آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 12/1/ 2012

 

قصص قصيرة

مسلم السرداح

ميتافيزيقيا                                           

كنا نسند خطوط الجبهة الحربية ، التي كنا جزءا منها . حين هوتف  آمُر وحدتنا العسكرية ، إن العدو قد ألقى غاز الأعصاب فوق الأرض الحرام ، وأمرنا الإسراع في لبس الأقنعة الواقية من العوامل الكيمياوية السامة  . ولمّا كنا مجموعة صغيرة  ، من نفرٍ من  الأشخاص ،  ممن لم يتم تجهيزهم  بها ، ولم يهتم لأمرهم احد ، فقد تمادى بعضُ لابسي الأقنعة بالهزء  بنا والضحك على ذقوننا بنكات سمجة  ، في غير أوانها ، تظهر استهزاء القوي المتغطرس بزلل الضعيف الحائر . ومعللين ذلك بسبب إهمالنا . ولقد ندمنا على ذلك حقا .

عندها وبسرعة ، قررنا العدْو بعيدا عن موقع الحرب . بنفس اتجاه الريح بغض النظر عما في الطريق غير السالك ، من اذى .

ركضت خلفنا الريح المسرعة ، تحاول الإمساك بنا . ولكنها لم تستطع اللحاق بأقدامنا المتوثبة .

حين انتهت الضربة الكيمياوية عدنا . عندها وجدنا مايلي :

انّ جميع من بقي من اخوتنا متكئا على قناعه قد مات ، بسبب انتهاء الصلاحية ، والخزن السيء ، اللتين تمت الاستهانة بهما ، ومن ضمنهم  ، طبعا ، من استهزأ بنا .

ورحت أنا أفكر ، باندهاش وتملّ ، في الأقدار وكيف تثبّت  أقدامها  وتصنع مستلزماتها ، في المصائر بغفلة الإنسان والأشياء  .

 

مراهقة 

في سنوات مراهقته الأولى ، في قريته ، كَردلان ،  اكتشف  إن في الجانب الآخر من الإنسان ، يكمن عالمٌ مدهشٌ بجماله وتصميمه ،  لا يمكنه إطالته ،  اسمه المرأة .

 كانت نساء القرية يتجمعن عصرا . حيث تجلس كل مجموعة منهن ، قرب احد أبواب البيوت القريبة ، في نفس الدرب (الزقاق) يتسامرن متكئات بظهورهن على جانبي الدرب المتلوي ، الضيق الذي يفصل البيوت المتراصة عن بعضها . وكان وهو المراهق يخاف ، حذرا وخجلا ،  أن يمر بين تجمع من النسوة لأنه كان قد تأكد له إنهن سوف يجردن أشياءه كلها ، خيره وشره ، وسوف يظهرنه كما يشاء سونارهن الدقيق عنه . وكان يعتقد النساء كائنات انبثقت من خلف الأسوار القابعة في  نصف ثان بارد  من العالم .

 ولكن أمّه الجزء الأحلى والأكثر تطورا من النساء  ، والتي تخلو من العيوب كلها ، برأي ابنها ،  كانت قد  قالت له من باب الحرص والاحتياط ، ان من الحكمة لك أن تسير قرب الحائط  ، خلف ظهر النساء  - أي بين النساء والحائط - وان لا تمر بوسطهن ، لئلا تصاب بالأذى لأنك سوف تتعرض إلى الم الظهر القاتل . ولم يعرف السرَّ في ذلك لكنه وضعه ضمن قائمة عقائد الفلكلور الغامضة . معتبرا ذلك خارج الإدراك العلمي .

 

إقطاعي

الابن الصغير للإقطاعي مالك الأرض ، يغازل  فتاةً جميلةً جدا . ولكنها ابنةٌ  لفلاح تابع لهم ،  يقول لها :

- إنني احبك . وهو يركض خلفها لإقناعها بحبه وقبول الزواج منه ، ومن ثم غنجها هي كعادة الفتيات الرصينات . حتى شاع ذلك الخبر الجميل بين الناس  ، ولم يستهجنوه  .

عند ذلك انبرى له شقيقه الأكبر ، حين سمع الخبر . قال له مع صفعة بيده اليمنى على خده الأيسر :

- لماذا تغازل الفتاة التي بإمكانك أن تلهو بها دون أن تخضع لها بالغزل . فهي وأهلها من أملاكنا ....ألا تعلم ؟

 

خازوق علمي

الإقطاع ثم الرأسمالية الصغيرة الحرفية والبضاعية ،  ثم رأسمالية الدولة . هكذا مرت المراحل التاريخية للطبقات في بلادنا في قرنه العشرين .

يتباهى الإقطاعي بأطيانه وممتلكاته ، ويتباهى البرجوازي بأمواله  وعقاراته . وهما - الإقطاعي والبرجوازي  -  ينظران للناس من منظار فوقي كسيدين لا يطالهما احدٌ وان أملاكهما مقدسة ، وإنهما يستطيعان امتلاك أي شيء بما فيه الإنسان لان القانون ، الذي أسساه ، يحميهما .

لكن ، الموظف الكبير رغم انه يمتلك الكثير من المال بما يفوق هذين الاثنين فلا  يتباهى بماله بل ، ويدعي الفقر. خوف اتهامه بالفساد  والسرقة غير المشروعة.

والحقيقة التي لا جدال فيها ان الثلاثة هم ثلاث صور للحرامية . ولكن الأخلاق الإقطاعية والبرجوازية ، رسّخها الأولان بحكم الزمن  وقد تترسخ السرقة  للثالث  قانونيا ،  بعد عقود من الفساد الحازم .

فهي بلادنا ، ولا يستغرب فيها الغريبُ من الأمور .

 

بصرةُ العراق

 

free web counter