| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

فنون

 

 

الثلاثاء 14/4/ 2009

 

مفارقات الانتاج المسرحي عند العرب والاوربيين

صلاح حسن


الشاعر والمؤلف المسرحي صلاح حسن

المسرح فن مطالب ، فبالإضافة إلى الإمكانيات الفنية العالية يحتاج المسرح إلى إمكانيات مادية هائلة لكي نقدم عملا مكتملا وجادا . لا يمكن بطبيعة الحال الحديث عن الفرق الشاسع بين مسرحنا العربي والمسرح الغربي من جميع التفاصيل لان ذلك يتطلب دراسة شاملة ومتابعة ميدانية لن تتاح لأي دارس بسهولة . ولكي القي الضوء على بعض هذه التفاصيل سوف اروي جزءا من خبرتي مع المخرجين الذين قدموا أعمالي على المسرح في العالم العربي وأوربا حيث ستتضح الطريقة التي يعمل بها كل مخرج ضمن السياق الثقافي للبيئة التي يعيش فيها . قبل عشر سنوات قدمت لي أول مسرحية في هولندا هي مسرحية " أوهام " وهي مونودراما عن الحرب يرويها لاجئ حطمت الحرب كل أحلامه . هذا العمل على قصره استغرق العمل فيه ثلاثة أشهر وكلف ما يقرب من عشرين ألف دولار موزعة بين المؤلف والمخرج والممثل والتفاصيل الأخرى . هذا العمل نفسه قدم ثلاث مرات في البحرين وسوريا وروسيا لكن الفرق بين تقديمه في هولندا والبلدان الأخرى ، واقصد بالفرق في طبيعة التعامل مع المؤلف شاسع وغريب . في هولندا يدعى المؤلف وتستحصل موافقته على عرض العمل في وقت ومكان محددين ضمن أجور معينة ويوقع عقدا بكل هذه التفاصيل . ما جرى في سوريا والبحرين وروسيا مخجل ومزعج إلى درجة محزنة .. فقد قدم العمل في البحرين دون إذن من المؤلف وبالمصادفة اكتشفت إن هذا العمل كان قد قدم قبل ثلاثة أشهر ضمن مهرجان الريف المسرحي . وعندما حاولت إن اعرف التفاصيل اضطررت إلى الاتصال بأكثر من جهة حتى أصل إلى اسم المخرج الذي قدم العمل . لحسن الحظ إن المخرج قدم اعتذاره متذرعا إنه لا يعرف عنوان المؤلف ، إما الأجور التي حصل عليها المؤلف فكانت 150 دولارا .! ما حدث في سوريا كان أسوأ بكثير ذلك إن المخرج السوري الذي قدم العمل لم يكلف نفسه حتى بالرد على رسائل المؤلف وتجاهل كل شيء مع إننا لم نطلب منه سوى صور العمل لكي نضمها إلى الأرشيف . إما ما حدث في روسيا فلا اعرف أي تفصيل عنه .
هل يحتاج هذا الأمر إلى تعليق ؟؟
الشيء نفسه حدث مع مسرحيتي " الصفعة " الذي قدم في هولندا في أكثر من مسرح لأكثر من 27 عرضا وقدم في ليبيا دون إذن أو إشعار ومر كل شيء مرور الكرام . في العالم العربي لا تجود تقاليد ثقافية لذلك تعيش الثقافة في بلداننا حالة من التخشب واليأس وعدم الاحترام أيضا .

في بلجيكا عملت مع المخرج العراقي المعروف حازم كمال الدين في مسرحية " بلاد السلاح " تتحدث المسرحية عن مدينة بغداد وقد حرفنا اسم مدينة السلام الذي تعرف به بغداد لكي نشير إلى الوضع المأساوي الذي عاشته بغداد بين 2003 و 2006 . يعمل حازم كمال الدين كمخرج أوربي في طريقة تعامله مع المؤلف والممثل ككل المخرجين الأوربيين ، لذلك فالعمل معه سهل لأنه واضح وجاد ويعرف ماذا يريد وسوف اكرر العمل معه في مسرحية جديدة اسمها " هذيان الجثث " التي ستعرض في نهاية هذه السنة . تتحدث المسرحية عن الجثث المفقودة الهوية .


مشهد من ( أيام الاسبوع )

أخر عمل قدم لي كان مسرحية للأطفال عنوانها " أيام الأسبوع الثمانية " عرض في أربع دول هي المغرب والجزائر والعراق وبريطانيا خلال السنة الماضية وحدها . عندما عرض العمل في البلدان العربية لم توجه الدعوة إلى المؤلف ولم يحصل على أية حقوق واكتفى المخرجون بإرسال صور قليلة . إما في لندن فقد استطعت إن احضر العرض بعد إن قدمت المخرجة أحلام عرب تذكرة الطائرة وهو كل ما كانت تقدر على تقديمه خصوصا وإنها لم تحصل سوى على دعم قليل للغاية .
كيف يمكن إن نستقبل يوم المسرح العالمي بهذه الطريقة من التفكير والتعامل ؟ لا أريد إن أحث الحكومات العربية من اجل دعم المسرح العربي لان هذا الموضوع أصبح مضحكا وتافها ، ولا أريد إن اقدم نصائح للمبدعين المسرحيين فهم يعرفون شؤونهم أكثر من غيرهم ، لكنني ادعوهم إلى متابعة ما يحصل في العالم المتقدم من تغيرات جذرية في المناهج والمدارس المسرحية الجديدة . أريد أو أتمنى إن تتاح لهم الفرصة للاطلاع على ورشات العمل التي يقدمها كبار المخرجين في العالم والاستفادة من التجربة الأوربية التي استحدثت ما يسمى "بالدروماتوغي" الذي يشرف على العمل المسرحي ككل بما فيه عمل المخرج الذي يتلبس شخصية الديكتاتور عندنا.


مشهد من ( الصفعة )

 

 

free web counter