آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الثلاثاء 27/7/ 2010

 

أيها النائم

فهيم عيسى السليم
الى كل عراقي يحلم بالعودة للعراق

1
أيها النائم في صدري علامَ
لا تسلني بل سل الجائعَ لو رامَ الصياما
أتراهُ يعبد الخالقَ اٍذ يهوى ولا يلقى طعاما
أتراهُ يدركُ الخالقَ في شيطانهِ
أو تراهُ ينتمي للرب في أحزانهِ
أيها النائم في صدري علامَ
لا تسلني بل سل البلوى وقل أينَ الندامى
أتراهم غادروا الأرضَ الى أرضِ اٍرمْ
أم تراهم هاجروا نحوَ العدمْ
أم أرضُ عادٍ عشقها محضُ ألم في ألمْ
أيها النائمُ في صدري جروحاً في جروحْ
لا تسلني بل سل الجائعَ يغدو ويروحْ
سيصلي ويصلي للذي ماعاد يدري أننا صمنا كلاما،وشبعنا حين أفطرنا كلاما
اٍنما ملاًحنا كان جبانا
فحبانا
غصنَ زيتون وأعشاشَ حمامْ
سامنا كلَّ العذابات الغبية
فأضعنا في زحام الخوفِ معنى أن نكونْ
واٍنتهينا بعضنا بعضُ قضية
والبقايا ضيعوا حتى الهويّة
واٍنتهينا

2
أيها النائم في صدري علامَ
أيقظِ الناسَ فهم ماتوا كما ماتَ الضياءْ
ضوؤهم يخبو بمجد الكلماتْ، بينما الجائعُ ماتْ
أيقظِ الناسَ فقد ماتوا سباتْ
واٍستحالوا كائناتٍ من حجرْ
قد يصلون على ضوء قمرْ،قد يصومونَ على شوقِ سحرْ
ويموتون كما ماتَ النخيلْ
واقفاً يشمخُ مزهواً ولكن محضُ جذعٍ من خشبْ
سعفه والتمر قد صارا حطبْ
لضميرٍ من سعيرْ
وطعاماً للقذائفْ
ولهذا حين نشتاق لعذق من رُطبْ
نسأل الجذع المناضلْ
فيجيب: أبشروا تحتي فسائلْ
زادُها الملحُ وماءُ الشط ناشفْ
أيها النائمُ في صدري أجبني لاتقل لي أنتَ خائفْ

3
أيها النائمُ في صدري تكلّمْ .اٍهجر السرَّ الذي أدري وأعلمْ
غادر الخوفَ الذي يدمي دمكْ
اٍنه يحرثُ روحكَ والأرضَ التي تنبتُ شوكا
قد حرثناها سوية
زرعوها بعدنا بأزيز الطائراتْ وشظايا من قلوب الأمهاتْ
وسقوها عمرنا ودماً بالعشقِ راعفْ
أيها النائمُ في صدري أجبني لاتقل لي أنتَ خائفْ

4
أيها النائمُ في صدري أعنّي،قيلَ قد مات المغني
ونساهُ الناس، لكنا حلمنا أن مزماراً عجيبْ
يعزف الألحانَ شجواً ونحيبْ
ويناغي كلَّ حزنٍ في بلاد الخوف والصمت المريبْ
اٍنه يعزف لحناً يجعل الأمواتَ تصحو،كلهم قاموا على نغمة ساحرْ
ومشوا فوق الفراتْ ،غادروا كل المقابرْ غادروا كل العنابرْ
من سجون الموت قاموا ومشوا فوق الجنودْ عبروا كل السدود
ومشوا عبر الحدودْ
تبعوا المزمارَ والصوتَ العجيبْ
كل من ماتَ حزينا
كل من مات سجينا
كل من مات حنينا
كل من مات أمينا
كلّهم قاموا على ضوء القمرْ
خوّضوا في ماء دجلة،عبروا النهر الى حيثُ المدينة
قبلهم يمشي نخيلْ بَعدَهم يمشي نخيلْ
فوقهم مليون نجمة، كلّها ثكلى حزينة
عازف المزمار صاحْ،صوتُه عبر الرياحْ
أيها الأحباب قوموا
موتكم قد كان كذبا، يومُكم كانَ طويلا في شتاء من صقيعْ
هوذا جاءَ الربيعْ
أيها الأحباب قوموا واٍمسحوا عارَ الجميعْ ،اٍغسلوا عارَ الجميعْ
لا تهابوا، وطنُ الأحياء ماتْ ،وطنُ الأمواتِ يحيا
لا تخافوا اٍنها مليون رؤيا محض رؤيا
غادروا الخوفَ الى أرضِ اٍرَمْ، واٍمسحوا من هذه الدنيا الألمْ
همسَ الأمواتُ كلا،صرخ الأمواتُ كلا
لن نعودْ
فظلامُ القبر أحلى ،تلكم الأرضُ لعينة
ستسومُ الناسَ خسفا وتسوم الناسَ خسفا
نخلها يثمرُ خوفا
خوفها يبعثُ خوفا
أهلها تُؤمنُ نصفا
أهلها تكفر نصفا
ألف عامٍ قبل ذاك، ألف عام بعد ذاك
وستبقى ألفَ ألفا
أرضُها تنبتُ كذبا،نخلها يثمر زُلفى
وظلامُ القبر أحلى
شاهدُ القبر أتاني فَزعاً مما رآه
وروى الأمر كما قد كان يحكيه الرواة
قبّل النائمَ في صدري ونامْ
جنبَهُ حتى الأبدْ


أوكلاند نيوزيلاند
22 أيلول 1998


 

free web counter