الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 25/12/ 2011

 

الفنان فاروق فائق عمر ... رسالة مبدع حقيقي

فاضل ناصر كركوكلي

بعيداً عن إشكاليات وهموم المبدع الحالي في عراقنا المحكوم بسلطة الإلغاء لأي وظيفة خلاّقة تعيدُ للإنسان حوارَه مع ذاته الأصيلة ، يستمرُ الفنان ( فاروق فائق عمر ) بإصرار إستثنائي الى تقصّي حالات الدمار والإنتكاسة التي خلفتها حروُبنا الداخلية في العراق تمهيدا ً لإنجاز أقصى حالات ترميم الروح القلقة والمنهارة في عالم ِ الخراب الذي لازلنا نعيشه ولازالت تعايشنا أهوالـُه في الكوابيس ِ وأضغاث ِ الأحلام ...!!

فنان تركماني وعراقي أصيل ... . لازال يتاخم ُ أصداءَ النفوس النقيّة في أزقة محلة (بگلر) التي إستنشق فيها عبق َ التأريخ وليدا َ ثم شابا ً ، وهو الآن ينصهر ُ من الاعماق في تلك التضاريس المعمارية المسكونة بإنثيالات الشموس الشرقية ليعكس لنا كلَّ إبتهالات العشق للأرض والإنسان في كلِّ معارضه الشخصية والمشتركة حتى قبل إستكمال دراسته للفن عام ( 1977 ) وإكتسابه خبرة الابحار بعيدا ً في أغوار فضاءات اللون والخطوط المتألقة بالنور والضياء وبمساحات الوجد على أيدي فنانين أساتذة تركوا بصماتهم الخاصة في التشكيل العراقي من أمثال المرحوم ( شاكر حسن آلسعيد ) والفنان ( محمد علي شاكر ) والفنان ( محمد عارف ) والفنان ( خضير شكرچي ) وآخرون .. بالإضافة الى الاستغراق في بحثه الشخصي الخاص من خلال الإطلاع المستمر والتجريب الدائب وأرتياد المعارض والمحاضرات الفنيّة و إقامة التجمعات الابداعية العديدة مع أصدقائه الفنانين ناهيك عن كتابته الجادة للبحوث والدراسات الفنية عن خصوصية الفن الرافديني والفن التركي في الصحف والدوريات ...

لقد أنجز هذا الفنان المتميز إقامة (16) معرضا ً شخصيا ً و مشتركا ً مع الفنانين من أمثال ( عباس شكرچي ) و(نجاة واحد سعد الله) و ( سعاد ستار ) و ( حسن مردان ) و (مدحت محمد علي) وآخرون في كركوك وفي مختلف المدن العراقية ، كما أقام (15) معرضا ً شخصيا ً خلال إقامته في السويد و (27) معرضا ً مشتركا ً مع الفنانين العراقيين و السويديين و الأجانب في المملكة السويدية إضافة الى إشتراكه في معرضين مهمين أولهما في ( تونس ) عام ( 2000 ) حيث نال الميدالية الذهبية و دبلوم من لجنة التحكيم الفرنسية الدولي في معرض The plastical Art 13-th ، مع إشتراكه في المعرض الدولي للفنون في كوسمو پوليتان ( نيويورك ) الولايات المتحدة في عام (1991) ... وهو مع دراسته في المعهد الفنون الجميلة في بغداد لمدة خمس سنوات
( 1972- 1977 ) نال شهادة الدبلوم و شهادة الفنون المختلطة (الرسم – الخزف – النحت على الخشب – في كركوك عام – 1979 ) و شهادة فنون الطباعة في السويد عام
( 1989 ) و شهادة السيراميك في المدرسة العليا في السويد – ( كارلسكو گا ) عام
( 1985- 1987 ) وصناعة الفخار من مدينة ( ليدشو پينك ) السويدية عام (1996 ) ...
إن الفنان ( فاروق فائق عمر ) بعد كل هذه الأعمال الرائعة لازال مواظبا ً في تعريف بلده في المحافل الفنية وعكس ميراث وطنه الذي تعرضَ فيه الى أهوال الاعتقالات العديدة و المنافي القسرية في شعاب الجبال هربا ً من القمع و التدجين و حفاظا ً على إبداعه الحر الذي تشهد ُ عليه الآن السماءُ الأجنبية والأرصفة الغريبة عن مدينته كركوك التي لم يشهد ُ الفنان من مثقفيها و فنانيها و ساستها كلمة شكر مقتضبة بحق إنجازاته المفخرة في كل المقاييس الفنية والاعتبارية والأخلاقية ...
لقد كنتُ شاهدا ً ، بحرقة أليمة لوضعنا الثقافي المزري في خارج الوطن ، حين إحتفى الفنانون الاجانب بالفنان (فاروق فائق) في نهاية الشهر الخامس من عامنا الحالي حيث لم يحضر ولا تركماني واحد لهذه الإحتفالية بالرغم من الحشد الأجنبي الذي أحتضن هذا الاحتفاء والسبب ، كما قال أحد الأخوة ، بأن السويديين لا يعرفون طبخة الپاچة و الدولمة و الهريسة ولا يتقنون لغة َ النمائم و نبش المستور و التشهير بالبعض كما تتقنها جماعتـُنا بإمتياز تحسده عليه كافة ُ القوميات و المذاهب والأديان في العراق ..!!!
لقد قام الفنان ( فاروق فائق عمر ) بايصال كلمته أمام الحشد الفني السويدي مختزلا ً خلاصة َ نظرته للحياة ، وهذه ترجمتها ..
:- ( الانسان ليس بجزيرة منعزلة عن العالم ، ربما هناك برازخ ضيقة و شواطيء قريبة يمكن منها الاتصال مع الآخرين مهما كان البحر ُ هائجا ً ، لأن هناك دوما ً محاولات و تواصل ...

سيداتي سادتي ..
إسمحوا لي بأن أنطق َ بلسان الفن و الثقافة المترامية لأعبر لكم عن إمتناني و إعتزازي و إبتهاجي لوجودي بينكم في هذا المعرض الفني الحافل حيث تتوحّد ُ فيه جهودُنا لتقديم أعمالنا الفنية مشاركين بالتواجد الانساني في هذا المهرجان الرائع ...

إننا على تباين آرائنا الفنية و مواقفنا المتعددة قد نتفق معا ً أو نختلف في هذا المشروع الفني الهام ، ولكن إيمان ً منـّا بضرورة المشاركة والإندماج والإنسجام الفني نرى بأننا مجمعون على تقديم عطائـَنا الفكري و تواصلنا الفني المعبّر لكي نرسّخ ُ معا ً أساليبا ً و تقاليدا ً و رؤىً فنيّة و ثقافية و حضارية تصب ّ كلها في هذا اليوم الى نتائج مثمرة مليئة بالمحبة و التقارب الانساني لنحدد معا ً مسارنا المظفر في عالم مليء بالإضطراب و التخبط و الحروب والأوجاع حتى تظهر لنا هويتـُنا الانسانية الواضحة في وجه الرياح العاتيات في عصر ٍ نجد ُ فيه الحاضر أصبح الأشق على الفهم والأشد إحراقا ً للأعصاب و هدرا ً للقيم الإنسانية .. لنرفع رأسنا عاليا و نمضي قدما ً ...)
هذه هي كلمات الفنان ( فاروق فائق ) في تلك الأمسية الاحتفالية .. كلمات نابعة من بساطة شخصيته الفنية و عمقها البعيد الغور في وجه ( الرياح العاتيات ) التي تنتهك كرامة َ الإنسان المبدع في عصرنا و الذي خاض فنانـُنا غمار مصائبه طوال عقود من التواصل الفني بأدق تفاصيلها الجائرة بحقه و حق جميع الفنانين و المثقفين العراقيين الأصلاء عاقدا ً العزم بعكس آلام البشر في كل لوحاته و إنجازاته الفنية و ( الشعرية ) التي يدين ُ لها الفضل الى الأستاذ و المربي الكبير الأديب المرحوم ( قحطان الهرمزي ) الذي يتذكره الفنان دوما ً مثالا ً للتواضع و البساطة و العمق ...

تحية من القلب للصديق ( فاروق فائق ) فنانا ً و إنسانا ً ..!!



گوتنبورغ / السويد

 

free web counter