| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

هذا الكتاب

الخميس 18/11/ 2010

 

تأثيرات الليبرالية الجديدة على السيادة الوطنية

د. فاخر جاسم

في كتابه الجديد، يواصل الدكتور لطفي حاتم ابحاثه عن افكار الليبرالية الجديدة ومرتكزاتها الفكرية والسياسية، محاولا تفكيك العلاقة بين الروح العدوانية التي تتميز بها السياسية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وتنبني النخبة الحاكمة فيها لأفكار الليبرالية الجديدة، باعتبارها الاداة الأيديولوجية التي ترتكز عليها. مشيرا بهذا الصدد إلى توظيف الليبرالية الجديدة إلى جهود العلماء والباحثين في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، للترويج لوصفات الليبرالية الجديدة ، السياسية والفكرية، على الصعدين الداخلي والخارجي، فقامت بتأسيس معاهد الابحاث لتنظيم النشاط الفكري للباحثين، بهدف اعطاء مسحة علمية لأفكار اليبرالية الجديدة. وقد بدأت هذه المعاهد منذ بداية التسعينيات الترويج للمفاهيم الاساسية لليبرالية الجديدة المتمثلة في حرية التجارة والأسواق والمعلومات باعتبارها النهج الوحيدة للتطور الاجتماعي والاقتصادي على الصعيد العالمي.

ومن أجل حل التناقض بين وصفات الليبرالية الجديدة لتطور البلدان الوطنية ومبدأ السيادة الوطنية جرى تعويم هذا المبدأ لصالح حرية التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان الاخرى من خلال الترويج لمفهوم التدخل الإنساني، فشير الباحث بهذا الصدد إلى" استبدال مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية بمبدأ التدخلات العسكرية لحسم النزاعات والحروب الداخلية، استخدام القوة بهدف استبدال انظمة سياسية استبدادية بأخرى ( ديمقراطية) ص 100. اضافة إلى استخدام الضغط الاقتصادي من خلال الوصفات الاقتصادية للمؤسسات المالية الدولية. ولاعطاء ملموسية لافكاره يشير الباحث إلى فشل محولات مفكري الليبرالية الجديدة في التغطية على النتائج الاجتماعية السلبية عند تطبيق وصفات الليبرالية الجديدة في العديد من الدول الوطنية خارج العالم الرأسمالي، حيث تشهد هذه البلدان تخلخل نسيجها الاجتماعي وعدم استقرار بنيتها السياسية.

لقد تناول الدكتور لطفي حاتم الموضوعات السابقة، من خلال فصول الكتاب التي حملت العديد من العناوين منها ، الليبرالية الجديدة وتطور العلاقات الدولية، الليبرالية الجديدة ومرتكزاتها السياسية والفكرية، مراجعة التاريخ وإدانة الروح الوطنية، الليبرالية العربية والمراجعة التاريخية والروح الإنقلابية، خطاب الرأسمالية وأزمة الفكر الاشتراكي، التوسع الرأسمالي وتغييرات وظائف الدولة الرأسمالية، التحالف الأطلسي وتدويل وظائفة الهجومية، كما ورد في الفصل الثاني. وتناول الفصل الثاني الذي حمل عنوان العولمة الرأسمالية والقضية القومية تحليل العديد من الموضوعات منها: التوسع الرأسمالي والدول القومية الناهضة، العولمة الرأسمالية والموجة القومية الثالثة، التغييرات الدولية والنزاعات الوطنية / الإقليمية، الدولة الوطنية بين التهميش والالحاق، بين التبعية والاندماج، آليات السيطرة والضبط الاجتماعي في الدولة الاستبدادية.

في ختام الكتاب، حاول الباحث تناول الاشكالات التي أثارها الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال الاجابة على بعض الأسئلة منها: ما علاقة الاحتلال الأمريكي للعراق على تطور التكتلات الاقتصادية الدولية؟ ماهي طبيعة المرحلة الانتقالية التي تعيشها الدولة الوطنية في الطور المعاصر من العولمة الرأسمالية؟ كيفية الربط بين التنمية الوطنية وتوجهات الليبرالية الجديدة؟ ما هي طبيعة الأمن الأقليمي الذي تسعى الإدارة الأمريكية إلى بنائه؟
بخصوص تأثير الاحتلال الأمريكي للعراق، يشير الباحث إلى تعزز دور المراكز الرأسمالية الأقليمية مثل الصين والهند والنمور الأسيوية، الأمر الذي هيأ لظهور تكتل أقليمي جديد، يمتاز بتحقيق نسب نمو اجتماعية اقتصادية عالية. كما أن تطور القوة الاقتصادية والسياسية للاتحاد الاوربي وتعزيز التعاون ضمن دول اتفاقية النافتا ، يشير إلى ظهور أشكال جديدة من التكتلات الاقتصادية يطلق عليها الباحث ب " التكتلات الاقتصادية القارية الكبرى".
لا يخلو الكتاب من العديد من الاستنتاجات التي تدعو الباحثين والمفكريين إلى مواصلة التعمق بدراستها في المستقبل نشير إلى بعضها :ـ
1ـ تحول موضوع صراع الحضارات التي بشرت بها الليبرالية الجديدة، كغطاء أيديولوجي للاندفاعة العسكرية الأمريكية إلى حوار بين الحضارات تشترطه وحدة وتنوع المصالح المشتركة بين التكتلات الاقتصادية القارية الكبرى.
2ـ تضاءل دور الدولة الوطنية في السياسة الدولية وترحيل مبادئ الاستقلال والسيادة الوطنية إلى فعاليات وقوى خارجية، حيث ينعكس هذا التغيير على المنظومة السياسية للدولة الوطنية وسلطتها السياسية.
3ـ تبلور ملامح مرحلة انتقالية يمكن تسميتها بازدواجية السلطة بين المركز الرأسمالي وبين الحليف الحاكم في الدولة الوطنية تمهيدا لبناء المستلزمات الضرورية لتشكيل التكتلات الاقليمية التابعة.

وعلى ضوء الاستنتاجات السابقة يشير الباحث إلى أن العقول الاستراتجية الامريكية بدأت تميل إلى مجاراة التطور العالمي ونبذ التفرد الامريكي في معالجة القضايا النتائجة عن تعقد العلاقات الدولية.
 


جريدة الشرق الاوسط اللندنية 14/11/2010
 

 

free web counter