع طبيعة الدور الذي كان يقف وراء مشاركته في هذه المحاوله المسرحيه الرائده .
 
تشير هذه الوثيقه التي نشرها مصطفى نورالدين الواعظ ، تحت عنوان (  تمثيل الروايات لتغذية الثوره ) ان مسرحية (النعمان ابن المنذر )التي الفها الشاعر مهدي البصير والتي تعد اول عرض فني سياسي في العراق ، قد قام بتمثيلها كل من الساده قاسم العلوي ( محام) وعبدالقادر صالح ( مدير الحسابات العام ) ومحمود خالص ( عضو محكمة التمييز ) و نجيب الراوي ( وزير المعارف سابقا ) وابراهيم الواعظ ( حاكم ا ستئناف الموصل ) وعلي غالب العزاوي ( محام توفاه الله ) والحاج رؤوف الدهان ( حاكم في المحاكم العراقيه ) وعبد العزيز ماجد ( حاكم في محاكم العراق ) واحمد الراوي ( مدير الخارجيه العام ) وعبد القادر جميل ( حاكم استئناف الموصل ) وحسن سامي التاتار ( عضو محكمة التمييز ) وطالب مشتاق ( مدير البنك العربي) وجميل الراوي ( مدير مدرسة الشرطه) وجميل رمزي ( ضابط في الجيش توفاه الله)  وخيرالدين خورشيد ( ضابط في الجيش ) وامين خالص ( مفتي اداري ) وانور النقشلي ( مدير ادارة المجلس النيابي سابقا ) فمثلنا رواية ( النعمان ابن المنذر) مرتين ، مره لمنفعة مجلة ( اللسان ) والثانيه لمنفعة  المدرسه الاهليه ( التفيض اليوم ) وكان الدخل في كل مره يتجاوز العشرة الاف روبيه وكل هذه المبالغ كانت ترسل الى الثوار في الجنوب  ( 16 ).
ان العناوين التي الحقها مؤلف الكتاب ( الروض الازهر) بجوار اسماء الممثلين هي عناوين وظائفهم التي كانوا يشغلونها في اواخر القرن الماضي عند تأليفه لكتابه ( 17 ) .
 
بمعنى ان هذه النخبه التي لعبت دورا ثوريا في مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال ، هي ذاتها التي تسلمت فيما بعد ارفع المناصب في الدوله العراقيه الحديثه ،  واخذت تلعب لاحقا الدور الكابح في السلطه للتوجهات الشعبيه  الراميه للآنعتاق من اغلال الاحلاف والمعاهدات الجائره والغير متوازنه  التي ربط بها العراق اثناء الاحتلال ربطا محكما بفلك الامبراطوريه البريطانيه .


1- 1880 تاريخ كتابة اقدم مخطوطه لمسرحيات عراقيه ( آدم وحواء) , ( يوسف الحسن ) و (طوبيا )  تأليف الشماس حنا حبشي ، عثرت عليها في مكتبة الاب توما عزيزه في عام 1966 واهداها لي عندما لمس مدى اهتمامي البالغ بها، وبدوري قدمتها فيما بعد الى المركز الوثائقي للمسرح العراقي في عام1969  نزولا عند مقترح قاسم محمد بضرورة حفظها هناك لتكون في متناول الباحثين والمهتمين بالمسرح ، وعرفت  انها قد فقدت او اتلفت مع وثائق المسرح الكثيره التي كانت محفوظه في المسرح عند احتلال العراق.
2- ( حكومات بغداد ) عبد الحميد العلوجي - 1969.
3- ( الحياة المسرحيه في العراق 1880- 1921 ) أحمد فياض المفرجي  ( مجلة السينما والمسرح )  العراقيه العدد/1 حزيران 1982.
4- ( لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث) د. على الوردي - الجزء السادس /1976.
5- ( العراق في مذكرات الدبلوماسيين الاجانب ) نجدت فتحي صفوت  - بيروت 1969 .
6- ( المسرحيه العربيه في العراق ) د. علي الزبيدي -  ص/28 .
7- ( الحياة المسرحيه في العراق 1880 -1921 ) .
8- ( المسرحيه العربيه في العراق).
9- ( اثر المسرح العربي على المسرح العراقي) د. عمر الطالب . / القسم الاول / (مجلة السينما والمسرح )- العراقيه العدد /11 ايلول  1974.
10- ( الآداب العربيه في القرن التاسع عشر ) لويس شيخو -  ص/2 .
11- ( اثر المسرح العربي على المسرح العراقي ) .
12- ( الحياة المسرحيه في العراق 1880 -1921 ) .
13- المصدر السابق.
14- المصدر السابق.
15- ( خلق الملوك ) مس بيل - ترجمة عبد الكريم الناصري  - مكتبة النهضه -بيروت - 1980 .
16- ( الروض الازهر في تراجم آل السيد جعفر ) مصطفى نورالدين الواعظ.
17- ( وثائق مسرحيه ) احمد فياض المفرجي - مجلة ( السينما والمسرح) العراقيه العدد /11 ايلول 1974 .