آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                          الأثنين  13 / 10 / 2014

 

إغتياب المحبوب

عبدالإله الياسري

ما قصة هذه القصيدة ؟
كنت أتابع بشغف ما ينشره الدكتور سعيد عدنان في مدوّنته على الفيس بوك مستأنسا بحرفه الجميل ومضمونه العميق؛ فاذا هو ينشر بيتا من الشعر في 03/10/2014م ، يحيي به أصدقاءه بمناسبة حلول عيد الأضحى:

"تدعو بطول العمر أفواهنا ... لمن تناهى القلب في ودّه"

حين قرأت البيت لم أكن أعرف قائله ،ولا المناسبة التي قيل فيها.فسألت نفسي :على من يعود الضمير المتصل؟ ومن يكون هذا المحبوب الذي تناهى القلب في ودِّه؟ وتخيّل لي بشكل من الأشكال أنه الوطن الذي لا ودَّ لي بعد ودِّه في مغتربي.وأخذت أردّد البيت تكرارا.
وكلَّما رددته تحشَّدت أحزاني وثارت عاطفتي. وما كان البيت ليحزنني ويثيرني لو لم تكن لإطلالة العيد يد في حزني وإثارتي. وبينما أنا في هذه الحال من الأسى والإنفعال؛ شعرت بغيمة كثيفة تصعد من قلبي الى شفتيّ، وتمطرني أبياتا من الشعر ، تجاري البيت المنشور وزناً وقافية. ولمّا فرغتُ منها أو فرغتْ مني، كتبتها وبعثت بها الى الدكتور سعيد عدنان. وهي الأبيات الستَّة الأولى من قصيدتي التالية. وبعد بضع ساعات من إرسالها اليه أجابني مغتبطا، ثم نشرها مشكورا في مدوَّنته على الفيس بوك، وقد ضمّخها بطيب تعليقه والغبطة جليّة بين سطوره.

وبعد يوم من نشره إياها وتعليقه عليها، هاتفني الناقد الأدبي الأستاذ خالد جواد شبيل، وهو يحثّني على نشرها كاملة، فاحتثثتُ مقتنعا بنشرها،هي وما استجد بعدها من أبيات ستة أخرى. ولولا رضاه عنها وهو البصير بالشعر لما رضيت بنشرها...

وليس بالشي العجيب أن أبعث بشعر لي الى استاذ جامعيّ فيعجبه، وإلى ناقد أدبيّ فيرضيه؛ ولكن الشئ العجيب هو أن ينصرفا عن اهتماماتهما الفكريّة والأدبيّة الى أبيات شاعر منسيّ في آخر الدنيا؛ فيعنيا بها كلّ العناية، ويُظهرا قيمتها الجمالية ومكانتها الشعرية دون مصلحة خاصة أو منفعة شخصية في زمن المصالح والمنافع.إني لأشكرهما حقّاً وأفتخر بهما وهما يدمجان النظر بالعمل والكلمة بالموقف شعورا بالمسؤولية الأدبية واستجابة لنداء الضمير الحي لإثبات الشخصية الثقافية الحرة وتأكيدها خلافا لكل ماهو تقليدي وخاضع لتأثيرات وإملاءات خارجة عن قناعة المثقف واستقلاله الثقافي في الساحة الثقافية اليوم ...

والآن دونكم القصيدة الموسومة بــ (اغتياب المحبوب):

أَكلّما اشــــتقـتُ الـى قـربِـــه
عاقبَ أفـــراحي أَسى بُعـدِه؟
تــولّـــعَ الجــــرحُ بســـكّينـِه
مستغنياً بالنــزفِ عن ضمدِه
يا وطناً لمّا يــــزلْ ســـاجني
رغم فـــراري من أذى قيـدِه
لم أَجنِ غير القشــرِ من لُـبِّـه
ووخزةَ الأشـــواكِ من وردِه
كُوفئتُ عن حبِّي له والجوَى
بطعنـــةٍ نجــــلاءَ من حقــدِه
لولا(هيامي) والهوَى غالبٌ (1)
لمَـا احتملتُ الــذلَّ في صدِّه

***

كم عاشــقٍ مثلي بـه مُغــرمٍ
لـم يُغنِـه العشـقُ ولـم يُجْـدِه!
فـقـدتُـه جَدباً وما عـوَّضـتْ
كلُّ جنان الأرضِ عن فقـدِه
قد كفَّني عن وصلِه ساخطاً
ولـم أَكفَّ القلـبَ عن حمـدِه
وأَحـرقـتـني كامـــلاً نــــارُه
ولـم أَزلْ أَصبــو إلى بَــردِه
يسـقي بنيه المُـرَّ في كأسِــه
وغيرهم يسـقيـه من شهــدِه
قد هـاج كالثــورِ على أَهلِـه
لـو عـادَ إنســاناً الـى رشــدِه


04 أكتوبر 2014م
 

(1) سقطت الكلمة الأصلية أثناء نسخ القصيدة فاستبدلتها بكلمة (هيامي)
 

 

free web counter