| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

فنون

 

 

 

الأثنين 26/3/ 2007

 

 

في الذكرى ال(75 ) لمؤتمر الموسيقى العربية


حميد البصري

عام 1978 ، اطلعت ، ولأول مرة ، على واقع مؤتمرات الموسيقى من خلال مشاركتي في مؤتمر بغداد الدولي الثاني للموسيقى كعضو في المؤتمر ممثلاً لمعهد الدراسات النغمية . وقد كان لي اطلاع على وثائق ومجريات مؤتمر الموسيقى العربية الأول عام 1932 في القاهرة وما طرح في جلسات المؤتمر من بحوث وأفكار كان أخطرها ما دعى اليه بعض علماء الموسيقى الغربيين ، امثال العالم الألماني ( لاخمان ) ، الى الابتعاد عن الآلات الموسيقية الغربية كالكمان وعائلتها وعدم استخدامها في الموسيقى العربية بحجة الحفاظ على هوية الموسيقى العربية ، وان تلك الآلات أدخلها الاستعمار الغربي ..... الخ من تلك الأفكار . وقد تصدى لتلك الأفكار التي تعرقل تطور الموسيقى العربية بعض الموسيقيين العرب المتنورين في حينها .
كان المرحوم ( منير بشير ) قد عاد الى العراق قي بداية السبعينات من القرن الماضي بدعوة من حزب البعث الحاكم في العراق ودعم لا محدود من قبل ( طارق عزيز ) شخصياً وعين مستشاراً في وزارة الثقافة والاعلام . وقد استغربنا من أفكاره التي كانت متطابقة مع طروحات بعض الموسيقيين الغربيين في المؤتمر الآول للموسيقى العربية التي اشرت اليها أعلاه ، وأخطر من ذلك، انه طبقها حرفياً في بغداد بحكم صلاحياته المطلقة ، فألغى فرقة الإذاعة الموسيقية واستعاظ عنها بآلات عربية فقط ( العود – القانون –الناي – الايقاع )مدعياً أن آلة الكمان وعائلتها هي آلات أدخلها الآستعمار الغربي لتشوية موسيقانا الأصيلة ... الخ من ذلك الكلام الذي مضى على طرحه ما يقارب النصف قرن . وامتدت تلك التصرفات الى نوادي الشباب وغير ذلك .
أعود الى مؤتمر بغداد الدولي . فقد توقعنا طرح مثل تلك الأفكار خاصة وان ( منير بشير ) كان رئيس الوفد العراقي وهو المنظم للمؤتمر ، وفعلاً طرح مقترح الغاء مدرسة الموسيقى والباليه . لكن عدداً من الموسيقيين العراقيين تصدوا لذلك المقترح وأفشلناه .
لقد كانت جميع البحوث التي قدمت في المؤتمر تتحدث عن تأثير الموسيقى العربية الاسلامية على الموسيقى الأوربية في العصر الوسيط ، هذا الموضوع الذي لا تأتي أهميته بالدرجة الأولى بقدر مواضيع موسيقية كثيرة نحتاج لبحثها ومناقشتها لتطوير الواقع الموسيقي في الوطن العربي . وقد شاهدت بنفسي اعداد التقرير الختامي والتوصيات قبل انتهاء المؤتمر من قبل بعض المشاركين .
بعد ذلك اتيحت لي فرصة المشاركة في مؤتمرات للموسيقى العربية في الأعوام 1992 في القاهرة، 1993 في لبنان ، 1994 و1998 و2000 في القاهرة ، قدمت في بعضها بحوثاً موسيقية . ورغم تقديم بعض البحوث القيمة في تلك المؤتمرات ، إلا أن عدم الزامية تنفيذ التوصيات العملية من قبل السلطات المعنية في الدول العربية جعل من تلك البحوث مشاريع على الورق فقط ، وبالتالي لا قيمة لتلك المؤتمرات دون نتائج ملموسة على واقع الموسيقى العربية . ورغم المؤتمرات السنوية المتكررة ، نجد واقع الموسيقى العربية ينحدر من خلال موجات الغناء التجاري المتدني المدعوم من قبل المؤسسات المالية الهائلة والتي غزت معظم الفضائيات العربية مما له تأثير سلبي على ذوق الأجيال العربية . فهل من اسلوب جديد لتنفيذ توصيات المؤتمرات الموسيقية في المستقبل المنظور؟ أتمنى ذلك .