آداب
الأحد 15/8/ 2010
الليل طويل
فهيم عيسى السليم
سنة أخرى تتحدى كلَّ سنين الهجْر
وكأن النخلةَ تدري،ماتتْ عاشقةً مثل أبي
لكن أمي، ماتت كلَّ الأزمان المسحورة،ماتت كلَّ ليالي الغدْرِ
ماتت منذ رحيل بدور البيتِ
غابوا فأنفجرَ القلبُ شقاءً والعينُ المشبوحةُ كلّتْ من فرط رؤاها بمرايا مكسورة
سنة أخرى تتحدى خجلَ الاٍنسانِ
أن تعلن أنك مازلتَ عراقياً تتحدّثُ عن نفسكَ،تخجلُ حتى من هذا الاٍعلانِ
كلُّ مرايا وطني مكسورة
والصورة بعضٌ منها مشروخٌ والبعضُ شرورٌ والبعضُ نذورُ
والصورة مكرورة ،الصورة مكرورة
قصفٌ وحريقٌ ونحيبٌ وبكاءٌ وعويلْ
والليلُ طويل، الليلُ طويلْ
وبدورُ مدينتنا غرقت في ماءٍ غسلَ الشر به كلَّ جروح بلادي
ونذورُ مدينتنا مأسورة، كلُّ مرايا وطني مكسورة
وشضاياها تغرقُ دجلةَ بالماء الآسن والأحزانْ
سنة أخرى تتحدى نبضَ الاٍنسانْ
أن تقبلَ أنكَ مازلتَ عراقياً روحاً وضميراً وشضايا عقلٍ مسجونٍ بالغربة
مسجونٍ بالحرية
والصورةُ من هذا السجنِ تطل على أبويَّ بمقبرة لا أعرفُ فيها أينَ ستلقاني أمي
قلتُ لهُ عبر الأسلاكِ الملعونة أين هو القبرُ؟
قال:ستأتي يوماً، ستراها نامت في حزنٍ يتأبدُ كلَّ مساءٍ حتى تأتي
تتعرّى سبع ليالٍ فيها بدرُ وتجالسُ أمّكَ حتى الفجرِ،قلْ هذا نذري
تقرأُ كلَّ الأسماءِ، من ماتَ ومن غابَ بلا عنوانْ
قلْ هذا نذري، أتعرّى سبعَ ليالٍ مقمرة وأجالسُ كلَّ الأحبابِ
والبدرُ سأقرأ في صفحته كلَّ الأسماءِ وأسامرُ كلَّ الغيابِ
وسأغسلُ روحي من كل سنين الهجر وأطلّقُ أيامَ السِحْر
قلْ هذا نذري، أتحدى نفسي فالقلبُ عليلْ
والليلُ طويلْ، الليلُ طويلٌ
يا أمي
أوكلاند
29 كانون الثاني 1999
| الأرشيف |