الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الجمعة 4/11/ 2010

 

صرخة للحياة.. live out loud
موسيقى .. شعر .. جسد ضوء

حيدر ابو حيدر

على مدار ساعة من زمن العرض المسرحي المشحون بوجدانيات الشعر والموسيقى تابع جمهور العاصمة الدنماركية كوبنهايجن مسرحية ( صرخة للحياة)..في مشاهدة اقل ما يقال عنها انها شحنت الذاكرة ذهنيا وحسيا, عن نصوص شعرية لشاعرات مبدعات هن جمانه مصطفى من الاردن وجمانه حداد من لبنان وهالا محمد من سوريا ورنا جعفر ياسين من العراق وريتا عوده من فلسطين و امل الجبوري من العراق و فدوى طوقان من فلسطين- داليا رياض من العراق .

في استعراض سريع ما بعد العرض ثمة سؤال جوهري اين الدراما في سياق العرض المسرحي باعتبار ان المسرح يعني الدراما؟ الشعر هو الرائي الموثر والمتأثر وهنا تكمن عظمة فعل راى في صناعة الصورة التي تحولت تدريجيا الى بناء الخط الدرامي العام للاعمال المسرحية الحديثة.. فمسرح الصورة الحديث قادر على اشراك الجمهور المتأثر بخلق الدراما الخاصة به ومناقشتها مع صور درامية عديدة تصل لجمهور العرض وباشكال مختلفة.. وبلقاءات سريعة جدا سمعت اراء كثيرة و مختلفة بمضمون العمل المسرحي الذي نحن بصدده.ولذلك فكل الاختلافات اضفت للعمل رونقا وبهاءا على مستوى الاداء والشعر و الموسيقى .

ورغم خصوصية الموضوعات الشعرية المختلفة الا ان الدراما المسرحية قاربت بين مفهوم المعنى و الصورة التشكيلية من جانب وبين الموسيقى والشعر من جانب اخر..

النص
استطاعت معدة مسرحية صرخة للحياة -live out loud الفنانة عايدة نديم ان تقسم المسرحية الى خمس وحدات كل وحدة فصل مختلف عن الاخر واطلقت على كل فصل تسمية تظهر على خلفية المكان بطريقة اليكترونية .. المرأة woman - الحب love - الحرب war - انا me - نحن us

في صغري كان لدي ذيل طويل ..الرجال ترقبوا بلوغي ..والقطط حسدتني ..حتى قصته امي ولان الطبيعة اذكى من امي ..نبت لدي عقل ..وهكذا تطورت الحياة من حولي بشكل استدعى انتباه البدائل....

صورة شعرية تحملك بكل بساطة وبلا تعقيد للدراما ,عشرات الصور في هذا المقطع .
بامكان الجسد ان يفعل الكثير من الغرائبية الجسدية ,جسد الممثل وحده يستطيع ان يفك رموز الشعر وينثره في وسط المسرح وحتى في زواياه المعتمة وهكذا تطور الحياة من حولي, بشكل استدعى انتباه البدائل.. جسد - موسيقى - ضوء - شعر..

وفي مكان اخر, وفي فصل الحب الثاني نرى الصورة مختلفة..

عشت معه لارى كيف يعيش بدوني

شعر- ضوء - جسد .

اما في فصل الحرب الثالث فقد كانت الصرخة واضحة والتي على ضوءها اطلقت المعّدة عنوان مسرحيتها (صرخة للحياة) :

انزف وطنا .. ابكي اصحابي المفقودين ..وكخوف مسموم
قد تلعقني ألسنة الغربة ..اشبه منفى منقوعا بالتبغ وصهيل العناد
لا وطن
ولا انتم

الصورة الدرامية تبدأ هكذا الشعر - الجسد - الضوء - الموسيقى
انزف (فعل) - اصحابي المفقودين (جسد) - وكخوف مسموم (ضوء) لا وطن ولا انتم (موسيقى)

كيمياء التحليل و فلسفة الجسد افرزت لنا جوهر المعنى الثاني للنص , المعنى الخفي الذي لا يمكن ان نراه الا في صورة العرض من خلال الممثل, الممثل الذي يرى الاشياء بطريقة مختلفة , قد نختلف معه لكننا بالاخير نتحول جميعنا الى مخرجين للعمل ولكل منا طريقته في تجسيد الصورة التي نريد, وهذا يحدث بفضل الممثل وجميع العاملين..

في الفصل الرابع تأتي الصورة اكثر وضوحا :
خائفة حيث لا اثر لي ..ارجوك ناولني بعض الاشياء المبعثرة بقربك ..لكي ابعثرها بقربي
جسد - ضوء - جسد - موسيقى .

في الفصل الخامس والاخير - نحن -
لو بيدي.. ان ارفع عن هذا الكوكب كابوس الحرب..لو بيدي, ان امسح عن هذا الكوكب بصمات الفقر, واحرره من اسر القهر..لو بيدي ان اجتث شرور الظلم..واجفف في هذا الكوكب انهار الدم..لو اني املك لو بيدي,ان ارفع للانسان المتعب ,في درب الحيرة والاحزان,قنديل رخاء واطمئنان...

هذه الكلمات وحدها اغنية تليق بالمسرح..
جسد - جسد - جسد موسيقى


الصورة من اليمين سعد ثامر عايدة نديم اكسانا نيلسين باسم هوار

استطاعت المخرجة اليابانية الاصل وبالتعاون مع الفنانة عايدة نديم ان تجعل من مكان العرض عبارة عن اشكال مختلفة فبالاضافة الى نافذة الظل في اعلى المسرح فانها جعلت من وسط المسرح مكانا رئيسيا منتجا للصورة .. وجعلت من اطراف المسرح خلف الجمهور مكانا للموسيقيين ...الفنان باسم هوار- الة الجوزة العراقية والفنان سعد ثامر- ايقاعات وطبول ومشاركا في الغناء وبعض الحوارت القصيرة.. استطاعا هاذان الفنانان ان يضفيا لجو العرض رونقا وبريقا مميزا من خلال توضيف الة الجوزة العراقية الى نغم صوري مميز ومن خلالهما ادت الممثلة الدنماركية الحانها الجميلة على انغامهما.. تمازجا جميلا يستحق التأمل..

قد نصادف في اكثر من عرض استخدام الموسيقى كموثر ثانوي في العروض المسرحية, يحاول ان يسد الفراغات الزمنية لوقت العرض.. او احيانا نرى الموسيقى التصويرية كعامل مساعد للبناء الدرامي.لكن في مسرحيةصرخة للحياة شاهدنا ان للموسيقا الفعل الدرامي الارأس الى جانب لغة الجسد..

ولو تناولنا الموضوع من البداية لكانت المعادلة الرياضية كالتالي :
الفكرة الرئيسية التي انتجت العمل وانتجت السيناريو الاول للفكرة, كانت المرأة والشعر. الشعر في المسرحية واضح وغير مدغم بالرموز المراة كانت البرق ما قبل المطر متماسكة كصخرة النحات انتجت لنا من خلال الفرجة المسرحية ايقونات الجمال ... الضوء كان منتظم يكشف المهارات ويسلط المعنى تحت اقدام الممثلتين كاشفا المستور الدرامي بشكل يشبه القصائد..

في مسرحية صرخة للحياة تذكرت مقولة ارثوذكسية كانت تقف بالضد من الجسد البشري وتنحاز للوجه فقط ,وتعتبره المكان الذي يتجلى فيه الانسان بكل حضوره الانساني ويعبر صاحب المقالة ان العين هي الموضع الذي يستبين فيه حضور الانسان ويعتبر الجسد يسيء الى الطابع الانساني بين الناس نافيا القدرة الفائقة على حضور الجسد كتكوين لغوي و جمالي سوى ان كان في الحياة او على ارض الجمال( المسرح)..

استطاعت الممثلة الدنماركية.... وكذلك الفنانة عايدة نديم ان تقتربا من مسك خيوط اللعبة بشكل هورموني متعادل حتى الفوضى كانت جميلة وذات دلالات جمالية بهية.. جسدا يتحكم بفك رموز الفكرة وغناءا مشاكسا لقصائد مشاكسة ولذلك اقتربتا تماما من مفهوم المسرح المشاكس...

وفي ظل هذا الاطراء الناجح للعمل لابد لنا ان نتوقف عند مفهوم ال "لو", في حديث سريع مع معدة العمل الفنانة عايدة نديم التي رأت ان اسلوبية الاخراج المتبع كان ميالا للاختصارات وكان للوقت قسوته في تقديم العمل, حيث ضيق الوقت جعل جميع العاملين في هذا العرض ان يتخلوا عن الملاحظات الاخيرة المهمة, التي تسمى في العرف المسرحي مشرط الجراح الذي يستأصل المكانات المتخثرة..

توق اخير
في الدراما الحديثة يصبح الجسد ناقلا يتوق له المتفرج ويرغب ويندمج فيه - باتريس بافيس -





 

free web counter