الصفحة الثقافية
الجمعة 30/11/ 2012
مهدي محمد علي
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله
قصائد من ديوان ( سر التفاحة ) *
دار بابل، الطبعة الاولى 1987(1)
مفتتح
لا تحدثني عما فعلت
ولا عن البلاد التي رايت
ولا البحار التي عبرت
ولكن قل لي :
بم تدندن حين تخلو الى نفسك؟ !
1983
منفى
الى اخي ابو وميض
تنويع على مشهد
ذات ليلة
توقف في شارع مقفر
يواجه نفسه
على زجاج احد المحلات المقفلة
المتتابعة على امتداد النظر
توقف..
من اجل ان يُسكت
الضجة التي يجرها وراءه
ضجة الاشياء التي ظل يفقدها
حدق في شخصه الاخر
تتخلله القبعات والدمى
اللوحات والدراجات الصغيرة
اشجار النخيل والانهار
بطاقات البريد
واسماء المدن
ثمة خصلة
تتدلى على جبين شخصه الاخر
ذكرته بالضجة الساكته
ضجة الاشياء التي ظل يفقدها
حدق بابتسامة مرة
لم ترتسم على وجهه الاخر
هامساً له :
( ايها الغشاش
لقد حطمت حياتي )
1983
نهار مشمس
العجوز الريفية
بعباءتها الصوف
السوداء
الحائلة
تفترش ارضية الباص
دون ان تفكر بالمقاعد !
تتلفت حولها
بابتسامة اعتذار
وهي تتمتم بصوت غامض
مرتبك وحزين
ويهتز دهرها باهتزاز الباص
....... .......
كان نهارا مشمسا في هذا المنفى
ولاينقصني شيء !
ترى كيف تموت امي العجوز ؟
وكيف يهتز دهرها الان ؟ !
1982
خريف 1980
لم تمر بي نسمة الخريف هذا العام
والاشجار لم تنفض اوراقها
واسراب الطيور المهاجرة..
لم تحلق فوق راسي
ولم امارس الاكاذيب البيضاء مع الاطفال
نسمة الخريف هناك في بيتي
هي الان مجدولة بدخان الحرب
وجع في الكعبين
كنسمة الخريف التي لم تمر
والاشجار التي لم تنفض اوراقها
واسراب الطيور التي لم تحلق فوق راسي
وكنسمة الخريف التي تدور الان في الوطن
مجدولة بدخان الحرب !
1980
طبيعة ـ متحركة ـ صامتة
اترقب خطوة عجلى ؟ !
وشعرا مثل عذق النخل
اصفر
هائما
وشجيرة جرداء
والشمس اختفت حمراء خلف البرج
وكلبا اسودا يجري
واطفالاً..؟ !
ستمضي عاجلا
وستنتهي بالكاس ليلتك الاخيرة
سترقب جنة كالنار
حشد نوافذ ارخت عليها الحرب حشد ستائر
مثل الرماد ، واوشكت تنسد بعض كوى
واخرى تختفي
ورصاصة تختار ابرأ نا
ووجها دامعا لايمّحي
وطفولة مثل الغسيل
على حبال الحرب عالقةً
وصوت حمامةٍ في الليل هائمةٍ
وثم غراب
بلا عينين يمكث صامتا في الليل
.......
ستشهد نخلة مفجوعةً !
وجداولا خرساء
.......
ستبصرُ صبية يمشون
مسكونين بالخوف الذي يتلبس الآباء
......
سترثي بلدةً ميْتا
سترثي بلدةً ميْتا
سترثي بلدةً ميْتا1982
الجندي
ايها الجندي
اسود كنت ام ابيض
على لوح الشطرنج
ام على ارض المعركة
فان مصيرك الموت !
اسود كنت ام ابيض
فليس لك إلا ان تتقدم
لتقتل ( العدو )
او ليقتلك ( العدو )
الحكام لايموتون إلا قليلا
اما انت
فدائما تموت
سواءً أكنت اسود ام ابيض
على لوح الشطرنج
ام على ارض المعركة
على دكة الجوع
ام على سرير المرض !
1982
صورة مقلوبة
ليس وطنا
ذلك البعيد
المدجج بالسلاح
والرغبات الشريرة
ذلك الساري في نومه
يجر امة من الناس
نحو الهلاك !
ليس وطنا
ذلك البعيد
الذي لا ادري كيف سابحث فيه
عما اخسره هذه الايام
أتحت انقاض الذكريات
ام تحت انقاض الحرب ؟ !
ليس وطنا
ذلك الزاعق في برّية الموت
بينما لا اريد شيئا
سوى ان اسمع حفيف ستائري
وان المس استدارة مرآتي
وان اداعب اطفال الجيران
ليس وطنا هذا المنفى
هذا القريب
الخالي من حفيف ستائري
واستدارة مرآتي
ومداعبة اطفال الجيران !1982
* القصائد منشورة حسب تسلسلها في الديوان ، وسيتابع موقع الناس نشر بقية القصائد لاحقاً