آداب
السبت 17/9/ 2011
مسلة سيرة في فنجان عتيق
زهير بهنام بردى
الصباح الذي كان
جاء ببساطة
من دون مطر
صباح تلك الاعوام
وكانت امي
تنزل الى سوق المدينة الصاخب
بسكاكين القصابين
واصوات الباعة
ورائحة البالات
تختار لي اجمل النخيل
والبرحي والجوز الجبلي
والملابس الحمراء
من تحت قلعة اربائيلو
وكنت اسير معها
والتفت خلفي وامامي
وانظر الى جانبي
دون هوادة
واجر اذيال ثوب امي
خوفا من كلب سلوقي
يكتم غيضه
وقطة بيضاء
تغمز لي
وتخرج لسانها
ببلاهة لا متناهية
تضحك امي
وتسحبني بلطف
تمسد خصلات شعري الذهبي
ووكاحات طفولتي المدللة
ترسم باصابعها
سبع عيون
تبعد النساء عن التوحم بمثلي
تمر على جسدي بخاتم سليمان
وتضع هدهدا فوق قميصي الابيض
واشارات افهم قصدها
لا ريب في ذلك
اني حين اكبر
ساحضى باكبر عدد من النساء
وحين كنت ارى ابي
ازوغ اليه مسرعا
الى جوف مقهي شعبي
يشبه شوارب سلفادور دالي
يجلس هناك ابي الزنكين
بمحيا براءة لا توصف
اسمع هتافات حمراء
تخرج من اعماق صدقه
في المساء نفسه
جاء ايضا ببساطة
القمر وقتها
كان ببرج ضحك مستمر
جميع المساء ايضا
وكنت لا اتجهم منه حين اصادفه
مساء تلك الايام
وكانت امي
توقد لي البصمات الممزوجة
بلوبياء الصباح
وقيمره وجبنه البيزا
وتحيط جسدي كفراشة
وانا ادور........ واطير
كغزال لا يهدا
وعصافير تتكتك الغيوم
كانت امي قبل النوم
تغسلني بالشامبو
والصابون الركي والبودرا البيضاء
وترش عليّ قنينة تيروز
الى ان تنطفيء النجوم
ويطفي الكون اغنيات الريح
ويلم البحارة
الجفون من عيون الظلام
امس مر ببساطة
دون سواد يذكر
فقط يوم مات ابي
وددت ان احمل نعشه الهرم
واثقال قلبه البريء
وطيبته التي ورثتها عن طيب خاطر
بكيت على جفن امي
فوق بساط بسيط
كانت تمددني فوقه
وتغسلني بالصابون والشامبو
وترش التيروز على
بكيت كثيرا
وعرفت وانا انظر الى عينيها
كعراف
اني ساقبل خشب تابوتها
واترك شيئا من الشامبو
والصابون الركي
واذيال ثوبها الابيض
برائحة تيروز
| الأرشيف |