الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 5/8/ 2010

 

 مَنْ أنت يا سماوي ؟

سالم الزمر *

إنني ياسـيّـدي الطفـلُ الــذي
خبَرَ العشقَ غريرا ً فاكـتهـلْ

لم يـزلْ ينبض شــوقا لـغــد ٍ
قـلـبيَ الطفلُ وليلى لم تـزلْ

يحيى عباس السماوي شاعر عراقي ولد في مدينة السماوة من أرض العراق في السادس عشر من شهر مارس/ آذار سنة 1949 .. درس الأدب العربي بالجامعة المستنصرية واشتغل بالتدريس والصحافة والإعلام في العراق والسعودية ، وهو إلى الان مهاجر في استراليا منذ سنة 1997 .

هل السماوي شاعر عراقي وحسب ؟ أم ماذا ؟ ولِمَ لا يعرفه إلآ العرب البسطاء والعشاق والراحلون عن أوطانهم كما عرفوا الجواهري يوما ما ؟ ولِمَ لا تحتفي به المنابر الثقافية كما تحتفي بسواه ؟ هل لأنه لاينتمي ـ في رأيي ـ إلى حزب الهذيان الشعري العربي ؟ لا أظن الأمر إلآ كذلك ، فالسماوي شاعر مازال متلبّسا ً بالشعر العربي في أجمل حالاته ، ليس له تلك الرموز الدخيلة على الشعر العربي بل ليس له ذلك الكلام عربي الحروف أعجميّ الفكر الذي ينضح به الكثير مما يُنسب زورا وبهتانا إلى الشعر العربي من ناحية ، وإلى الشاعرية من ناحية أخرى ، وإلى العربية من ناحية ثالثة وليس له من الشعر إلآ اسمه ولا من العربية إلآ رسمها ولا من الشاعرية إلآ ادّعاؤها . وقد كنت أظنني وحدي من الذين يعتقدون بوجود ذلك الطابور الواقف في وجه الجميل من الشعر العربي المجدد في إهاب الأصالة حتى قرأت معتقدي ذلك في مجلة " المدى " للأستاذ الكاتب العراقي عبد الستار نور علي قوله : ( ولقد كان لتسيّد أصحاب التجديد من الشعراء والأدباء الساحة الأدبية وإمساكهم بالصفحات الثقافية كمسؤولين بيدهم النشر ، أنهم ضيّقوا على نشر الشعر العمودي لعدم اعترافهم بأهليته في الإستمرار بعد التطورات الأدبية والتجديدات على شكل ومضمون الشعر العربي الحديث ، وقد شنوا حربا لا هوادة فيها ضد هذا اللون ، ولذا انحسر أمام هذه الهجمة ليقتصر على النشريات التي تهتم بالتراث .
لكن مع التطور التقني الحاصل في العالم والثورة المعلوماتية وانفتاح مجالات النشر على الإنترنيت دون رقيب أو شرطي ثقافي ، استطاع شعراء العمود الذين لم يتمكنوا سابقا من نشر نتاجاتهم بحرية واتساع ، أن يجدوا ملاذا آمنا كي ينشروا قصائدهم على الملأ لترى النور وتثبت الحضور وتحدث التأثير في الجمهور .
من هؤلاء الشعراء الذين لمعت أسماؤهم فأخذوا حقهم في التذكير والعلوّ والإشادة والإنتباه والحصول على الجوائز بجدارة وأحقية واستحقاق ، فتقاطر النقاد والباحثون على استثمار شعرهم في الكتابة والبحث والحصول على الشهادات العليا ، وذلك بسبب غنى وثراء وفضاء شعرهم شكلا ومضمونا وموضوعات ، هو : شاعرنا العراقي الكبير المتألق يحيى السماوي ) .

وأقول : أتدري ياسيدي السماوي لِمَ لايوجد لك مكان في المنابر الثقافية العربية التي يسيطر على أكثرها كهنة الحداثة العربية ؟
لأنك تقول : ( الحداثة أيضا أصبحت مفهوما ملتبسا ... فثمة مَنْ فهمها على أنها تعني إعلان البراءة من التراث واستئصال جذوره من الحقل المعرفي الإبداعي ، وثمة مَنْ فهمها على أنها الإنفلات من ثوابت اللغة بحجة تفجيرها ، وكلا المفهومين ليسا خطأ ً ، إنما خطيئة بحق الإبداع .. لأن أكثر الأشجار ارتفاعا ً وظلالا ً هي الأكثر امتدادا ً لجذورها في التربة ... فالحداثة تعني بالنسبة لي : الجديد الذي يضيف إلى جسد الإبداع دما ً جديدا .. وتعني اكتشاف ما لم يتم اكتشافه بعدُ من أقاليم شاسعة في تراثنا الإبداعي القديم .. وتعني أيضا الإقتراب أكثر من هموم الإنسان ومطامحه ، والمساهمة في إضاءة ماهو مُعتم في حياته .. وتعني أيضا إيجاد علائق جديدة بين الكلمات للمجيء بالجديد من الصور والمعاني غير التي في القاموس ) .
فقلتُ : كيف تريد أن يحتفي بك مثقفو العرب وأنت تقتحم " التابو " الثقافي العربي بتلك الكلمات ؟
لكي تكون شاعرا يحتفي بك الإعلام الثقافي العربي الواقع في أيدي بقايا فكر عربي هو نسخة عن أصله المنهار في منابعه الجافة ، لابدّ لك من أن تنزع ثوبك الشعري الأصيل هذا وتذهب وراء كل ناعق من غربان مايسمى بالحداثة الأدبية العربية ، وتعلن توبتك من الجميل وتقدم قرابين الولاء لأولئك القائمين على مآتم القبح المنسوبة للشعر ظلما وعدوانا .. وليست القرابين إلآ اتصالاتك المتوددة بدهاقين الثقافة العربية الذين تعرفهم ولاشك ، معترفا بترهاتهم معجبا بروائح أقبيتهم التي تزكم الأرواح الجميلة ، ومن ثم تعرض عليهم بضاعة جديدة من نصوص ليست من الشعر ولا النثر بل هي نصوص هائمة لا ملامح لها ولا وجوه غير وجوه القبح الحداثي ، فإذا اطمأنوا إلى ردّتك الأدبية عمّدوك لديهم وأدخلوك دير الثقافة العربية والشعر الحديث ورضوا عنك .
وأنت لاتفعل ذلك .. ومادمت لا تفعل ذلك فإنك ستبقى الشاعر الجميل والطائر المغرّد خارج أسرابهم الناعقة في حدائق أرواحنا ، تقف على شرفات القمر تناجي المحبين الهائمين الذاهبين وراء الجمال ، فلا يضرنّك أن الصحافة الثقافية العربية لا تفتح كثيرا ذراعيها لك ، فإن أذرعة أهلك في العراق والعالم العربي يحتضنون شعرك وروحك في صدورهم وبأعينهم أغنيات خالدة .

أخيرا : سألته إحدى الأرواح الهائمة بالشعر عن حاله في غربته فأجاب :

حالي بدار الغربتين خطىً
مشلولـة ٌ فاسـتـفحلَ الـبُعـدُ

قـلبي إذا أمسى على فرح ٍ
فعـلى رماد فجيعة ٍ يـغـدو

لا الريحُ تلثِم خدّ أشـرعة ٍ
حيرى ولا الحرمان يرتدُّ


 


*
شاعر من الإمارات



 

free web counter