الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الجمعة 9/3/ 2012

 

الرؤى الجمالية والابداعية في (فوانيس)
الشاعر كامل الركابي

عرض وتحليل: سفاح عبدالكريم

سيرة ذاتية متداخلة
"
كامل الركابي" شاعر عراقي من جيل السبعينيات ناصري التولد بصري الهوى نشأ في بيئة شعبية "الشمشومية".. المجاورة لمحلة الجمهورية في مدينة البصرة والتي أنجبت الكثير من المبدعين والمثقفين والرياضيين والسياسيين من امثال الفنان فيصل لعيبي والدكتور محمد الطائي واللاعب هادي احمد وكوكبة اخرى من الشعراء. عُرفت بشاعريتها وشهادتها من امثال الشاعر فالح الطائي وابو سرحان وفوزي السعد وعبدالهادي عداي الشاوي وقاماتها الاخرى ومنها الشاعر الراحل علي الكعبي والمتفاني مهدي السوادي والقائمة تطول.

والشاعر المتحدث عنه يساري الهوى عشق الشعر الذي كتبه الشاعر الكبير مظفر النواب وشاكر السماوي واستأثر بالفنان الرائع كوكب حمزة وطارق الشبلي وفي ذاكرته اسماء اخرى استبشر بها ومنهم الشاعر علي العضب والفنان الرائع حميد البصري والفنان الكبير فؤاد سالم ورياض احمد منطلقاً من توجهه في الكتابة فارضاً نفسه باقتدار ضمن الكوكبة التي يمكن أن يقال عنها تصدح في الذاكرة. ومنذ اصداره الاول "الگمره او سواليف النهر" قرأت في عينيه الشعر بعد ان زاملته طيلة الزمن الذي جمعنا.. ومنذ الوهلة الاولى عرفته انساناً شفافاً لا يكمن الغيض بل يؤكد على الشعر والصداقة اولاً، وهو الذي يستذكر الشعر واهله وبالاجماع وهذا ما اكده الكاتب الاستاذ "حمزة الشمخي" في النفحات الاخيرة من حوار اجراه معه في مجموعته الشعرية "فوانيس" الصادرة عام 2008 مؤرشفاً ذكرياته وتضحياته واماكن حلّه وترحاله. إنه سفر بين المحطات والمرافئ والقطارات والبواخر. لذيذ في غصته وسكونه وعذابه.. ونضاله مع الانصار في جبال كردستان العراق. وبعد ان هاجر ونزح مع رفاقه الى تركيا وسوريا وعمل في اذاعة المعارضة العراقية وصافح وجوه شتى بقصائده ذهب الى ليبيا والجزائر ثم الى سوريا وبعدها الى مستقره الاخير في السويد المنفى والحضور وهو في المواقع التي تركن اليها يوعد بتجربته الشعرية المتقاربة في فعلها مع الشاعر ريسان الخزعلي والشاعر الخالد الذكر رحيم الغالبي وجمعة الحلفي ورياض النعماني مغايراً في نهج لغته وتصوره وتطلعه مكتوباً بقصائد الشعراء الرواد وعلى رأسهم الهرم الابداعي الرائد مظفر عبدالمجيد النواب والشاعر الكبير شاكر السماوي والمبدع عزيز السماوي (صديقه الحميم) وعلي الشباني وطارق ياسين وكريم محمد وعريان السيد خلف وناظم السماوي والرائع ابو سرحان وكاظم اسماعيل الگاطع وشعراء مبدعون آخرون.. كالشاعر عبدالسادة العلي وكاظم الركابي وغيرهم.

وقد اكد حضوره فجدد فينا في "فوانيس" الناطقة بعراقيته وانسانيته ونضاله الممتد اكثر من اربعين عاماً –وحقائب سفره معلقة مثل صليبه- يطوف المدن وتتجلى في مخيلته الذكريات طافحاً في خجله البصري وفي وجهه خرائط الزمن وفي عينيه تطلعات الشعر الصادق الشفيف والملتصق بمشاعر الآخرين حاملاً مشعل الحرية والصداقات النبيلة والعهدة التي اوجدتها فيه مسبقاً. وهو في ذاته النقية التي لم توعد بـ"الأنا".. يترقب أهل الشعر وناسه وفي ضميره الاناشيد الثورية والرومانسية مبتدأ في "يا موطني".. وتفاصيل عود الفنان جعفر حسن وجعفر الخفاف وطالب القرغولي ومبدعين آخرين. وفي قلبه جواز سفره المطلق الذي يمور العبور به الى المدن البعيدة القريبة.. ذلك الغناء الجميل- صوت امه الذي اعتقد به اولاً مشروعاً ابداعياً في سفره الميمون..

"
يا سفر گلب أمي نجمه.. ضوت الليل الطويل
يا سفر ندمه ابتعدنه.. ظل جرح بينه الرحيل
يا سفر گمرة وطنه الغالي تبعد..
والبيوت ابغير اهلنه.. إشلون تِسعد
نهر واشراعك دليل

او نجمه گلب امي الحزين
ضوّت الليل الطويل
.."

إنها صور تدرك بالمعنى لا بالتجسيد والشكل لما يكتبها البعض بل هي تستكمل بالقراءة لما بعد الحدث مترجمة اللحظات التي أحسها وترجمها شعراً تنهض بالتجريب لاكمال وتشخيص معالم الحدث مؤشرة معالم تجربته وبوضوح صوب الحداثة والابداع ضمن منطوق المدارس الحديثة للثقافة والشعر.

ان الايقاع الشعري الذي يوصل للالتصاق مع تجربة الشعر والوعي والمكونات الاساسية جعلت منه مشروعاً ابداعياً جميلاً تأسس على خلفية صحيحة.

"
يا سفر ما تعرف اشموسي محطات او حدود
باچر اتصحي سمانه وگمر عالبصره تعود
..."

ان ما تحقق له تقريباً من العودة الى النبع الاول أحست مصداقيته في رغبة اللقاء بالاهل والوطن والعودة الى الذكريات في شارع المتنبي ومقهى الزهاوي ومناطق اخرى غادرنا اليها منفرداً للاستمتاع بها ثانية في مدينة البصرة.

إنها صورة قد لا تشابه ما ظنته مخيلته قد يظيفها مشاهد اخرى على غير هيأتها وبصياغته وتطلعه الى المشهد الشعري الواعد. إن اضاءته للخفايا التي توقظ الذات بالفعل تأتيك بكبريائها الشعري المنتخب والمعهود منه كما كان سابقاً.

"
اللهب بالتنور والدم بالحمل
والشمس بالبيت والفي مشتعل..!
رِجعت الام ابطبگها.. عشر خبزات او طفل
"

ان امكانية تحديث النص الشعري في تجربة الشاعر كامل الركابي هو المشروع الذي يسعى اليه مبتعداً عن كل التشنجات التي تضمر بالشعر ولم توصلنا غنائيته فهو ضد هذه التكلسات التي تحجب الرؤيا الجمالية والحداثوية التي انتهج البعض منا في توجهه للشعر الاصلح مع الاحتفاظ بروحية وموضوعية وابطال قصائده التي يتحرك من خلالها وبها يستلقي مطمئناً على تجربته الشعرية الحميمة الملتصق معها روحاً وقالباً، شعوراً ونضالاً وتطلعاً ومحبة..

انه يتفاعل بمصداقية مع الحدث الذي تزخر به ذاته التواقة للامل بعد جموح الرغبة فيه.

"
روحي تزهر بالمحبة او بالصداقات النبيله.،
روحي ما باعت حبايبها او على ادروب الوفه

 لورادو اتغني توّج اشموعها وتسهر خليله..
گمره لجل اعيونهم ما تبخل اوعمر الصرايف من ضوت لليوم ما صارت بخيله
"

انها انهيالات الروح في تداعياتها مؤكدة الرغبة في طموح الذات بالوصول بالشعر الى اهله وبنهجه اللغوي الذي اختاره بكل شفافية بما اراد به من فعل ينعش القلب ويضيء الذاكرة عبر بواباته التي يمر الهواء الينا منها بصحوة لغرض النهوض بنا مجدداً لاغية بنا الهم الاكبر في نشوتها مطمئنين بها على تجربته الشعرية الواعدة.

"
يظل مخمور طيفك يلعب ابعيني
أحبك لا تخليني شجر أصفر خريفي وانته اخضر دوم..
أحبك حتى من اتصير مر... ما صخ حلو.. مالح..،
احبك حتى من اتغيض روحي، وعينك اتواكح
"

ان هذا التوجه الجمالي والايحائي اللا محدود من حيث يشعر او لا يشعر به انه منطق الروح الحقيقة بالوقوف على ما هية الشعر وما يجب أن يكون عليه. انها غنائيات تذهب بك الى مناطق الدفء والجمال وطموح الرغبة- معتمداً على فيض المشاعر.. وبالتقطيع اللفظوي والصوري وبحصيلته يكون قد غادر المناطق الى الحضور الدائم في حضرة الذاكرة التي تشعر بالغناء الصحيح اثناء التوجه.

"
شِفت ورده إزدهرت ما بين عاگول.!،
تمد رُگبتها لخيوط الشمس.. تحلم عمرها ايطول،
لچّن هالشوك.. آه الشوك..
..
خنجر حَسد مسلول
.!

فهو في الانهيالات النثرية شاعر. تدخل عوالمه المنطقة الشعرية التي يتوجس بها. وهو ما فعله الشعراء المبدعون وفي الطريق معهم يكون قد أسس له مشروعاً يأمل منه بالنضوج اكثر فيما بعد معتمداً على اللغة المدروسة المنتقاة من معجم الحياة المنهجي في اللغة لما فيها من تجسيد لحدس الرؤيا الجمالي والدلالي الفائض بالمعنى المتأكد فعلاً في الحضور والتلقي ضمن التوجه الصحيح للمدارس الادبية الحديثة بعيداً عن الخبطات الشعرية غير المألوفة. فهو يقول:

"
شفت مرّه حلم يبچي... گلتله إشبيك!؟
گلي إعيون أحبها إبعيد..
، سِكتت ما بعد تحچي
..."

ولذكريات الشاعر كامل الركابي صدى في ذاكرته فاحلام الطفولة صور في عينيه لا تفارقه "فنخلة الساعي".. عنده مقدسة يرنو اليها وهو في المنافي البعيدة يطل عليها وتمتد يداه اليها رغبة في الحصول او الاطراء والوفاء اليها لما أعطته من تجليات أغنت مخيلته الشعرية..

"
شتت بروحي السنين.. إو ما صحت كل ليله غيمه..
، تمطر الوحشه سواجي او تمسح إمن العين صوره
، نخله شبّت وي بيوت أهلي القديمه
.."

وكم هو النخل العراقي الذي يتفاءل به والذي بمؤشراته الاجماعية يكون قد تعانق رغبة منه في الاستذكار لفرض المكابرة والوصول الى الاماكن التي لم تكتشف بعد..

"
السنين اتفوت.. واتروح السنين..
والعمر ناحّل نزع لون الخريف
ترصف الوحشه على اعيونه رصيف،
، مِنطوي او مكسور من يوم انكساري.. إو غربتي
"..

ان السفر الموحش اعطاه من الحنين والشوق الى عوالم الألفة والمحبة انعطافاً آخر تجلى فيه الارتقاء بتجربته الشعرية طموحاً في الوصول بالقدر اللزومي للالتصاق مجدداً بوظيفة الوصول بالروح الى ذهن المتلقي من جديد وبالشروع بالنهج الابداعي التواصلي.

"
العطش عالشِفه تبدّه"

وكذلك..

"
الناس بعض الناس من قِلة فهم لو ذوق..،
، من قِلة نظر تحسب ذهب نفسك نحاسي..،
اتعيش طول العمر ما تگدر تفرق... بين طيّب طبع اخضر..
إو بين أصفر دبلوماسي
"

إنه في النوم حذر من ارهاصات الحلم وفي اليقظة يتوجس ما فعله حلم الدهر فيه ومن توقعه في مشاهدة الذات بعين المتوعد بالشعر خوفاً وإجلالاً لموعده الذي بشر به.

"
إنته شاعر بيت روحك ما بعد حبك خرابه.
بيها منطفيه الاغاني او بيها منسيه الربابه
.."

ان لشياطين فيه حضوراً تنتقل به حتى تجعله منساقاً تحت رغبتها احياناً لكنه ينأى بها محتسياً برغبته منذ زمن وبنشوة خمرته المعتدلة. التي قد تجعله يكون اكثر صحوة من قبل، حيث ارتشف من المعطيات اشيائه الاخرى..

"
آنه كل عمري اللي تعده ابحلم ما خوفت نمله..
، إشلون أخوف بالسكر أحلى العيون.!؟
جاوزتني ايام سود او سامرتني اظنون سود..
روحي ضاعت بالمداين.. بالبواخر.. والحدود
مره من شاعر الحكمه التمس حِكمّه..
إو مره من شاعر الكاس..
، اتطوف وسط الكاس روحي..
آنه من اسكر طفل يحبي.. الحضن أمه يعود
."

انها تجليات صورية منطقية يعتز بها ونستمع بشايكتها وصحوتها فهو في كل الفصول مخضراً- تورق اشجاره الربيعية فينا أزهاراً ندية لا يهمها الشتاء السويدي البارد.

"
بينك او بيني العيون او شجر شتوي..
او من بعيد اتذوب نظرة و شمعتين..
والمسافه الخاليه من الورگ بين الشجر خيط امن الحچي..
، المهموس بين الشفتين
"
او ما يهمنه الغض للشجره.. طفل.. ذابل.. حزين.."

ان الجينات او الكائنات التي يتعامل معها الشاعر الركابي والتي تستوقفه أن يكون فاعلاً فيها ماهي الا وصولاً بتشكيلاته الشعرية المتنوعة الى الحضور الدائم لدى المتلقي ولاغناء المشهد الشعري الحديث المتطلب منا جميعاً: فهو والاعمى سوية وان النظر اليه هو الشعور بمحبة ومصداقية

نزل اعمى

ابفندق الرحمه

نزيل

لا عصى اﺘﮔوده

ولاعنده

دليل

وبعد

ما أول صبح مر

ورسم بعيونه ليل

مات

لا رمح اليعرفه

ولا سيوف

ولا سمع حمحمة خيل

صاحب الفندق

بنى اﻟﮔبره مزار

باب فضه

وماي بارد

سلسبيل

الناس من آخر الدنيه

ابحضرته اتطوف

وتسيل

ادموعها

ابحب وحنان

وبالدعاء الطاهر

اﻟﭽفها تشيل :

اللي يريد ايزورك انت

الاولى ابنك

يا براهيم الخليل  !

ترى ما بعد هذا العالم الذي ينأى به الشاعر والى أي مكان شعري يري- وأنا من صومعة شعره صديقاً ملازماً مثل بداياتنا- اذاً لنبقى معك نتوضأ في نهران مائك الشعري احتفاءً- ولتبقى الطهارة فيك صحوة- وهذا ما نتطلعه منك ايها الشاعر الذي لا نكتفي به اطراءً ولكن سوف نشاهد فيك ومن المتأكد في فعل الشعر فيه واعداً –يا صديقي- الشاعر المتمدن في حوارياتك الجميلة.

 

 

free web counter