نساء كاووش الجميلات

نعمة السوداني

اخترقن نساء كاووش الجميلات مخدع الفنان الهولندي الكبير فان كوخ وأسّرن قلبه وحلمن معه احلامه وحلّقن في عوالمه الملونه( وهو الذي يحمل اللون ذو الشحنة التعبيرية المتفجرة) بعدما حللن عليه ضيفات لليالي معدودات من خلال 24لوحة , تكاد وانت واقفا امامهن مندهشا ,تتأملهن تشم رائحة الشرق كل الشرق وهي تفوح من اجسادهن الممشوقات , كان هذا في مدينة (Hoog veen) الهولندية وفي بيت الفنان (فان كوخ) والذي يسجل اول سابقة لفنان عربي/عراقي/شرقي يقدم معرضه فيه ,المعرض كان تحت عنوان (تحية الى فنسنت) الذي كان يعيش في هذا البيت عام 1883 اي ان اللقاء حدث بعد 123 عاما...
لااريد الخروج عن مضمون العنوان وفي علاقته الجمالية مع الانتاج الذهني والفكري للفنان الرائع ستار كاووش وهو يستعرض لوحاته السحرية في معرضه لابدمن الاشارة الى القدرة الكبيرة التي يملكها للسيطرة الكاملة على أستخدام اللون الازرق—الاخضر الذي بدوره يقرب الجمال والثقافة والفكرة من خلال البصر وهو ينثر نسائه الجميلات مقدسات داخل الاطار وخارجه وهن بهيئات العاشقات/الراقصات/الحالمات/الشاردات,كما يبرز حبهن للغواية,فهن يعيشن حالات من الخصوصية والرغبات واللذة ,لقد نثرهن كملائكات يحلقن بعوالم بعيدة عن الارض هائمات وسعيدات,لم يكن هناك عالم خاص بنسائه لم يدخل اليه هذا الكاووش الجميل , تلك هي الذائقة الجمالية العالية التي جسدها بلوحاته السحرية..

لقد حقق الفنان كاووش بفنه هذا الحرية التي اتيحت اليه وهو يعمل بدأب وتواصل مستمرين ليل نهار مفرغا ما استوعبه من شحنة الاحساس الفني المرهف معلنا أن نسائه جاهزات للزيارة وامكانية التحاورمعهن كحقيقة واضحة وهن في كوادرهن منتظرات...
لقد اعطى المبدع كاووش لتلك الموضوعات الانسانية اهمية كبرى للالوان والظل وكذلك الانحناءات ( التي تشكل له المرأة بكل المعنى) والعمق والمساحة التي هي تعبير واضح عن الاحساس بنسائه وهن يشغلن لوحاته وهو نفس التأثير والأهمية .
على المتفرج بشكل او بآخر ومن النظرة الخارجية لهن قبل ان يسبر اغوارهن .
ان توزيع اللوحات على جدران البيت في المدخل وفي الصالة او في الطابق الثاني كان معتمدا على ميزانسين عام لخلفية اللوحات من تاثير تشكيل المكان انعكاسات الضوء الفراغات حجم اللوحات بشكل فني وهندسي لكي تاتي متناغمة ومتناسقة مع الاجواء والخطة المرسومة التي ابدع فيها الفنان ستار كاووش مما ادى الى تعميق الاحساس لدى الحضور والانبهار والدهشه...

 

وفي الحقيقة لست ابالغ اذا قلت بأن كل لوحة من تلك اللوحات تنهب منك هدوئك وانت تتأملها فترمي بك الى عالم اخر يختلف هذه المرة عن اي عالم في لوحة اخرى بدلالاتها وعلاماتها الانسانية.
ان للابداع الداخلي للفنان كاووش دوراً مهما فهو يبدأ من أدواته الروحيه كالمشاعر والاحاسيس والارادة القوية والعقل لكي يعبئ عناصره الداخلية وهذا يستمد من ثقافته وتجاربه وذاكرته التي تحمل بعدا تاريخيا وايضا القوى المحركة للابداع والخلق,فكان له اختيار دقيق لباعث الحركة واعطائها احساس بالمتعة في كل فعل وحدث من خلال النص الذي اعتمده تجسيداً لرسم لوحاته..
أهتم كاووش جدا في معالجة سطح اللوحة بشكل مبدع وبقدرة فنان يعرف ادواته وكيف يستخدمها ليبهر المتلقي وهي تشكل له الفعل الكبير فنرى بلوحاته بقع ضوئية جميلة اشبه بحبات الثلج منثورة بكل مكان كما هي في الوجه او على الجسد.
ان المناخات في اللون (الازرق—الاخضر )عند كاووش هي انعكاسات للبيئة التي يعيشها ,ان التأثير واضح جدا كما ان جغرافية هولندا المفتوحة وهي ايضا خضراء وزرقاء لعبت دورا مهما له فانعكس ذلك على اعماله ,ان اللون الازرق وتدرجاته بارزا لكل اعماله.
كاووش متجدد وروحه الانسانية تمتلك خاصية تقديم فن حقيقي ممتع منسجم مع ادواته له عناصر جماليه تبهر وتدهش وفي نفس الوقت تخاطب العين والعقل والاحساس ومن خلال تقنياته العالية والتي تبدو واضحة المعالم بالمسحات الجمالية مما يثير الدهشة والاعجاب ,وكما هو كذلك فهو ايضا يمتلك وسائل اقناع لتعبيريته الرائعة لكونه يقدمها للمتلقي (المشاهد) بطريقة الثنائية التي يحملها خطابه الفني الحقيقي المتمثل بالتفاعل بين ( اللوحة والمتلقي ) والتي تأسس مرحلة المشاعر والأحساس للجميع....

من المعرض: احسست ان هذه اللوحات تشكل لي سعادة وحنين للدفء والصداقة وحب المرأة وإضاءة وانسجام روحي و لقاء ببعيد,,,,,

اعطني شمس الصباح (سعادة )
امرأة من الكريستال (خطوط متقاطعة )
وداع الشتاء الحنين للدفء )
الانحناءات (المرأة )
الحلم الازرق ( صداقة ساحل مضئ )
المعطف (رجل وامرأة ) ( انسجام )
الرسالة ( تهريب روحي )
الحوار في المرآة ( الغور في الاعماق )

هولندا
30 أغسطس 2006