آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 22/10/ 2009

 

أنا حرٌّ بهذا البلد

سعد الشلاه

في ليل ٍ ... تراكمتْ فيهِ الحروفُ والهموم

وقُبيلَ فيض ِ النور ِ من روحي العنيدة

حاولتُ أن أسطـِّرَ نقاط َ صمتيَ الملوّن

فلقد وُلدْتُ عندَ كانونٍ شتويٍ عتيق

في باحةِ دار ٍ ترابية ٍ قريباً جدا من النهر

وتنشقتُ أولَ نَفَس ٍممتزج بخضرةِ نخلتنا الخستاوية

التي حفظت ْعن ظهر قلبٍ مواويل أمي

أنا يا سادتي ، من قريةٍ ليست بعيدة ..

جُبلتْ من صلوات مئات الآلهة ويعرفـُها القاصي والداني

مفتّحة ٌ أبوابُها لكلِّ الجنسيات إلا إنني تغربتُ عنها كثيرا

تسافرُ عبر عروقيَ ولا تتبعُ الطرقَ الملتوية

جغرافياً.. تقعُ خلف َ( البوري ) الأوّل ِ

من شبكة ِ مجاري الجحيم ِ المتحدةٌ

مزدحمة ً بواحديتها ولا شيء فيها سوى أنّ

وجهَها مصابٌ بجـُدَري النخيل

وجوفـَها بسَيَلان النفط

ولِوَحْلِها فضلَ قراءةِ تاريخ ِ الإنسانية

ويطرِّزُ رايتَها الجوعُ والفقرُ والأمية

فهل وجدّتُم رسمَها على الخريطة ؟

بسيطة.. سأدلُّكم عليها ...

رأسُها مرفوعٌ على أولِ رمحٍ عرفتهُ البشرية

بين نهريها .. وُلِدَ آدمُ وإبراهيمُ رضَعَ من نهديها

يحُدُّها من الشمال ِ عطشُ السوقِ ِ الأوربية

ومن الشرقِ ِ ثاراتُ الحروبِ الهمجية

ومن الغربِ نزاعات ُالمهزلة ِ العَقَدِية

ومن الجنوبِ صراعاتُ العُقدِ المذهبية

ومن الداخل ِ الأمراضُ المزمنةُ والقبورُ الجماعية

أسرابُ الذبابِ والقوّاتُ المتعدية ُ الجنسية

الفسادُ والنزاعاتُ القومية

النجاساتُ والطهاراتُ والمليشياتُ الطائفية

العصاباتُ العروبية والفلولُ الحزبية

وحسبكمُ هذه الفجيعة

وأراني ... وبكامل ِ قيافتي البابلية

أتقبَّعُ كبريائيَ الحجريَّ المعذّبَ بانتظار ِزمنٍ ٍ آخر

واصطحبُ قدرتي على التأمُّل ِ وِالعبث

وعشقيَ الدفين لقصائدِ درويشَ و بوشكين

لأُنذِرَ المغضوبَ عليهم والضّالين عن حقول ِ التسمين

فقد أعتدْتُ لهم متكأ ً لمطارحةِ الغرام

ومن رباطِ الخيلِ بُراقٌ ، يُرهبون به سكان َالمجرَّاتِ

في أقصى ثُقبٍ أسودٍ من هذا الكون ِ

فالأرضُ لا تتسَعُ للصراعاتِ الأيدلوجية ، وترفـُضُ التزييف

ولقد سئمتُ من الاستباحةِ والاستلاب ...

وانطلقتُ ..

( عُريان [أحملُ] منقاراً وأجنحة ً أخف َّ ما لمَّ من زادٍ أخو سفر ِ )

متوشحاً عطشَ الحسين الى ترابِ كربلاء

وهو يلوّحُ للفراتِ المختبئِ خلفَ جُرفيهِ خجلاً

بكفّ أثقلـَها العتبُ

متمترساً فكرة َابن أبي طالب ( لو كان الفقرُ رجلا ً ...... )

متمنطقا ً البابكية َ والقرمطية َ والماركسية

وعدتُ .. متأبطاً خفيّ حنين بعد رحلةٍ بحثٍ عن هوية

وما أدراكَ ما الهوية .. جريمتي الأزلية

تفاصيلٌ.. قسماتٌ.. صورٌ .. تختصرُها التقاريرُ الحكومية

وأراني ... أستعيرُ طوفَ نوح ِ الذي هشّمتْهُ السنون

وأتـّجهُ عكسَ بوصلةِ الكلمات

فيرسُمُني المنفى حرفا ً صدئاً كطعم ِالجوع ِ

وبلون ِ افتراش ِ أرصفةِ الموانئ المصدِّرةِ للأورام

وتعصِرُني الخمرة ُالرخيصة ُ وتكرعُني الكؤوسُ

فقاعاتُها المتبخرةُ تحررُ روحيَ من قيدِها الأرضي

فتمنحُني معنىً ألذ َّ من لحظةِ حُبّ

وأسلّمُ نفسيَ الى الربِّ .. منتشياً فرحان

لأعودَ الى رتبتيَ الأولى

فتسخِّرُني الرياح ُ وتسوقُني سحابا

أنتفضُ على سلطةِ الملائكةِ

فتُبرقُ الحروف ُ وتُرعِد

وتُمطِرُ نقاطا ًمضبوطة َ الشكل ِ والإيقاع .. ولا عجبَ

في ارتعاش ِ أسماء ٍ بلا رؤوس في غربة المكان ِ والزمان

يقذفـُهم جوعُ الزعاماتِ والخراج

كفيروساتِ الايدز ينتشرون

يكشّرونَ أنيابَهم المصقولة َ بروح ٍ ذئبية

فتنتفخُ خصى القيامةِ .. شرقية ٌ وأخرى غربية

ـ فاعلون.. مفعولٌ بهم ـ يتهامسون

ينتظرون صيحة َ المنافي

يشربون العسلَ المدافَ بدم الجياع

لأسرارِهم إيقاعات ٌ ملونة ٌ يكشفونها فقط للمراهقات

ومازلتُ أتّجهُ عكسَ بوصلةِ الكلمات

تبدو السماءُ وكأنها تصحَّرَتْ وتنتحب

ياأيتها النفوسُ العاطلة ُ عن الخجل

البواليع ُ فاغرة ٌ أفواهُها ... وتنتظر

وأهلُ الكهف ِ ما زالوا نائمين

يغمرُهُم دفءُ الكسل ِ والخدَر .. ويتساءلون

( واللهِ يا عمّي )

الموتُ شنقاً أرحمُ من هذا السؤال

ولا جوابَ سوى صدى العبراتِ

ويجيئك الصوتُ المُعولمُ من أتون المقصلة

ستُحلُّ هذه المسألة

واصبر فإنّ حُلُمكَ جاورَ شغافَ القلبِ الإلاهيِّ الرحيم

ألهذا تنزلـت ْ كتبُ الرسالات ؟؟

حتى إذا انتصبت ْ مآذنُ البارات

وتحدّدَتْ مواقيتُ الاتصالات

جاء الخزنة ُوالحِمايات

زُمُرا ً..... زُمُرا

وقدّوا دبريَ والقميص

ولم يعْصِمْني البيرقُ الأخضرُ

ولا القيدُ الراقصُ على معصميَّ سنينَ طوال

ولا الهوية ُ الممزقة

فتقلّبَ رأسي كحمامة ٍ خائفة

فقد عادَ تجبر الأصنام ِ وانطلقَ الغرابُ

وابتدأتْ دبكات ُ الصراصير ..

طبول ٌ ومشاعلٌ ومزامير

القنواتُ المشفرةُ تتدافعُ

كأمواجِ ِ البحر ِ يتلاطمون .. ويصوّرون

قاماتٌ تنتصبُ .. والصورةُ واضحة .. ضيوفُ الشرف

وأخرى تتهاوى .. والصورة ُ أوضح .. جـِيَفٌ جـِيَف

وما أكثرَ القاماتِ المُستوردة َ.. ضباعَ الموائد ِ

وهم يستعرضون حرسَ الشرفِ الرفيع

دُم .. دَم دَم .. دُم .. دَم دَم .. دُم ..دَم ..دَم .. دَم دَم دَم دَم

قطـَعوا رؤوس َ تذاكر ِالنشور .. والمراجع

أعلنوا أنّ القمصانَ محدودة ٌ..

( ثلّة ٌ من الأولين وقليلٌ من الآخِرين )

ألْقَوْا في غيابةِ الجُبِّ إخوتـَهم

( يُوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرُّهُ مستطيرا )

غيّروا ديكورَ الطوائفِ على عجل

فالعرضُ لاينتظرُ أحدا

يبنونَ أسيجة َ الخوفِ وينتقونَ أحجارَها على وفق ِ الدستور

الأول ، المقلّدون ، يمنعون الجياع

الثاني ، الملتحون ، يمنعون الجياعَ والعطشى

المعممون ، الجياع والعطشى والعراة .. و..و..و

وسيبتكرون آلية ً شفّافة ً للتخلـّص ِ من الشركاءِ

ولكم في الخلاص ِ حياةٌ يا سامعين الصوت

وما زلتُ أتجهُ عكسَ بوصلةِ الكلماتِ

الكوفة ُ الحمراءُ ولَّتْ وجهَها شطر البحر الميت

ونادت ..... ياقطبنا ... أنبئُكَ الخبر

فارَ التنّور يا مولاي .. ولا أُطيقُ الانتظار

والطَّوفُ ضجّ َ الى السماء السابعةَ

والخوفُ فرَّ من الصدور ِ الملتهبة

يا سيدي ... ماذا سنكتبُ في أسفار ِالدراويش العتيقة

الناشرونَ قميصَك المُدمى مُنذ آلافِ السنين

وَسَموا على جباهِهِمُ حروفاً ساخنة ً من سِوَر ِالكتاب

يطفئون الشموعَ بأيديهم

ويصلّون في كلِّ زويّة ٍ من بيوتِ المال

يكنسونَها كنساً من الوريد الى الوريد

تماماً كما كنت تفعلْ ...

وشتّان بين الكَنْسَتَيْن ِ

يتوضئون ويبصقون الماءَ كي

يُمحي من الحدودِ ما يشاءون ... ويُثبت

إن عليّا كوى يدَ أخيه الأعمى

وارتقى ذروة َ مجد ٍ لن يبلغـْها الداعونَ إليه

في السماوات البعيدة .. عند جبريل وعيسى ... و

تراكمَ الجوعُ المنضّبُ

فوقَ أكداسِ الأرامل ِ واليتامى ..

ومستنقعاتِ الأزقةِ المتسرطنة

سبعٌ عجافٌ يأكلُها سبعة ٌ سِمان

( وشهد شاهدٌ من أهلها )

إن العزيزَ الأمينَ على خزائن ِ الأرض ِ

امتشقَ سنابلَ التموين ِ وسَمَلَ عينيّ شُرَيْح

وترَكَ السبحةَ والخواتمَ في المطار .. وطار

يا قطبَ الكوفةِ .. سجِّلْ في شفاعتِك

إنّما القوم َ جرادٌ منتشر ....

الساجدون الراقصون الشاكرون للحاكمين

يأكلون الأخضرَ واليابسَ

يُجهضون الابتساماتِ من زوايا العيون ِ

ولا يعرفون ... غيرَ القسمة َ الضيْزى

ولا .. لا ... أقسِّـــمٌ هذا البلد

وأنا حرٌّ بهذا البلد

 

 

free web counter