آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأربعاء 12/8/ 2009

 

قصتان قصيرتان

عادل فليح الخياط

قصة حب متأخرة
كعادته أستعد لتصحيح دفاتر التعبير لطالبات السادس الاعدادي ، مد ساقيه النحيلين كعمودين هرميين وأرخى ظهره المقوس على الوسادة التي تيبست هي الاخرى من كثرة الجلوس عليها  .

أنهى تصحيح بعض الدفاتر لكنه توقف بذهول عند احد الدفاتر قرأ على احدى صفحاته كلمة ( أحبك ) كتبت بخط نسائي جميل أرتد للخلف مسح نظارتيه أعاد قراءة الكلمة عدة مرات نظر الى اسم صاحبة الدفتر أعاد صورتها في ذهنه تلك التي تجلس في المقعد الامامي صاحبة الوجه القمري والعينين الخضراوين والتي كانت تسحره لكنه الان في السنة الاخيرة للتقاعد وقد جاوز الستين  .

أبتسم فظهرت بقايا اسنان منخورة وبشكل لا ارادي سحب من المكتبة ديوان شعر لنزار قباني قرأ بصوت مسموع ثم عاد للدفتر بلهفة  .

ظل مضطربا لم ينم ليلته وأستعد للذهاب للمدرسة مبكرا على خلاف عادته ظلت زوجته تراقبه باستغراب ولا تفهم سلوكه العجيب  .

امام المرآة اعاد ترتيب بعض شعرات توزعت على رأسه المتصحر وقد صبغت باللون الداكن ، نظر لنفسه بزهو ورتب هندامه وابتلع بسرعة حبوب الضغط والسكر واتجه للمدرسة مسرعا وهو يحلم وكأنه عاشق مبتدأ .

كان اول القادمين للمدرسة ، انتظر بقلق قفز برعب حينما دق الجرس كان اول المتجهين للساحة وجدها تنتظره ارتجفت اعضاؤه ولا يدري كيف يتصرف لكنها بادرته بالاعتذار عن تصرف شقيقتها بكتابة كلمة ( أحبك ) في دفتر التعبير بمناسبة عيد ميلادها  .

كررت الاعتذار ، بدأت قواه تخور ، شعر ببرودة وتعرق شديدين وبدوار جعله يفقد توازنه وألم حاد في صدره تراجع بصعوبة لغرفة المدرسين وهي تلاحقه بالاعتذارات ، سقط على الارض واطلق شخيرا مخيفا احاط به الجميع بذهول بينما راحت بطلة حبه تذرف الدموع وساد الصمت  .

لقاء مع الارقام
اغمض عينيه وهو يسترخي على المقعد المخصص له في الطائرة المتجهة للوطن وهو يحلم بقريته التي غادرها منذ سنين ، تساؤلات كثيرة في ذهنه ، كيف سيكون اللقاء مع الناس واهل قريته ودون ان يهتم بالمدن والمساحات الخضراء التي تحلق فوقها الطائرة تبسم وهو يلامس اداة التصوير التي جلبها لتصوير الاحبة والنخيل والنهر وحتى الطيور التي شهدت حبه الاول وقصائده التي كتبها على اوراق دفتره المدرسي .

ترجل بشغف من السيارة التي استأجرها للوصول لقريته النائية في الجنوب ، انطلق يتعثر بالحفر والنتوءات البارزة ، لم يجد الاحبة والنهر والنخيل والطيور ، شك في انه لم يصل للمكان المطلوب لكن شعوره ورائحة الارض لم يجد الا مجموعة من القبور تناثرت هنا وهناك ، ثبت على كل قبر خشبة تحمل رقما اطلق نحيبه والة تصويره تلتقط ارقاما بلا اسماء .
 

free web counter