الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

الاربعاء 9 / 5 / 2007

 

 


من أجل خطة لتطوير الإنتاج الموسيقي في العراق
(1)


حميد البصري

يعتبر الفن شكلاً خاصاً للوعي الإجتماعي الإنساني ، شكلاً يعكس الوجود الاجتماعي ، وهو بذلك يكتسب مميزات مشتركة مع الكثير من ظواهر الحياة كالعلم والتكنيك والسياسة ، لكنه في نفس الوقت يمتلك خصائص محددة تجعله مختلفاً عن كل الأشكال الأخرى للوعي الاجتماعي . وتعتبر علاقات الإنسان الجمالية بالواقع الموضوع الخاص المتغير للفن الذي تتجسد مهمته في الاستيعاب الفني للعالم ، ولذلك فإن الإنسان يحتل مركز أي إنتاج فني بصفته – أي الإنسان – المعبر الحقيقي عن العلاقات الجمالية . أي أن موضوع الفن هو الحياة في جميع أشكالها المختلفة ، المعاد صياغتها من قبل الفنان على شكل صور فنية يتم خلقها في عملية نشاطه الإبداعي على أساس وعي الحياة وامتلاك المهارة الفنية التي تجعل من نتاجاته طريقاً لسعادة الإنسان وغناه الروحي .
إن العمل هو مصدر القيم المادية والروحية ، وبذلك فهو مصدر نشوء النشاط الفني . وقد لعبت الشعوب دوراً عظيماً في تطور الفنون خلال جميع المراحل التاريخية للبشرية ، والتي تعتبره – أي الفنون – شكلاً من أشكال البناء الفوقي – النظري – للمجتمع .
عندما يشهد بلد تحولات جذرية سياسية واجتماعية واقتصادية ، تتطلب تلك التحولات بالضرورة الى ثقافة تعبر عنها وتعمق وعي المواطن بها ، مما يسهل في تحقبق الأهداف التي جاءت من أجلها تلك التحولات ، ويزيح ما يعترض طريقها من عقبات .
وتحتل الموسيقى ، والأغنية بالذات ، موقعاً متميزاً بين الفنون الأخرى ، للدور المهم والخطير الذي تلعبه في حياة الشعوب باعتبارها رافداً روحياً وعاملاً فعالاً في تعميق ادراكها لواقعها الجديد ، وشكلاً من أشكال الوعي الاجتماعي . ولقد أدركت القوى المتنافسة على مراكز النفوذ بعد التغيير ، فعمدت على انتاج وإشاعة نوع معين من الإنتاج الموسيقي يتضمن ايديولوجيتها شكلاً ومضموناً رغم تحريم الموسيقى من قبل العديد من تلك القوى .
لما كان الفنان هو المعني في عملية النشاط الإبداعي ، فإن تطوير الإنتاج الموسيقي يأتي بالتأكيد عبر تطوير الفنان نفسه . ولما كانت الأغنية ضمن الإنتاج الموسيقي العام وجزء كبير ومهم فيه ، لذا سأشرح مكوناتها وسبل تجاوز واقعها وتطويرها .
تأتي الأهمية الكبيرة للأغنية في المجتمع كونها حاجة يومية لكل فرد أولاً ، وتاثيرها الايجابي أو السلبي ، المباشر وغير المباشر عليه ثانياً . إن مكونات الأغنية هي :
1 – النص ( الشعر )
2 – اللحن
3 – الأداء ( الموسيقي والغنائي )
1 – النص ( الشعر ) : تسعى العديد من الجهات التي تقف ضد تطور المجتمع الى ترسيخ المفاهيم والقيم المضرة بالفرد وبالتالي بالمجتمع كالإتكالية والمازوكية والإنخذالية والإستسلام للواقع والرضا به ... وغير ذلك من النماذج الشاذة للحب والمبالغة في الوصف للحبيب . بينما توجد في تراثنا قصص لبطولات أشخاص تحدوا الطبيعة والواقع ليجلبوا ما تطلبه حبيبتهم . إن النصوص الغنائية في مرحلة التحولات المتعددة بعد التغيير يجب أن تأخد دور توعية الفرد بالواقع وبالقضايا المهمة بشكل غير مباشر ، وأؤكد على غير مباشر ، حتى لا يتحول غناؤنا الى شعارات ينفر السامع منها . حتى الغزل ، يجب أن يؤطر بالوعي والاعتزاز بالنفس ، ويمكن ربط حب الحبيب بحب الوطن وحب العمل وحب الناس ، والتحريض ضد الأفكار الرجعية والمتخلفة ، ورسم صورة المستقبل الزاهر للمجتمع الحر والخالي من الاستغلال . إن بإمكان النص الغنائي استيعاب كل هذه المواضيع وعكسها الى المستمع بشكل غير مباشر وبصورة فنية جميلة يتقبلها باستمتاع . وهنا يأتي الدور العظيم والمسؤولية الكبيرة التي يجب ان يتحملها الأدباء الكبار المبدعون ويتعاونوا جميعاً من أجل خلق نص غنائي جديد يستوعب المهام المذكورة آنفاً . وقد يكون مقترح إقامة ندوات ولقاءات مستمرة في اتحاد الأدباء ضرورياً لمناقشة هذا الموضوع ، وطرح نماذج متعددة للأغنية بمختلف اغراضها ، ومتابعة ما يطرح للناس من خلال الإذاعة والتلفزيون من نصوص غنائية ونقدها بشكل بناء .
هذا من جانب مؤلفي الأغاني ، أما الجانب الآخر - والمهم أيضاً – والذي تقع مسؤوليته على المؤسسات الرسمية ذات العلاقة ، فهو وضع محفزات مادية ومعنوية للمبدعين من الأدباء في مجال النص الغنائي كالمسابقات المختلفة وغيرها. وإذا كان النص الغنائي مهم في كل ألوان الغناء واغراضه ، فإن اهمها هي أغاني الأطفال ، والتي يجب ان تاخذ حيزاً اكبر من الاهتمام من لدن جميع الأطراف .

يتبع