آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 30/7/ 2009



خطواتٌ وهمية مع النـَّواب

سعد الشلاه

في الليل ِ ..
وفي آواخر ِ ساعاتـِه
هناك بعيداً .. ما بين الآفاق ِ
وما بين النصل ِ والجرح ِ
تسرقُ أقداميَ الخطواتُ
والسهدُ يقبض قلبي والوجيبُ عيوني
تتشابكُ في رأسيِ الأفكارُ
وأحلامُ اليقظة ِ والنوم
أخلط ما بين النـّواب و زوربا
ولا أفرِّقُ بين الأنغام ِ
رقصة ُ زوربا تذكـِّرني دوما ً
بأنين ِ النّـَواب ( المـْحـِمـِداوي )(*)
يا صاحب َ الروح ....
ما لي هل جـُنـِنْت ُ ..
ولمْ ؟
أدر ِ بحالي ..
وامتلأتُ ...
أ َلـَمْ
من روضـِته ِ الدمشقية :
( الأنغامُ لم تأتِ كما الآن انسجاما ) (1)
إرتقيتُ الى السماءِ ..
كحمامةً ٍ تبتسم
وحاولتُ ، مراراً
أن أصْطـَحب َ النـّواب في أحلامي
تريثتُ ..
كثيراً ..
وصادرتـْني الحروف ُ
واجـْترّت ْ جـُرحيَ الأممي َ
وصمتـُها الذي يـُغلي دمي
يطردُني من زمني
ولم يمنحـْني الفرصة َ لألْبـَسَ
ربـْطة َ الحرفِ القرمزية
التي اعتدتُ لـِبْسَها في المآتم
وفي منتصفِ حُلـُم ليلة ِ صيف ٍ
قررتُ أن أخضِّبَ قلمي بالحنـّاء
و أبخـَّرَ أوراقيَ
بـِماء الزهر ِ
وأبعثـَها مع حمامةٍ شاردة
لعلها تحط ّ ُ عند النـّوابَ
فيشمّ ُ لونَ حروفيَ
ويرى عطرَ الكلمات
**********
أقسم ُ يا سيدي النـّواب ..
إني أسـتـَحي من دموع ِ نخلتـِنا (الخستاوية ) (**)
التي قمـّطتـْها أمي بلحافيَ ..
ذات شتاء
وهي ترنو اليَّ كلَّ ليلة
فقد إعتادتْ أن تهزَّ جـِذعَها فتُساقـِط ُ
آخرَ زقـْزَقة ٍ لعصفور عادَ
لها بعد رحلة ِ بحث ٍ عن زمن
دموعـُها .. الحلوة ُ المؤطرة ُ بالحنين
ندىً يـُنـَثُّ على الضلوع
ينسابُ كنغماتِ ( طور الصّـُبي ) (***)
كنتُ أ ُغني لها .. أ ُكرِ ِمُها :
( هذا الحلو كاتلني ياعمـّة ) (2)  
تـَتـَّكِأ ُ عـُذوقَـُها على كـَتـِفـَيّ َ
تحنو عليَّ ..
تُدنيني من فسائـِلـِها
أحضنـُها ..
أضعُ أ ُذ ُني على كُربتـِها
أسمعُ أنين َ النسغ ِ الصاعد
آ .. يا ويلي .. آ .. يا ويلي .. آ يا ويـــــــــــــــــــــــــل
نضِبتْ يا سيـّدي خمرتـُنا
وتآكلتْ كؤوسـُنا
وبقيت ُ أعزفُ وحديَ نغمَ الصمتِ
تحت سعفاتِ الخستاويةِ العطشى
و .. (آه من رخص المغنين ) (3)    
ألم تر .. البساطيلَ وهي تردّدُ :
صرخة َ الحقدِ الدفين
فيطفحُ صديدُ السراديبَ المسلفنُ
بجهنم َ
بالسماوات الطـِّباق ....
والرفاق
فتزداد ُ أهلـَّة ُ المناراتِ صدأ ً ووحشة
تأملْ يا نـّواب ودعني أسكرْ
دعني أغرق ُ في النشْوة ِ
رويدا ً
رويدا
دعْني أنفلتُ من وجودي
لـِتعـُدْ براءتي ، ولو
للحظة ٍ واحدة
فالنشوة ُ تـُسحرُني
وتـَسْـتـَلّـُني من المقدس
ذرْني ، يا سيدي
أ ُموسـِق ُ الضفافَ والرمالَ
فــدجلة ُ أر ِقت ْ شواطؤُها
ولم تـَعُدِ الشموعُ تمرّ ُمن تحت جسورِها
ولم تقمْ بغدادُ من غفوتــِها..
بــَعْد
وقطارُ الليل نزفَ القهوة َ والهيل
(وتحركتْ دكّة ُ غسـْل ِ الموتى ) (4) ..
ولم يـَتَمَلْمَل حَمـَد
تأملْ ... أسكرْ
وليتسارعْ نبضُنا
ولنمارس ْ طقوسَ العربدة
فلم ْ ينطفأ الوهم ُ بعد ..
ولم ينته ِ السـِحرُ
و( الليالي من الزمان حُبالى ... مثقلاتٌ يَلـِدْنَ كلَّ عجيبِ ) (5)
من زاوية ٍ..
حمراء ...
خضراء ...
لا فرق
أ ُناجي العالم َ الثالث
وأطالبُ بملامحَ جديدةٍ ...
لوجهي أولا ً
ومواسيرَ أوسع َ... للنفط
أعرف يا سيدي النواب
اني ورصاصة َ موتي توأمين ِ
تنمو..
تترعرعُ ..
تشـِبّ ُ معي
تحاصرُ مراهقتي ثم تقذفُ رأسيَ
عند أوّل مزبلة ٍ يمـتصّـُها البائسون
أعرفُ هذا ..
أدرك ُ هذا ..
ولهذا
سأكتبُ مرثيّة َ العدالة
وأشرب ُ نصفَ البحرِ الأبيض ..
والسرطاناتُ تتثاءبُ أنفاسي
وأسكرُ .. أسكرُ .. أسكر ..
وامزج ُخمرتي بالخمر
فَوطني
جنة ُ أحلامي
ما زال مظلما
يتقاذفـُه الغلّ ُ والقيحُ
ويلوكُ به اللصوصُ و البغايا
وقنصليات ُ الرِبا
ولا أحد ٌ يمسحُ الغبارَ عن جبهته



(*) ( طور المْحِمـِداوي ) : طور غناء ريفي عراقي .
(**) ( الخستاوية ) : نوع من النخل العراقي .
(***) ( طور الصبي ): طور غناء ريفي عراقي ينسب للصابئة المندائيين .
(1) تضمين من قصيدة ( ندامى ) للشاعرالكبير مظفر النواب .
(2) مطلع أغنية عراقية غنتها المطربة العراقية ( لميعة توفيق ) والمطربة المصرية ( أنغام ).
(3) تضمين من قصيدة ( ندامى ) للشاعرالكبير مظفر النواب .
(4) مقطع من قصيدة ( وتريات ) للشاعر الكبير مظفر النواب .
(5) الجواهري الكبير .
 



 

 

free web counter