|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

 
 

                                الأربعاء 11 / 3 / 2015                                            آداب                                                                       الأرشيف

 
 

 

حزنُ گلگامش على انكيدو
GILGAMESH’S GRIEF FOR ENKIDU
 

قصيدة للشاعرة البريطانية : جني لويس *
Poem by: Jenny Lewis

ترجمة : ربى أبو غيدا
مراجعة: عدنان الصائغ


"متى يمكنُ للميتِ أن يرى أشعةَ الشمسِ؟"
- اللوح التاسع، من ملحمة گلگامش -
 


حزنُ گلگامش كان كنِسرٍ متهاوٍّ
يتآكلُهُ ليلَ نهارَ. هائمهاً في البراري،
وقد بكى لرفيقه انكيدو، ولنفسه أيضاً.

كان مثل أسدٍ مطعونٍ في البراري، ضاماً لصدرِهِ حزنَهُ لانكيدو
ممتلئاً بأفكارٍ مضطربةٍ، بائساً وحزيناً،
بعيداً عن وطنه. كُرْبَتُهُ فجَّرَتْ أغلالَها،
وجروحُ قلبِهِ العميقةُ ألقتِ الألمَ على الأرضِ الصلبةِ.

لا يصحُّ لبطلٍ أنْ يتحدثَ عن حزنٍ، لكن گلگامش كان يصرخُ.
كان محتشداً بالألم؛ ليس لانكيدو فقط، بلْ لنفسِهِ،
حاجتُهُ لتتبّعِ رفيقهِ في ضوءٍ باهتٍ مروّعٍ، من العالم السفليِّ،
وهو يعيشُ في ضوءٍ باهتٍ، مثل بومةٍ؛ مغطىً بريشٍ. مثل بومةٍ؛ ولن يرى ثانيةً،
ضوءَ الشمسِ.

من غبارٍ إلى غبارٍ، من رمادٍ إلى رماد، وگلگامش كان يبحثُ عن اوتانبشتم،
الناجي من الطوفانِ، ليطلبَ هبةَ الحياةِ الأبديةِ. لم يكن ليتحمّلَ أن يذهبَ
إلى العالمِ السفليِّ، وأن لا يرى ضوءَ الشمسِ ثانيةً.

استيقظَ فجأةً على ضوءِ القمر.
كان هناك إلهُ القمر سين، مثل مصباحٍ عظيمٍ في السماءِ،
وكلُّ ما حوله، ليوثٌ، بانتظارِ انتزاعِ حياته منه.

گلگامش هوى بفأسِهِ؛ مرةً، وأخرى.
الليوثُ المتهاويةُ منحوا حياتَهم لملكِ أوروك.
گلگامش أكلَ لحومَهمْ، ألبسَ نفسَهُ جلودَهمْ.

فيما بعدُ، أصبحَ نحيلاً، وهامَ حزيناً في البراري
مرتدياً جلودَ أسودٍ، قليلَ النومِ، منتظراً بزوغ الشمس، دائماً،
لتستمتعَ عيناهُ بالضوءِ.

سألَ انكيدو إلهَ الشمسِ شماش:
كم بقي هناك من ضوءٍ، وأين تختبيءُ العتمةُ؟
وهل يمكن للموتى أن يروا الشمسَ ثانيةً؟

أجاب شماش:
يا گلگامش عما تبحثُ؟ إنك لن تعيشَ تحت الضوءِ الى الأبدِ
عندما خلقتِ الآلهةُ البشرَ، احتفظوا بالأبدية لأنفسِهمْ.

*


وصلَ گلگامش إلى الجبلين التوأم لـ ماشو
اللذين يمتدانِ من العالمِ السفليِّ إلى أعلى مدىً
في السماءِ. البواباتُ كانت محروسةً بالكائناتِ الحيّةِ
اللائي يحمين الشمسَ الطالعةَ بظلِّ الجبلِ.

عندما رآهم گلگامشُ قفزَ راجعاً، بنفورٍ
العقربُ - الذكرُ أدركَ ألوهيتَهُ، لكنَّ العقربَ - الأنثى
أدركتْ انسانيتَهُ أيضاً:

قالتْ: ثلثاهُ إلهٌ وثلثُ بشرٌ.
واستفسروا من گلگامش عن سفراتهِ الطويلةِ
التي دوّنها أخيراً على لوحٍ من الحجرِ.




* استاذة الشعر في جامعة اكسفورد




 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter