الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأثنين 2/8/ 2010

 

غزليات يحيى السماوي

صباح محسن كاظم

الشاعر الإستثنائي ..الشاعر الغزير العطاء...باذخ المفردة، السمو الروحي والاخلاقي في محراب الكلمة الصادقة، تشي روحه بعبق الجمال الذي يحمله بين حناياه ..
السماوي المسكون بحب العراق وبحب المرأة...وجع الغربة وأنينها، قساوة الطغاة، المفسدون في الارض،عبيد الدكتاتورية،..كل ذلك تجده في بوح السماوي..الذي تتشكل قصائدة بلغه باذخة بالجمال ،شاعر لايكرر نفسه ،ولايجتر بما سبقه الأولون ،فهو محط بحث دائم بمفردات غير مجوفة، وبالونات فارغة ، وتهويمات إدعائية بأنها ما بعد الحداثة..سلاسة المفردة وحلاوتها كأنك تتناول قطعا من الشكولاتة لتذوب باللسان...كلمات تلامس الروح وشغاف القلب...

في ديوانه (مِسبَحَة ٌ من خَرَزالكلمات) تتدفق المشاعر منسابة كماء يترقرق من غدير صافِ، صدق الاحاسيس،  وهواجس الاغتراب، والتعلق بتراب العراق، وجذر الارتباط كالحبل المشيمي هي الثيمة في قصائده المتوشحة بالجمال :

كل ٌ يذهب في حال سبيله :
النهر ُ نحو
البحر ِ...
الوطن ُ نحو الصيارفة ...
العصفور نحو العش ّ...
الصلوات نحو الله...
وقلبي نحوك ...


السماوي تجربة إنسانية ثرة .. من جنوب القلب سماوة النخيل والسمار وضفاف الفرات...الشاعر والاستاذ  والمكافح والسجين والشريد إكتوى بها القلب الكبير... مخاضات ..من سجن الوطن الى سجن رفحاء الى الغربة الضبابية... جعلته يبحث عن الخلاص..عن السلام...عن الحب :

لن يكون بعيدا ً اليوم الذي ينتقم فيه :
الجرحُ من السكين ...
الدموع من دخان الحرائق ...
الشجرة ُ من الفأس ِ ...
الأقدام الحافية ُ
من الأشواك ..
القيودُ من صانعيها ...
الأوطان من السماسرة ...
وظباء يقيننا
من ذئاب الظنون !
لن يكون بعيدا ً اليوم ُ الذي يتآلف ُ فيه :
الخبز ُ مع الجياع ...
العشب مع الصحارى ...
الذئب ُ مع الشاة ...
الوسنُ مع الأجفان المسهدة ...
هذا ما قرأته في كتاب عشقي
المكتوب على فمي
برحيق رضابك !

العشق الصوفي والذوبان الى حد التماهي مع الحبيبة والوطن في ثنائية بالغة الروعة ، ورومانسية حالمة باتقاد شعري طافح بالعشق الاسطوري، فالملازمة والتلاحم بين حبيبين لايمكن فصمهما مهما قست الظروف ،الهجر، البعد،الاختلاف ..فالحب للعشيق الأول ومن يتربع على عرش القلب..الوطن والحبيبة ثنائية العشق السماوي اللذيذ :

كيف الهروب منك
إذا
كنت متحدا بك
إتحادَ العطرِ بالوردة
والرايةِ بالسارية
والخضرةِ بالحقول ؟

التكثيف الشفيف بالود والتعلق الوجداني بالشوق والشدو والشجن الجميل يتوجه بقطع شعرية تتدفق المشاعر الانسانية بانثيالات مدهشة في مناغاة وجدانية مترعة بالانس لجوار الحبيبه ففي المقطع (40) في ص45 من ديوانه مسبحة من خرز الكلمات :

خطيئتك أنك دون خطيئة..
لا عيب فيك
سوى عذابي ..
كيف أملأ بالشهد صحني ..
وقارورتي بالرحيق ..
إذا كانت حدائقك
أعلنت العصيان
على نحلي ؟

وفي مقطع آخر(6 ص 73 يجعل من حبيبته هي جوهر وجوده التي لأجلها يحيا ..فلطالما الشعراء العرب تغنوا بمعشوقاتهم على هذا النحو من المعلقات الى نصوص الومضة،فالمرأة ملهمة الاحاسيس المتوهجة بالدفء والحنان والحنو والرقة :

أنا وطن..
فكوني العاصمة..
أنا سارية..فكوني العلم..
أنا سؤال..
فكوني الجواب ..
بهديلك يغدو سريري شجرة
مثقلة الاغصان
بعناقيد القبلات..
هديلك يزيل الغبار عن حنجرتي ..
وحده صمتك
يجعل حروفي صديئة !

سادن الحب والناسك في محراب عشقه السماوي يشهق كشاب متيم بفردوسه الاول فهو يصبو لنيل مساحة للهوى في قلب من يهواها .. ثمل ومنتش ٍ وحالم بمن يمنحها قلبه معمدة بالصفاء كندى الغبش وخيط الفجر.. تنوعت تجربته الشعرية بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر وفازت دواوينه بعدة مسابقات شعرية ..وكتب المبدع يحيى السماوي بجميع الاغراض الشعرية في الكفاح والثورة ونبذ الطغاة وحب العراق ، وفي الرثاء في قمة إبداعه الشعري في ديوان شاهدة قبر من رخام الكلمات المهداة الى والدته..

مجدا لك أيها الالق الشعري والعراقي النبيل .



 

free web counter