آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

الثلاثاء 15/8/ 2006

 

 

الانسان قصة قصيرة * - رواية قد لا تكتب ابدا


د. حسين ابو سعود
aabbcde@msn.com

منذ ان حاصرتني اوزاري التي تراكمت على مدى نصف قرن من الزمن ، ورايت الضعف يدب في اوصالي وبدأت الامراض تتهددني بأعراضها الغريبة رأيت ان اكتب سيرتي الذاتية على شكل رواية ، اخترت لها اسم ( الانسان قصة قصيرة ) وهي تختلف عن سير الاخرين بكثرة مآسيها ولعل اكبر مأساة فيها هي التنكر الطويل ، والعيش بين الستائر بلا هواء، وقد ان الاوان ان اقول لكم باني لست انا ، وشخصيتي التي احملها بين جنباتي ليست لي ، فانا ممعن في الضياع ، انهكني التجوال في المنافي وتقمص الادوار الصعبة ، ويبدو لي وبعد ان انقضى الليل واحترقت الفراشة وذوت الشمعة بان قصتي ستظل غير مكتملة ولن اقوى على اكمالها ، واكاد اجزم بان هذه الرواية كانت ستاخذ باسمي ورسمي نحو الشهرة المطلقة لاسباب اقلها اهمية هو تفردها في طريقة العرض حيث كنت اقسمها الى ستة عشر فصلا وكل فصل يتحدث عن جانب معين وقد خصصت للولادات فصلا وللوفيات فصلا اتحدث فيهما عن ولادتي حسب ما اخبرتني به امي الراحلة ، وكيف انني كنت اصعب الولادات بالنسبة لها ، ثم الولادات التي شهدتها العائلة والمحلة وتلك التي حدثت في المنافي والوفيات بدءا من اول وفاة حدثت في المحلة حيث غيب الموت جارنا الشاب الثلاثيني الضخم بدون اية مقدمات مرورا بضحايا الحروب من الاصدقاء ووفاة والدي ووالدتي واعمامي ، بانتظار وفاتي ، واتعس ما فيها باني ساغيب والحياة تظل مستمرة بالوانها وصخبها وضجيجها.
ومن الفصول الاخرى فصل الامراض بدءا من المغص والزكام والدمامل وانتهاء بالديسك وخدر النصف الايسر من الجسد وامراض المعارف والاصدقاء واسرار المستشفيات .
فصل المهن :لا اظن بان هناك انسان في الدنيا تنقل في الاعمال والوظائف مثلي ولا اذكر باني قد عملت في عمل واحد مرتين وكل وظيفة لي كانت تختلف عن الاخرى وقد عملت بدءا من عامل مقهى الى موظف مرموق في العلاقات العامة في جامعة محترمة ثم موظفا في سفارة عربية .
فصل الاغاني والمراثي: نحن من بلد غني بالاغاني والمراثي في ان واحد وهذا صقل قوة سماعي وجعلني اتفاعل مع اي نغم من اي ارض وباي لغة.
فصل الملابس:وهو فصل اتحدث فيه عن بدء حياتي ونوعية الملابس التي كنت ارتديها وهي ملابس قديمة مرقعة لم يكن والدي الفقير بقادر على الاتيان باحسن منها وانتهاءا بالقمصان ذات الماركات العالمية المعروفة وعودة الى اهمال الذات والاكتفاء بما يستر البدن.
فصل المدن: وما ادراك ما المدن وما فيها من اسرار ونكهات وخوف وترقب ونقاط تفتيش واخطار وجنس وحشيش وعبادات وحرمان ورفاهية .
فصل القبيلة:اقول القبيلة وانا لا قبيلة لي انتمي اليها يبدو وكانني مقطوع من شجرة يابسة الجذور وليس لنا من الاقارب سوى عدة عوائل متفرقة هنا وهناك ولكن هذه القلة من العوائل استطاعت ان تملا صفحات من الصراع والحسد والطمع والاذى .
فصل الدين :وهو فصل ساتركه فارغا وان كثرت صفحاته مثل فصل المراة والجنس ، لان الحديث عن الدين والمذاهب في مجتمعاتنا هو حديث في المحظور قد يؤدي بحياة الواحد منا لو تطرقنا الى خوافيها بصراحة ، وكيف استطيع ان اقول للموافق والمخالف بان ما بايدينا ليس هو الدين الاصلي ؟، واما الجنس فهو الاخر من المحرمات ولست اقوى على كشف جميع الاوراق المستورة فيه لان ما يتعلق به لا يكاد يصدق وهو عالم مدهش من المفاجات ، فهذه الدنيا غابة من الشهوات وبحر من النزوات يتساوى فيها النبات والحيوان والبشر الذين ينزون على بعضهم البعض بالحلال والحرام وباللواط والسحاق والعادات السرية ، ويشبعونها تارة بتعدد الزوجات وتارة بالجواري وتارة بالمتعة في البيوت والمعابد والاصانصيرات ، انه كالغذاء لايمكن الاستغناء عنه .
وهناك فصول عن الاصدقاء والاثار الادبية والسبع صنايع والبخت الضائع والدراسة والنجاح والرسوب واخيرا فصل الاطعمة وهي احدى الشهوات المسيطرة على النفس البشرية ، اتحدث فيه عن التنوع في الاطعمة العراقية واطعمة الدول المجاورة و لاسيما الاكلات الهندية المفعمة بالتوابل والفلفل الحارق الخارق المكفر لكبائر الذنوب.
نعم اعلم بان سطرا واحدا لا يكفي لاختصار مافي فصل كامل من الاحداث المتسارعة واعلم باني لن اكتب هذه الرواية اذ لم يبق في العمر متسع ، غير اني احتفظ بحقي في الادعاء بان تقسيم الرواية على هذا النمط هو من ابداعي انا وحدي كما انه لم يسبقني احد الى هذه التسمية ( الانسان قصة قصيرة ).
يا اصدقاء الالم والمتوزعون في المنافي ، ترحموا علي اذا بلغكم نبأ رحيلي المبكر لاني سارحل حزينا ،وقد اوصيت ان لا يعيدوا رفاتي الى وطن لفظني في جنح الظلام والقى بقاياي خارج الحدود بحجة التبعية.

* هذه رسالة سلمني اياها ابو حسام في المستشفى قبل ان يفارق الدنيا بيوم وطلب مني نشرها كماهي و بلا رتوش.