آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الثلاثاء 10 / 6 / 2014

 

ضياع في منتصف العمر

جميل سالم


تشرب جدران الغرفة من خمرتي المخلوطة بالماء،
فتطاوعني قدماي لكي اهرب من ساحة معركة خاسرة
، علمني الحزن تفاصيل خيانة قادتها،
مذ غمرتهم فرحتها المعجونة بالكذب على أن النصر حليف المهزومين،
أركنت بقايا تعبي في دائرة التسجيل المدني،
وبحثت طويلا عما يثبت أني بشرا مثل بقية خلق الله،
لكني والحق أقول فقد أخفقت وحالفني الحظ العاثر منذ أن وطأت قدمي بغداد.
درت طويلا أبحث عن بار يؤويني،
أو مبغى أتناول فيه بقايا تعبي العطشان لمرأى امرأة عارية،
قال لي الجند الواقفون خلف الساتر الأسمنتي،
نحن بلاد حرم فيها الله البغي وشرب الخمر،
تعال نفتش بالسونار بقايا الخمر العالق في شفتيك،
ونبحث في كل خلاياك عن ظل امرأة عارية،
فأنتم أبناء الغربة تأتون إلينا بالشر وبالمنكر في كل الأوقات،
استجبت لهم كالمغلوب على أمره،
فتركت لهم شفتاي وكل خلاياي كي يلهو السونار بها،
وحين اكتشفوا عقم التفتيش طلبوا الجزية مني،
كانت جزيتهم أرخص من كل الكلمات الموبؤة.
ترك الجند حقيبة ظهري فارغة إلا من حزني،
أو في الأحرى تركوني أتمشى حيث أشاء،
فليس هنالك مخبول في هذي الأرض سواي،
فقد بحثوا في أردان قميصي عن صورة عاشقة،
وجدوها نائمة مثل إله غجري في طيات الردن،
قالوا منْ هذي المرأة؟
لم نبصرها من قبل على وشم الساعد أو في العينين،
قلت لهم هذي امرأة خبأت بقاياها في طيات جنوني،
قالوا ما اسم المرأة ؟ خجلت أقول لهم اسمك،
قلت لهم بغداد،
ما أقبح أن يتستر بعض العشاق على اسم حبيبتهم ويبتدعون لها اسم مدينتهم..
سيطرة أخرى للجند سألتني وهي تقلبُ أوراق جواز السفر الأزرق،
من أين أتيت؟
قلت لهم جئت إلى وطني كي أبحث لي عن قبر فيه،
فما عدت أطيق الغربة،
لكنَّ الجند وبكل سفاهتهم ضحكوا مني،
قالوا لي تبحث عن وطن أم عن قبر،
أقول لهم أبحث عن قبر في وطني فما عدت أطيق الغربة،
وما عادت أوراق الغربة غير جراح متوارثة تورق في جسدي كل صباح آثاما مخزية،
يضحك مني الجند السفهاء طويلا،
يقولون تعال سنعطيك قبورا أكثر مما ترغب،
وامنحنا غربتك المتوارثة كي تورق فينا فجرا ورديا

 

 

 

free web counter