| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

فنون

 

 

الثلاثاء 14/4/ 2009



الباحث عن الضوء

طارق الخزاعي


المسرحي طارق الخزاعي

لازلت منذ أكثر من ثلاث عشر عاما, أتذكر بمرارة موقف لا يتسم والروح المبدعة والثقافة والوعي لحفنة من دعاة الفن والثقافة في الأردن وأنا أناضل من اجل تأسيس فرقة مسرحية بأسم (جدارا) * بمدينة أربد التي كانت ولازالت مدينة الفنانين والأدباء والشعراء... جمعت عام 1995 أغلب الشباب الهواة سواء الذين كانوا يدرسون المسرح في جامعة اليرموك أو من طلبة جامعة أربد أو من الكسبة والعمال..كتبت وأخرجت مسرحية بعنوان - جدارا تشرق للشمس من جديد - وبالتعاون مع مديرية سياحة أربد ... أقيم في عام 1996, مهرجان شعبي حافل وتم في ختامه عرض مسرحية - جدارا - في الهواء الطلق وبين الأعمدة والآثار التي شهدت أحداثها وشخوصها...حضر جمهور لم أتوقعه أطلاقا...وحضرها نخبة من الفنانين والكتاب والمثقفين الأردنيين وعلى رأسهم وزير الثقافة الأردنية آنذاك - الدكتور قاسم أبو عين - الذي أمر بعرض المسرحية ثانية في مسرح الشرق وفي مدينة - جرش - الأثرية ليتسنى للعديد من الناس مشاهدتها, وكذلك رشحها لتمثيل الأردن في مهرجان البحر الأبيض المتوسط لعام 1996 بل وأمر بطبعها وترجمتها للغة الإنكليزية ، وقام بترجمتها الدكتور عبد الله الشناق رئيس جمعية المترجمين الأردنيين. ومن ثم عرضت على قاعة المسرح الملكي الأردني بحضور الأميرة عالية وسافرت المسرحية إلى ايطاليا دون المؤلف والمخرج - الفقير لله - بل ودون مصممة الديكور والأزياء المهندسة العراقية أحلام القاضي التي لم تتقاضى دينارا واحدا !!..ونالت المسرحية الجائزة الأولى مع جائزتين للممثلين في المهرجان العالمي المسرحي لدول البحر الأبيض المتوسط الذي أقيم في مدينة - بروجيا -, وأرسل لي رسالة شخصية رئيس المهرجان الإيطالي - الكاتب والمخرج - جينولوكابوتو - يشكرني فيها على هذا الجهد المسرحي, وقد التقيت به بعد ذلك شخصيا وأخبرني أنه كان يعلم بسرقة جهودي من قبل مدير المسارح والفنون الاردني انذاك بعد اجراء تعديلات طفيفة وبالتعاون مع اناس نصف موهوبين ، ليتقاسموا الغنيمة المادية والمعنوية وليمنحوا العرض بصمة أردنية لا عراقية .!!!


لقطات مختلفة من اعمال الخزاعي

لم يكتفوا بسرقة جهودي الفنية بل وسرقوا حقي المادي في التأليف المسرحي الذي أصبح في جيب احد الدكاترة ولم أمنح دينارا واحدا رغم أني كنت أعيش على الكفاف اذ أن المال لذي جلبته من العراق كاد ان ينفذ... وتكاد تكون المصيبة أعظم حين ألقت المخابرات الأردنية القبض علي وأخضعت للتحقيق من قبل مدير مخابرات أربد آنذاك, لم ينقذني من الورطة سوى قبولي لاجئا سياسيا للسويد .
حين أتذكر بمرارة وألم ذلك الموقف الذي لازلت أمتلك فيه الوثائق القانونية من مديرية الرقابة والمطبوعات ووزارة الثقافة التي تعاطف معي موظفيها...أحس...كم قيم الفن والثقافة والأدب وحتى الأخلاق, تنحط بنذالة في نفوس أولئك الذين يتربعون على تلك المسؤولية بالصدفة والحظ لا الكفاءة في الوطن العربي.
علمني هذا الموقف ... كيف أحترم ذاتي وفني أكثر...وأن أواصل الإبداع في أي بلد أخر دون خوف ...وأن بعض حملة شهادات الدكتوراه لم يتورعوا من سرقة أكذوبة جهود المبدعين الاخري ,
وكانت صرختي الثانية هي مسرحية (غوته ينشد للشرق حبا)...التي قدمتها بالتعاون مع معهد غوته الألماني وعرضتها من خلال نخبة شابة من ممثلي الجامعة التي كرمتني وكرمني معهد غوته لتترجم المسرحية لثلاث لغات ومن المحتمل أن تقدم في السويد قريبا ... وواصلت نضالي المسرحي لأقدم مسرحية - الباحث عن الضوء - وهي تتحدث عن محنة المثقف والمتعلم العراقي ضد السيطرة الديكتاتورية والحكم الفردي المتسلط على رقاب العراقيين آنذاك لأفوز بجائزة أفضل مخرج وكاتب نص من قبل مهرجان الفوانيس الدولي حيث لم يكن كرسيا فارغا آنذاك ولأصعد لأستلم الجائزة وسط حفاوة الحاضرين وفي نفس الوقت نصعد معا للمنصة مع أستاذي الدكتور فاضل خليل الذي فاز بجائزة أفضل مخرج مسرحي.


*
جدارا... مدينة تأريخية تقع شمال الأردن وقرب بحيرة طبريا ...تأسست قبل ظهور السيد المسيح واشتهر فيها أدباء وفنانين وشعراء وسياسيين حكموا روما..تسمى الآن ( أم قيس ) لا تزال أثارها شامخة للعيان ولا يزال فيها مسرح بناه الرومان .








 


 

free web counter