الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

السبت 7/1/ 2006

 

 

 

رحيل طفلتي الروحية

 

وداد عقراوي

يمكن لكل انسان على مستوى من الوعي الانساني ان يتربع على عرش الامومة او الابوة الروحية للملايين من اطفال العالم.

تهمني هنا الامومة الروحية لاسباب ساسردها لاحقاً ولكن اود اولاً الاشادة بهذه الغريزة الطبيعية التي ترافق الانسان الانساني في معظم مراحل حياته ولا علاقة لها على الاغلب بالمرور بمراحل الحمل وانتظار فلذة الكبد البيولوجية والالتقاء بها بعد الانجاب.

الامومة ترتبط ارتباطاً مباشراً بقيم انسانية كونية ورموز وادوار وابعاد فكرية واجتماعية وانسانية وتربوية عميقة وفعالة ومتسمة بالاخلاص وترتقي بها من مجرد وظيفة بيولوجية بحتة اي بطن حملت الجنين لفترة زمنية معينة.

ولايماني الكبير بهذه الامومة الروحية حافظت وحرصت على عضويتي في منظمة التضامن العالمي للاطفال. فكل اطفال العالم هم براعمنا واحبائنا.
وفاة الطفلة السودانية التي فقدت الحياة اثر مصادمات بين الشرطة المصرية واللاجئين المحتجين السودانيين في القاهرة في يوم الجمعة المصادف 30 ديسمبر 2005 ادمى قلبي الذي قطر حزن وشجن. اتقدم بالتعازي القلبية للانسانية جمعاء ولاطفال العالم اجمع... ولعائلة الطفلة... قلبي معهم.

كتبت هذه الخواطر لاهديها الى ابنتي الروحية... كما اهديها لكل طفل فقد حياته في المهجر و لكل من فقد عزيزاً عليه او تشرد من دياره وحُرم من العيش الكريم بسبب الحروب :

عواصف الفراق والوداع تعتصرني اذ اكتب هذه السطور
لوفاة طفلة عمرها اربعة سطور
فارقت الحياة بوقوعها وسط فتحة السيف المشطور
قطرات دمها سالت كحبات لؤلؤ مهدور
ودعت الدنيا اثناء مشاحنات بين انسان وانسان... واقع مؤلم متكرر كالصور المطبوعة على زجاجات الخمور

الفاجعة وقعت عند الفجر حيث العنف والغضب والغيظ ملئ الصدور
آلالاف اللاجئين السودانيين اصطفوا للمطالبة بحق احقه لهم العليم بذات الصدور
بسرعة البرق قدمت مخلوقات كالنسور وضاقت الصدور وتأزمت الامور
استحوذ اهتمام شديد من البعض لترسيخ سيطرتهم على زمام تلك الامور

جذور الشر تأججت وجرحت وعززت غرائز الغدر والوغر في الصدور
الخصومة والخبث والخيانة والاحقاد القادحة تسربت وترسبت واسبلت اجفان المصدور
النور والسرور وانشراح الصدور علقمت عند البعض بسبب العجز المبذور...

العديد من السودانيين فقدوا الوعي بعد استخدام الشرطة للقوة لإجلاء اللاجئين بأمر من المأمور المأجور
جميع اعضاء الجسد المجيد الواحد الموحد جزؤوا بجرأة وشطروا تشطيراً ومعه القلب القوي المغمور

المتواجدون في ساحة مصطفى محمود في المهندسين في القاهرة باتوا وكأنهم قابعين وراء قضبان منزل مشطور
الطمأنينة وضمأ التضامن وحلم الضمان الاجتماعي مضى مع ومضات روح ضريح الضمير المشطور

عُثر على الطفلة واحضرت الى الطبيب في حضن رجل جسور
صدى صوت الطبيب دوى وبدى في السماء اعلى واعنف من اصداء الرصاص وصراخ صمت القبور

بعدها بساعات صرح بالخبر صحفي مصري صاحب صامت متكلم مصدور
عند قرأتي لخبر هذه الحادثة المتوحشة والمصاب الجلل تذكرت بغداد وسجن ساحة النسور
ثم... تخيلت الطفلة امامي وتنهدت تنهيدة عميقة...
برؤية العاجز والمجبور...
برصد طرب وسعادة الراغب المغرور...
بمجرد كبحه لجماح انشودة المشاعر لاستنفاذ الشعور بالفتور

استغربت مع نظرات استغراب النجوم لغياب شمس الغروب وبكاء الزهور...
وسط الحلكة والظلمة في غمرة الفوضى والزمن المزحور

في هذه اللحظات حيث يضحى السراب الساهر كضير سهام السحر على المسحور
استشهدت الاربعة سطور...
وغدت تحت الانقاض كالجدول الفياض تبلل الارض بدم الطير المغدور

في اليوم التالي كان الاقارب واقفين بين القبور...
مستنجدين بانينٍ... بالمدافع المقبور...
داعين بزوال الشرور... بالسعي الانساني المشكور

فكرت في مسبب هذه الفاجعة الموجعة كي نعالج الجوف المسحور
هل سنعرف الحقيقة في يوم ما بشَدة في الخيط المجرور؟
ام انها ستظل سراً كاسرار العمل المبرور؟

ولكن أكان المسبب حضور فراخ النسور؟
ام الصراع المنفصل في منطقة اقليم دارفور؟
ام الاشتياق للوطن الام ومصاعب ووعورة جسور العبور؟
او قد يكون فقدان المساكن والحنين لجدران تلك الدور؟

هل تجاهل اللاجئون المغلوبون على أمرهم قواعد ضمان المرور؟
ام انهم فضلوا حفر نفق باسم الحرية لانهم فقدوا الامل في بناء الجسور؟
ام تراهم نسوا كلمة السر لدخول النفق الذي سيوصل صوتهم الى النسور ؟

او ربما المشكلة تكمن في قرارات ساكني القصور؟
ام لعله خطأ او نوع من انواع القصور؟
اجل قد يكون كذلك... قصور من مأمور يسمى بالجاسور!

ان كان المسبب هذا او ذاك فالنتيجة واحدة... وهي:
هول من اهوال الحروب اصطدم بالحضور
وفي الحال هلّ غول الضغائن والغرور
بصحبة المصورين وحفّاري القبور

والنتيجة رحيل 26 شخصاً واربعة سطور
آلم رحيلها سيعشش في قلوب الصدور

رافقتك السلامة ياابنتي... غادري غاليتي بامانٍ هذا الروض المهجور