الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأثنين 3/12/ 2011

 

نساء من المسرح المعاصر

علي كاظم الزهر

   جوليا فارلي                                      جيل كرين هالج              جادي آنيكسدال

جوليا فارلي واحدة من  النساء العاملات في المسرح الغربي والعالمي المعاصر. ولدت في لندن عام 1954 ثم انتقلت مع عائلتها الى مدينة ميلانو الايطالية بعد ثلاث سنوات من ولادتها. أكملت دراستها بما فيها الجامعية في الفلسفة في ميلانو. التحقت بمسرح الأودان   Odin Teatret.في الدنمارك سنة 1976 وهي الفرقه المسرحية التي قام بتأسيسها  أوجينيو باربا سنة 1964 في أوسلو قبل ان ينتقل الى الدنمارك. أوجينيو باربا (Barba Egenio) يعد الى جانب بيتر بروك كأهم المسرحيين الغربيين المحدثين المعاصرين, وهو تلميذ وصديق ايضا لأحد أعمدة المسرح المعاصر جيرزي كروتو وسكي( Jerzy Grotowski ).الى جانب أنشاؤه مسرح الاودان قام باربا ايضا بتأسيس المدرسه العالميه للمسرح الانثربولوجي ( International School of Theater Anthropology). وقد اسهم بشكل أساسي في موضوعة عمل وأعداد الممثلين, حيث دفع ممثليه للبحث الذاتي على المستوى الجسدي والروحي في رفع مهاراتهم التمثيليه.

بدأت جوليا فارلي ( Julia Varley) عملها في فريق الاودان كممثله ثم مخرجه ومعلمه , كما عملت في التنظيم والاداره قبل ان تنتقل الى البحث والكتابة. عام  1990 بدأت نشاطها في المدرسه العالميه للمسرح الانثربولوجي. شاركت في تأسيس مشروع المجدلينا (   Project Magdalena) عام 1986 من خلال المهرجان المسرحي الذي نظمته جيل كرين هالج (  Greenhagh Jill ) الاكاديميه وأستاذه المسرح في جامعة ويلز أبريستويت في انكلترا وبمشاركة عدد قليل من النساء العاملات في المسرح حيث وضع الحجر الاساس , والماجدلينا يظم الآن شبكة واسعة من النساء من مختلف دول العالم,, وسيلة لإظهار طاقاتهم ولضمان تواجدهم وبفعالية و ليضعهم في قلب المسرح المعاصر, نساء من كوبا والأرجنتين ,المكسيك ,ايطاليا ,اسبانيا ,اليابان. والمجدلينا هو ايضا شبكه معلوماتية على صفحه الويب , توفر الاتصال للجميع لغرض الاطلاع على ورشات المسرح ودراسة الوثائق المختلفة. جيل كرين هالج هي المديرة الفنيه لمشروع الماجدلينا منذ تأسيسه حتى الآن,  سافرت وعملت في اوربا ,أستراليا والعديد من دول امريكا اللاتينيه كمنتجه ومخرجه ,ممثله ومحاضرة ايضا , ولازالت تعمل على مشاريع عديدة  بالتعاون مع فرق مسرحيه نسائيه من مختلف دول العالم  بهدف الارتقاء بالفن المسرحي وتشجيع النساء المسرحيات.

الى جانب جوليا فارلي و جيل كرين هالج ,من المساهمات في تأسيس مشروع الماجدلينا, هناك ايضا جادي آنيكسدال (   Aniksdal Geddy)  من النرويج , وهي من فرقة المسرح المستقل النرويجيه. شاركت منذ عام 1981 في معظم العروض التي قدمتها الفرقه , تعمل الى جانب كونها مخرجه في البحوث النظريه و الورشات المسرحيه المتعلقة بأعداد الممثلين. شاركت ايضا في العرض المسرحي (الازرق دخان الحرب) Smoke of War   Blue  وهو من العروض المسرحيه المهمة ,ومستوحى من كتابات الشاعر والمفكر الشيوعي النرويجي جورج جوهانستون 1931- 2005 والذي تم عرضه في العديد من دول العالم.الى جانب التمثيل شاركت جادي انيكسدال في المونتاج والترجمة حيث تم تقديمه باللغة الانكليزية. سافرت مع جيل كرين هالج في عام 2003 الى الفلبين وسنغافورة واستراليا , وأقامت ورشه عمل تتعلق بالأداء الفني والبحث في موضوعة النص الذاتي للممثل واستخدام الافكار والانفعالات في تركيب الحوار والكلمات. تحليل النص من خلال التمارين الجسدية المتخيله بهدف تطوير الاداء والربط بين لغة الجسد ولغة النص.

مشروع الماجدلينا يمكن اعتباره حركه ديناميكيه بين الثقافات المسرحيه النسويه,يوفر ارضية للنقاش والبحث ودعم التأهيل وتبادل الخبرات بين الفرق المسرحيه وبين النسوة المسرحيات, تركيز الجهد الفني لصالح النساء العاملات في المسرح. تتواجد فروعه الآن في العديد من الدول حيث تلتقي الفرق المسرحيه , وهو شاهد على ما يمكن للنساء عمله معا.

أحجار الماء.

في عام 2009 صدر كتاب جوليا فارلي  أحجار الماء d’ eau  Pierres  .أوراق ممثله من مسرح الاودان ,باللغة الفرنسيه ,ثلاث سنوات بعد صدوره الاول باللغة الايطالية.تستعرض فيه حياتها الفنيه كممثله وباحثه خلال عملها مع اوجينيو باربا, وقبل ذلك في بداياتها الفنيه والسياسية وعملها في مركز سانتا مارتا في بداية السبعينات, ثم انضمامها الى مسرح الاودان سنة 1976  وقرارها الالتحاق بالفريق في مدينه (هولستبرو) في الدنمارك,حيث يبدأ زمن الورشات المسرحية ,التعلم والجهد الجسدي المضني ,الصعوبات ,العروض المسرحيه ,التجريب والاكتشاف. وهي تأمل من هذا الكتاب في ان يستوعب المساحة الفارغه في حقل التأمل والعمل المسرحي حيث غياب النساء الذين نادرا ما تم الاعتراف بهم كمعلمات وباحثات في المسرح.

يصقل الماء أحجاره خلال السنيين فيجعلها ناعمة خالية من النتوءات الشاذة والانكسارات الحادة,مثلها التمارين بالنسبة للممثل ,هي وحدها التي تجعل الموهبة صافية وتسمو بالأداء الفني الى اعلى المستويات.هذا ما أرادت ان توحي به جوليا فارلي في اختيارها لعنوان الكتاب.

يقع الكتاب في 256 صفحة ويظم 61 صوره ويحتوي على المقدمة وعشرة فصول.

في الفصل الاول. الخطوه الأولى تحكي عن بداياتها المسرحيه ,حيث تجري التمارين في كراجات للسيارات(مسرح تحت الارض) في ميلانو وتقديم مقاطع شعريه لبروتولد برخت ,(اسطورة الجندي الميت).عن هذه المرحله تقول ( هنا وجدت نفسي في تيار المسرح المملوء برائحة الشباب المتمرد حيث لا وجود للخطابات الفارغة )   .  .(للمشاركة في التمارين , كان لابد من التخلي عن النشاطات الرياضية رغم ان هذه النشاطات منحتني مقومات اساسيه في مهنتي للتمثيل,التزحلق على الجليد علمني التركيز وعدم التردد,كرة الطائره جعلتني أدرك أهميه الروح الجماعية في العمل والذي بدونه لا يستطيع الفريق ان يحقق اي فوز.أستاذ التربيه البدنيه علمني أن الجري لا يتوقف عند خط النهابة بل يستمر الى أبعد من ذلك ,هذا يجنبنا تخفيف السرعة عندما نعتقد أننا قريبون من الهدف).  في تأكيدها المتواصل حول اهميه التمارين بالنسبة للممثلين تقول (علينا أن نكون مسؤولين ومتهيأين للاستفادة من أقل فرصه تمنحنا الصدفه أو الحالة ,كما لو أن التمارين صيغة للعبادة العملية التطبيقية).

مسرح الاودان يدفع العاملين معه للسفر لبلدان عديدة ,الهند ,بالي الاندنوسية,المكسيك , البرازيل,ودول أوربا ,الهدف هو تعميق البحوث الذاتيه لأعضائه.  في الحديث عن أهم المسرحيين الذين أثروا في تكوينها الفني ,تذكر جوليا فارلي ماركو دوناتي في البداية في مسرح (تياترو دل دراجو) .ثم أوجينيو باربا في مسرح الاودان, لكنها تؤكد أن الشخصيات المسرحيه هم المعلمين الحقيقين بالنسبة لها.

بعض الشخصيات علمتني أن أرقص وأرتجل بكل حرية ,آخرون أجبروني على الابتسامة حتى عندما يكون القلب غير مهيأ لذالك.شخصية  جان دارك ساعدتني على أدراك كيفية متابعة موضوعين مستقلين ومتوازيين من نقطة ارتكازواحده,بينما شخصية  سيدة الرداء الابيض من مسرحية (قلعة هولستبرو) جعلتني أواجه بمفردي عرضا كاملا, في حين ان شخصية شهرزاد من مسرحية (حلم أندرسون) منحتني عدم الخوف حين اكون مغطاة الوجه.ونتيجة لتنوع تجربتها مع الشخصيات المسرحيه المتنوعة التي تعاملت معها تقول (الشخصيات المسرحية غمروني في الفضاء القاسي للعرض,حيث لا بد من الحرفيه لغرض التوصل الى نتائج عمليه ضرورية في التعلم).

يولي أوجينيو باربا ومسرح الاودان أهميه كبيره لموضوعة الجسد, ويدفع ممثليه الى تمارين قاسيه لاحتواء مفردات لغة الجسد في الاداء الدرامي . تقول فارلي (الممثله التي تفكر من خلال قدميها لها الممقدرة على أرادات جسدها المتجذره في الارض) وتقول أيضا (مع مسرح الاودان تعلمت الإنصات الى قدماي مثل الرجال المعلمين , ومع مشروع الماجدلينا أريد أن أجعلها تسير لغاية التحول الى النساء المعلمات).

في فصل دراماتورج ممثله ,تعرف لنا الدراماتورج كحاله تطابق وتوالي لأحداث على مستويات مختلفة, الجسدي المتحرك والروائي (الحواري) المثير. وهي ترى أن على الممثل أن يكون شاملا وبدون أنقسام مفتعل بين ما هو جسدي وما هو روحي في الخيال والإحساس , الانفعال والتأمل بهدف الوصول الى شمولية الحركة.

  في الفصل تحت عنوان التدريب (TRAINING) تقول ( يسألوني دائما , إلا زلت تقومين بالتدريب بعد ثلاثين عاما من العمل في مسرح الاودان ؟ ). ماذا يعني التدريب ؟ ومن يستطيع توضيح هذه الكلمة المستخدمه من قبل كل فرق المسرح في العالم؟ كيف يمكن ان نعرفها حسب ستوديو ستانسلافسكي, أو البيومكانيك  ضمن مفاهيم مييرهولد, أو تجارب المسرح المختبري عند جيرزي كروتو ويسكي ثم حسب الخبره الطويلة لمسرح أوجينيو باربا ومسرح الأودان. التعلم.. التطويع.. الاشتغال على الذات ..الاعداد..التواصل الفعال..رياضة الجسد ..التهذيب الجسدي والروحي..محاولات التكيف مع المكان..اللجوء..السباق مع الذات ومع ألآخرين هل هو كل هذه ألأشياء ’ ام أن هناك شئ آخر؟ تجيب جوليا فارلي على هذه الأسئلة (بفضل التمارين أكتشفت لغتي كممثلة,كما أكتشفت مبدأ الحضور المسرحي, تعلمت التحكم بهذا الحضور ضمن فضاء المسرح والتحرك بأنسجام)

في هذا الكتاب تعكس جوليا فارلي آفاق عشقها للمسرح الذي منحها كما تقول معرفة الذات الانسانيه ووفر لها فرصة التحرر والسمو. والكتاب مثال حقيقي لرمزية البناء في الحياة اليوميه ,للمبادره والفعل والتطور والخلق الدائم لأمراه أدركت حجم الطاقات القابله لممارسة الفعل والحركة.(من خلال المسرح شاهدت ثقافات آخرى وعرفت طاقات لنساء أخريات). تحدثنا عن قصص مثيره في لقاءاتها مع النساء الفنانات..ماريا كنيبا من تشيلي , شاهدة على موت سلفادور آلنيدي , وقبله بأيام موت بابلو نيرودا, هنا المسرح وسيلة لإنقاذ هذه اللحظات التاريخيه من النسيان, المسرح ارض للحرية. لقاء مع مسرح (يونديا) في هافانا ومؤسسته الفنانه فلورا لوتان والتي تعمل بلا كلل في تدريب ممثلين شباب ليحلوا بدل آخرون فضلوا الهجره , والتي لم تتوقف عن تقديم عروضها. لقاءات أخرى مع معلمات حقيقيات ( فيوليتا لونا ) من المكسيك وهي على رأس فرقة (اليوشا نوسترا) مادتها الاساسية في تدريس شباب الفنانين تتعلق بالجسد , وهو بالنسبة لها كتلة هائلة ومعقده وهو الذي يمنح الممثل الخصوصية والتفرد وتدفع ممثليها لتمارين مختلفة تتعلق بالحركة والطاقة الجسديه .(كريستينا كاستريليو) من الارجنتين , ممثله ومخرجه مسرحيه متفردة , تعمل كمسرحيه محترفه منذ بداية السبعينات في فرقه المسرح الحر وهي من الفرق المسرحيه المهمة في امريكا اللاتينية, في سويسرا والأرجنتين عملت في البحث عن أدوات جديدة في تطوير قابليات وأعداد الممثلين. مبدعات يقدمن للمسرح الحكمة واستمرارية التواصل ,ممثلات وكاتبات , مخرجات وعاملات في الاداره وراقصات من بلدان مختلفة وبلغات متعددة يساهمن في الجدل والنقد و دعم قيم المسرح والحياة.

 

 

free web counter