الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الجمعة 24/10/ 2008



" دمي محطات وظل "
وهذيان قاسم مطرود

سعاد درير

مرة أخرى نمر على خيمة أخرى من خيام قاسم مطرود، لربط جسور الحوار والتواصل مع هذا الرجل – رجل القبيلة.. حوار يتملص من صخب الصوت.. ويكتفي بمعانقة لغة الصمت.

والحق أن الحديث عن تجربة قاسم مطرود، في الكتابة والاغتراب معا، ينساب كالشلال، عل الحديث يذيب ثلوج الغربة التي تكدست على ظهر المبدع.. هو حديث يسعى إلينا ولا نسعى إليه.. ولذلك يتدفق كينبوع قصيدة.. والقصيدة لا نختار لها موعدا ولا مكان لقاء.. هي تحل متى تشاء.. وأنى تشاء.. أيا كان الزمن.. وأيا كان المكان.. ولذلك إما أن نؤرخ حروفها بحبر العناق.. وإما أن تنفلت وتذوب في الفراغ .

توثيق عبور نص قاسم مطرود "دمي محطات وظل" محاولة لاصطياد حروف المعنى..محاولة لا تقبل التأجيل.. كالقصيدة

حاء ميم
وأنا أقرأ السطور الأولى من نص قاسم مطرود" دمي محطات وظل" وقفت مليا عند فكرة تجسيده للحلم . يقول في التنويه الذي استهل به نصه :

بين سيجموند فرويد في كتابه " تفسير الأحلام"كيف أن اللغة في الحلم تتحول إلى صور، ويمكن آنئذ قراءتها كما نقرأ الكتابة الصورية. وما حدث هو أني حلمت ب"مسرحية" كانت مجسدة أمامي صوريا، وما أن استيقظت شرعت بتدوين هذه الصور وتحويلها إلى كلمات، وهذا أقصى ما أستطيع الوصول إليه. ولأن وظيفة المسرح أن يحول الكلمات إلى صور حية نابضة تقرأ كما الكتابة الصورية ، حسب النص الفرويدي، أيعني هذا بأني سأشاهد ذات يوم تجسيد الحلم كما نسجه عقلي الباطن لاغيا المراحل التي مر بها في اليقظة والزمن المتحول .

فالصور التي جسدها قاسم بالحرف قد باغتته في الحلم.. ههنا تذكرت صبيحة عتيقة استيقظت فيها وأنا لا أكاد أطيق نفسي، لأني ببساطة لم أستطع القبض على اللقطات التي جمعتني - في الحلم – مع نجمة من كبار نجوم السينما المصرية.. علما أن لا علاقة متينة لي بالسينما.. والشيء نفسه يقال عن استغرابي إبان استيقاظي ذات يوم؛ إذ ما فتحت عيني حتى أدركت أني أغلقت للتو نافذة على شريط طويل كان بطله فنانا عراقيا ذائع الصيت.. علما أن هذا الفنان على – حد معلوماتي – لا علاقة له بالسينما.. لا من قريب ولا من بعيد.. لذلك فالأرجح أن يكون ما شاهدته من لقطات متعلقا بحياة هذا الفنان كإنسان لا كسينمائي، وإن كانت اللقطات في حقيقتها حلما قاسيا بالمفهوم الأرسطي( نسبة إلى المسرحي الفرنسي أنطونان أرطو ) .

أصوغ كل هذه العبارات لأؤكد شيئا واحدا فقط ، هو أني لا أحتفظ من الحلمين بأكثر من سديم وفقاعات ذهنية ..أماالتذكر فلا يسعفني إلا لماما .. مما يؤكد أن تجسيد قاسم مطرود لنص الحلم ، الذي راوده على شكل صور (مطاردة المنفلت واقتناص الزئبقي) ، من الصعوبة بمكان إن لم يكن من المستحيل .. وإلا لسهل على كل إنسان أن يكتب عشرات السيناريوهات والمسرحيات .. مؤرخا ظلال أحلامه وهذياناته .

غين تاء
في هذا النص أيضا يعرض قاسم مطرود فصولا من كتاب الغربة .. وهو يحكي كيف يحلق - حين يعز البقاء - كما تحلق طيور الغربة التي تحترف الشجا .. معربا عن تورمات الروح المغتربة التواقة إلى نفض غبار الوحشة عن الذات ونفض غبار القسوة عن المحيط والارتماء بين أحضان الوطن .

لكن هل سينجح قاسم هذه المرة في العثور على عربة تحتويه ؟!
عربة تلتهم المسافات ..
لتلقي به في ساحة العراق كما يحلم به ..
أم تراها تلقي به في ساحة العراك ؟!

لا هذا ولا ذاك.. لأن العربة أصلا لم تصل إلا في آخر لحظة ليقدم له سائقها
جواب اعتذار.. ويظل قاسم وأشباهه شموعا تتصبب دموعا لاذعة.. وتحترق لإضاءة ليل المنفى.. والليل موال طويل .

دال ميم
ينفتح النص على عنوان غامض يعمد إلى التمويه كغيره من عناوين نصوص قاسم مطرود ، ويفتح نافذة للتساؤل حول موضوع المسرحية . إلا أن ما يميز هذا العنوان هو حجم الحمولة الدلالية الإنسانية التي يختزنها في رحمه وانثيالات الروح الهائمة التي تسكن هذا العنوان " دمي محطات وظل " نص عنوان ينفتح على إمكانيات عديدة لتلقيه ، ينفتح على أكثر من معنى .. معان تتعاقب بتعاقب زمن القراءة . هو عنوان يحتاج من القارئ ملء بياضاته وفراغاته المسؤولة بشكل أساسي عن الإمساك بتلابيب المعنى – المعاني . وأقرب طريق إلى قلب المعنى هو اشتغال السؤال .

يظلل النص المسرحي عنوان مثير يمثل خزانا لتوليد الأسئلة :

لمن هذا الدم ؟
أهو دم قاسم مطرود ؟!
ما يكون هذا الدم ؟
أهو الدم الأحمر القاني ..
الذي يسري في الشرايين ؟!
وإذا كان كذلك فعلا فهل يكون قاسم مطرود الجسد والشريان
الذي يجري فيه هذا الدم ..
أم يكون قاسم القلب الذي يضخ هذا الدم في شرايين جسد آخر ؟
أهو دم المروءة ..
أم هو إشارة وامضة إلى ضغط الدم الذي ربما أصيب به قاسم مطرود
من جراء ما تلاحق عليه
من انكسارات وخيبات ومحاولات عودة باءت بالفشل ؟.. إلخ .

الحقيقة أن دوال العنوان تستوعب من المدلولات ما يختلف من قارئ إلى آخر .. غير أن الأسئلة لا تكف عن التساقط . ونقف عند الدال الثالث لنتساءل :

ما يكون الظل إذا لم يكن ظل " السائق" ؟
أهو ظل الأمل الكاذب ؟
الحلم المؤجل ؟
أم ظل الوطن البعيد ؟

ثم نعود إلى الدال الثاني :

هل نفهم من حضور هذا الدال أن الدم
( دم من ؟! )
موزع على محطات الانتظار ؟
وهل يمكن أن تحيل هذه المحطات
على
مدن الغربة ..
مدن التيه ..
مدن الملح ..
.. ؟
وإلى متى
يظل قاسم يلعق ملح الغربة ؟

صاد تاء
مؤكد أن تأثير الغربة والبعد ألقى بظلاله على ملامح قاسم مطرود كما يبدو انطلاقا من الصور المرافقة لما يكتبه أو يكتب عنه.. وإلا من أين لباحة وجهه بكل ظلال الحزن تلك.. الحزن الرابض في السحنة العربية .. ويشتد تعبير لوحة الوجه عن الحزن حين ينعكس عليها لون الحزن الماثل في الزي الأسود الذي انتقاه الكاتب لنفسه في بعض صوره المرافقة لما يكتبه أو يكتب عنه.. مما قد ينعكس سلبا على القارئ الذي هو معرض للتلون باللون نفسه الذي تحدده الحالة الانفعالية التي يبوح بها تعبير الوجه .

وهو أمر مطروح في تصورات الباحثين في علم النفس ، لذلك غالبا ما ينصحون الشخص الحزين بالتحديق في صور المجلات التي ترسم وجوها باسمة ، حتى ينعكس أثر البسمة على نفسية المتأمل وبذلك يتخلص تدريجيا من حالة الحزن . ولا شك في أن الحزن حين يتجاوز فترة معينة يعجل بظهور علامات الاكتئاب، والاكتئاب حالات وحالات .

ولا يخفى على القارئ أن صورة غلاف الكتاب وصورة الكاتب على ظهر الغلاف علامات لا تقل شأنا عن عنوان الكتابة وتاريخ كتابتها وتقسيماتها المشهدية وما يسبق نص الكتابة من نصوص موازية ، أو يحيط بها ، كصيغة الإهداء والمقدمة والاستهلال وهلم نصا .. وكلها مداخل قراءاتية تساعد على الدنو من عوالم الكاتب والكتابة .

لذلك كله يجد القارئ نفسه مدعوا إلى تحليل صورة الكاتب كما يتم تحليل الملصق الإشهاري مثلا ، مما يمده بمجموعة من الدلالات والأبعاد التي تلقي بظلالها على المكتوب . وبالتأكيد يتجدد معنى الصورة بتجدد لحظات القراءة . وهناك اختلاف كبير جدا بين استنتاجات القارئ الذي تكتسح الصورة أفق توقعه وبين استنتاجات القارئ الذي لا دراية له بشكل صورة الكاتب وتعبيراتها . ولعل هذا داع من دواعي حرص الناشرين على إرفاق صورة الكاتب مع الكتابة . إن الصور تضفي على الكتابة جمالية خاصة ، وتفتح باب التأويل على مصراعيه ، وتغني جانب الإيحاء .

دال ميم
أعود إلى دم قاسم مطرود :
يأخذ هذا الدم صورة الدال ، بينما المحطات والظل يأخذان صورة المدلول .
المكون الأول من المدلول جمع ( محطات ) ، بينما المكون الثاني مفرد ( ظل ) .

دمي = دم احتراق الأعصاب.
دمي محطات = في كل محطة قطرة دم شاهدة على مسار ألذات ( قاسم مطرود ) من انكسارات وانتظارات .
دمي ظل = دم قاسم " ظل " يلطخ صفحة الذاكرة .

غير بعيد عن دم قاسم مطرود يتراءى جسده على مرمى نفس . هذا ما يوحي به العنوان التوأم ؛ ونتساءل إذا كان بين العنوانين جسر !

دمي محطات وظل
جسدي مدن وخرائط

نشير بداية إلى أننا نحاول عقد مقارنة بين عنوان نص مقروء وعنوان نص آخر مازال في علم الغيب . بمعنى أن قراءة العنوان الأول تأخذ بعين الاعتبار علاقته بنص المتن ، ولو من بعيد ، خلافا لقراءة العنوان الثاني . والحقيقة أن القراءتين معا لا تخلوان من اجتهادات وتخمينات وفرضيات تستقي مادتها من مجموع ما قرأنا للكاتب أو عنه .

يحتفظ العنوانان بالصيغة التركيبية نفسها :
في كل تركيبة ثلاث مكونات لغوية .
المكون الأول دال : " دمي " – " جسدي " .
المكونان الثاني والثالث مدلول : " محطات وظل " – " مدن وخرائط " .
ويظل وجه الاختلاف الوحيد هو المكون الثالث في العنوانين ، إذ جاء في العنوان الأول مفردا ( ظل ) ، بينما جاء في العنوان الثاني جمعا ( خرائط ) .

التشابه الكبير بين العنوانين محرك لأسئلة أخرى :

كيف يكون الدم محطات ؟!
وكيف يكون ظلا ؟!

كيف يكون الجسد مدنا ؟!
وكيف يكون خرائط ؟!

حين نقول إن الدم محطات :
ربما نعني ضمنيا ما فيه من إشارة إلى التضحية ، لأن حبل التضحية عند ذوي المروءة لا ينقطع أبدا .. وتتوزع التضحية على محطات الحياة .

حين نقول إن الدم ظل :

هل يعني ذلك أنه ظل إنسان ؟
هل يعني ظل حياة ؟
لا ندري دائما .

جيم دال
البنينة نفسها التي يتخذها العنوان الأول يتخذها العنوان الآخر الذي يمثل خط التوازي . وأول ما يتبادر إلى أذهاننا ونحن نتأمل العنوان الثاني هو ارتباط الجسد بالعنف :

"جسدي خرائط"

كأن في هذا الربط بين الجسد والخريطة إحالة على التعنيف والترهيب .. بمعنى أن الجسد يمثل خريطة بقدر ما يخضع له من تعذيب وجلد ..

لكن من يكون الجلاد ؟!

ليس من الضروري أن يكون الجلاد إنسانا . صحيح أن الجلد يرسم على الجسد خرائط ويحفر آبارا.. لكن لا ننسى أن الدهر سيد الجلادين . ولا أشد إيذاء بالجسد من قهر الزمن .

الهم أيضا يهدم الجسد.. الهم والحزن والسهر .. وليل الغربة مقام السهر. وكما يطبع الهم الجسد يحفر فيه أيضا وديانا وأخاديد من التجاعيد ..

أليست التجاعيد وديانا وتضاريس ؟!

ولا يختلف اثنان في أن التضاريس مادة الخرائط .

ولا يليق في هذا المقام أن نتحدث عن الخرائط بوصفها البديل أو المعادل لتضاريس جسد المرأة ، لسبب واحد هو أننا نعلم من تكون ألذات الكاتبة .. ونعلم أن هامش الإبداع لديها يضيق بشجون الحبيبة الأرض محققا نوعا من التسامي والترفع عن أن يملأه قاسم بتفاصيل تافهة وسطحية .

أما وصف الجسد بأنه مدن ، فهذا قريب من وصفه بالخرائط .. لأن الخرائط أصلا وضعت للفصل بين المدن والمناطق وتحديد الخطوط الفاصلة .. وكلاهما ينفتح على التواءات وتعرجات أقرب إلى شروخ الذاكرة .

لكن
هل تكون
المدن حقيقة مدن الوطن ؟!

هذا احتمال آخر .

دون أن ننأى عن نص العنوان الأول نعود إلى التساؤل :

ما سر اختيار
قاسم مطرود
لعنوانين
لا فرق بينهما في التركيبة ولا في الإيحاءات ؟

ربما يكون أحد النصين مكملا للآخر تبعا لأسبقية أحدهما عن الآخر . وهذا ما يحدده تاريخ إنهاء الكتابة . وحتى إذا لم يدون قاسم مطرود تاريخ الكتابة في كل نص مؤكد أنه يحتفظ به في مسوداته وفي ذاكرته ، وهو أدرى بصحة هذا التخمين .

لهذا قلنا ربما يكون النصان"دمي محطات وظل"و"جسدي مدن وخرائط"حلقتين متشابكتين تكملان بعضهما ، إن لم يكن مجموع نصوص قاسم مطرود مشروعا مسرحيا ضخما يتخذ من الغربة والرحيل تيمة رئيسية . ولا حسم في هذه المسألة ما لم نقرأ مجموع كتابات قاسم مطرود .

وحتى نطوي ملف العنوان نسجل آخر ملاحظة، وهي أن العنوانين معا إلى جانب عنوان ثالث مررنا عليه في قراءة سابقة محط سؤال آخر نثبته بعد إثبات العناوين الثلاثة :


" دمي محطات وظل "
" جسدي مدن وخرائط "
" معكم انتصفت أزمنتي "

لم حضور ياء النسبة
في
العناوين الثلاثة ؟

دم ----------------------------------ي
جسد --------------------------------ي
أزمنت ------------------------------ي

وهل يعني حضور هذه" الياء " تأكيدا لاستمرار حضور ألذات الكاتبة كذات فاعلة في الأحداث ..
ذات تؤرخ سنوات انكسارها ؟

وإلى جانب هذا فإن اتصال" الدم" و" الجسد " بالياء التي تعود على الكاتب قاسم مطرود فيه إيحاء بعظمة الخطب وإحالة على مصاب جلل .


دم + جسد = قاسم مطرود

لا دم بدون جسد
ولا جسد بدون دم .

هذا من جهة . ومن جهة أخرى :

الخرائط أيضا ظلال ..
والظل قد يكون خريطة .

المدن أيضا محطات ..
والمحطة قد تكون مدينة .

آخر المطاف أتصور أن ياء النسبة تطرح احتمال أن تكون النصوص الثلاثة تحكي سيرة ألذات ؛ صحيح أن ألذات الكاتبة تحضر في كل نص - من قريب أو من بعيد – إلا أن ياء النسبة في النصوص الثلاثة بصفة خاصة تضفي على النصوص – هذه- طابع الكتابة السير ذاتية .

شين تاء
تتحدث بلسان الكاتب في نص " دمي محطات وظل " ثلاث شخصيات :

1- الرجل
2- المرأة
3 - السائق

وإن كان عبور النص يؤكد أن الرجل والمرأة يستحوذان على الحضور .

إذن : لم كل هذا الحضور للرجل والمرأة ؟

مع أن قاسما يبسط على خشبة المسرح ثلاث شخصيات ، فإن شخصية السائق رغم أهميتها ، دراميا ، تكاد تسقط عن النص من حيث الحضور الشاخص على الخشبة ، وإلا ما مسوغ أن يسقطها قاسم من كتابته الإخراجية حين اقترح إمكانية أن يشخص الرجل والمرأة، بالتناوب، باقي الشخصيات المتخيلة، وتجاوز اقتراح تجسيد السائق لبعض هذه الشخصيات ؟

في الحقيقة لا ندري إن كان الكاتب قد تجاوز عمدا أو سهوا اقتراح تنويع اللون التعبيري استنادا إلى الممثل المشخص لدور السائق .

ولحكمة يعلمها الله يكتفي هذا القاسم بترشيح الرجل والمرأة لأدوار باقي الشخصيات، مضخما افتراضات القارئ بأنه في حضرة الرجل الذي.. والمرأة التي.. وعلى هذا الأساس لا يجد حرجا في أن يتقمص الرجل الشخصيات التي تتبادل الكلام مع المرأة وأن تتقمص المرأة الشخصيات التي تتبادل مقاطع كلامية مع الرجل في مشاهد الاسترجاع ( فلاش باك ) .

ومهما يكن من أمر في قضية الشخصيات المرشحة لمضاعفة حظوظ التشخيص فإن المؤكد هو أن قاسما يفسح المجال للتلوين الجسدي والصوتي(تطويع الصوت والجسد ليتلاءما مع أكثر من دور)، من خلال إمكانية أداء الرجل( ثم المرأة لاحقا)لما تبقى من شخصيات، رجالية كانت أم نسائية (الأب، الجدة، الطبيب)لا يهم . ويؤدي هذا كله إلى نتيجة واحدة مفادها أن قاسما يكتب النص بعين المخرج ويضع في الحسبان التصور الإخراجي والسينوغرافي .

راء لام
عودة إلى لائحة الشخصيات الفاعلة في النص (الرجل ، المرأة ، السائق ) يثير اسم الشخصية الأولى انتباهنا :

" الرجل "

وهي شخصية تحضر في معظم نصوص قاسم مطرود ، وربما عبأها صاحبها بدلالات الشهادة والترقب ، فتصبح ، بهذا المفهوم ، شاهدة على ما وقع ومترقبة لما سيقع .

تتفاوت شخصيات " دمي محطات وظل " في الغياب والغيبوبة . إنها شخصيات تحترف النأي .. تسافر في الغياب .. وتتعطل فيها لغة الحياة .. بل هي تقف على هامش الحياة : مؤخرة قدما ههنا ، ومقدمة القدم الأخرى التي تستعد للخطو إلى اللاهنا غير أنها ما فتئت تترقب إشعارا بالتنفيذ ، تسمرت في مكانها والعين ترنو إلى الأفق الذي يلوح ولا يلوح .

ميم تاء
يتزامن حضور الرجل على الخشبة مع حضور المرأة . ههنا نفتح قوسا للتساؤل :

ما محل المرأة من حياة الرجل ؟

وإذا سلمنا بأن الرجل ذاته قاسم مطرود :

ما محل المرأة من الإعراب ؟
ما مكانها من حياة قاسم ؟

إذن ثمة امرأة تقاسم قاسما الحلم . وحين نجد شخصيتين من جنسين مختلفين في موقف انتظار فإن هذا يعني أن ثمة أملا على الأقل .. ثمة من يتقاسم مع ألذات المغتربة الوقوف والكلام والحياة ( لم لا ؟ ).. حياة الانتظار : حياة مع وقف التنفيذ .

في النص الذي مررنا عليه سابقا "معكم انتصفت أزمنتي" وجدنا قاسما وحده في محطة الانتظار .. ولا ظل لامرأة من طينته .. أما المرأة التي ارتبط بها لفترة وسرعان ما انفصل عنها أو انفصلت عنه رغم الخيط الرفيع ( الولد ) فلا تعدو كونها جواز سفر إلى جزر الحضارة الخالدات، حيث تقدم الحياة على طبق من فضة، لولا الحنين إلى حبل المشيمة المتصل بالوطن .. الإحساس بالغربة الذي يوسع الهوة بين قدمي قاسم والجذور ..

في نص " دمي محطات وظل " يلقي القدر أو الصدفة في طريق قاسم امرأة : امرأة من طينته :

فمن تكون هذه المرأة التي قاسمت قاسما الحلم ؟

هل تكون هي الأخرى جسدا مثقلا بالهم والأسى ..ألقى به بحر الظروف في شاطئ الغربة والحنين ؟!

لا ندري ..لكن لم لا نفتح ههنا قوسا آخر للتساؤل :

ما نصيب المرأة العراقية من الرحيل والغربة ؟

وهل رحل قاسم وأمثاله وحدهم أم حملوا معهم ظلال نساء من طينتهم ؟

وهل تسعف بنت البلد في تخفيف لوعة البعد ؟

وهل يكون الظل في العنوان معادلا موضوعيا للمرأة العراقية في حياة قاسم مطرود .. علما أن المغترب يركن غالبا إلى ظل امرأة تحمل جنسية البلد المستضيف ؟
.. إلخ.

لا ندري أيضا ..

كل ما هو مؤكد صدق قصة الحب بين قاسم والأرض.

واو نون
الحب الملتهب الذي يجمع قاسما بالأرض.. حب يستنفذ الدمع والدم ونحن في هذا الزمن الأزرق الذي يتنازل فيه المرء بسهولة حتى عن قرة العين نظير جرافة تسمى المادة.. المادة التي مكننت القلب ومناطق الإحساس ( مكننة = تألية ) ، وسخرت من مفهوم الحب والتضحية .

أين قاسم من عبدة المادة الذين سلبهم حب التمرغ في رمال الحضارة الغربية عاطفتهم تجاه الأرض والجذور؟

أين هو من دعاة
" سعادة المرء في نسيان الماضي " ؟

مؤكد أن تمسك قاسم بحبال الأرض الذائبة وحنينه الجارف إلى ترابها دليل قاطع على أنه الابن البار بذاك الوطن الذي يظل يحلم بالتمرغ في ترابه تيمنا وشوقا..رغم أن ظروف ذاك الوطن لم تتمكن من احتواء قاسم ومنعه من الرحيل ..

ويظل قاسم يبوح في كتاباته بسر الحب الدفين الذي تملكه.. وما أجدى الترحال في محوه ونسيانه أو تناسيه على الأقل. ولا نملك في هذا المقام إلا أن نستحضر البيتين الشهيرين لأبي تمام، لنؤكد مدى تشبث المبدع العربي بجذور الأرض التي شهدت صرخته الأولى وحط عليها هو أول قدم :

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبدا لأول منزل

لهذا يمثل قاسم وأمثاله نماذج استثنائية تضخ دم المواطنة والعروبة في الشرايين .

إنه الحب الذي لا يموت .. والحب كالسعال لا تستطيع إخفاءه .. الحب الذي يجعله يبلل حروفه بماء الحكمة .. والحكمة خلاصة عقل يتأمل وقلب يتألم ..

لكن أليس غريبا أن يفوق حنين قاسم إلى أرض الوطن حنين المحب إلى حبيبة من لحم ودم ؟!

الوطن عند قاسم مطرود توأم الروح .

عين فاء
من يكن كل هذا الحب للوطن وللمرأة – الأم ..
كيف تكون عاطفته تجاه المرأة – الصاحبة ؟!
كيف تكون عاطفته تجاه المرأة – البنت ( الخلف ) ؟!

مؤكد أن من يحظين بكل هذا الحب هن من المحظوظات

ألا يبدو قاسم رجلا لا لهذا الزمن ؟!

حقا يبدو رجلا خارج التصنيف.. يقيم خارج المكان والزمن.. يقيم طقوسه الخاصة وحيدا.. لكنها ليست طقوسا وحشية بالتأكيد ..

جميل أن يتحلى قاسم بهذه العاطفة العاصفة وكل العواطف .. لكن كثيرا ما يقول المرء لنفسه : هذا الإحساس ضعف .. هذا الإحساس بالحاجة إلى الآخر .. بالحنين إلى الهناك .. إحساس قاتل ينم عن ضعف (بلغة المتحجرين) .. والضعيف لا مكان له في هذا الزمن الغابة .. الزمن الذي يحجر القلوب ويجمد دم الإنسانية في العروق ..

سيف قاف
لم يمنح الكاتب شخصية السائق – ركحيا – اهتماما ذا بال ، بحكم أنها تمثل صورة الأمل الكاذب أو الحلم المؤجل في عيني شخصيتين أغصهما الشجا ولفحهما حرالانتظار .. وهذا ما يفهم من أول كلام يفتتح به الكاتب المشهد الرئيسي :

المرأة + الرجل :( في نفس الوقت ) هل تنتظر ..
الرجل : أجل السائق ، وأنت
المرأة : السائق أيضا

وهو ما نستشفه أيضا عند حلول السائق الذي بشرهما بطلب التأجيل : تأجيل قرار العودة إلى أجل غير مسمى

أليس هذا ما يفهم من توجه السائق بشكواه إلى جمهور المغتربين المفترض؟:

والحق أن توجه السائق إلى الجمهور بكلمته - هذه - رغم قصرها يترك وقعا خاصا على من تتوجه إليهم رسالته .

هذا أقصى ما يسقط على أسماع الجمهور من المتفرجين ، أو يشاكس على الأقل حاسة الجمهور من القراء وإحساسه .. وبهذا يكون السائق قد أعلن استحالة العودة . ولهذا كله يمكن أن نعطي لهذا السائق اسم العربة .. هذه العربة التي تسمى الحياة .. والحياة كلها بالنسبة لقاسم مطرود هناك في العراق .. فكل شيء يولد هناك ويموت هناك - على حد تعبير قاسم – مما يعني بالنسبة لقاسم دائما أن شجرة الحياة مغروسة في أرض العراق وحدها ، وخارج العراق لا حياة ..

فهل يعني هذا أن قاسما الآن ،
كما يصلنا نبضه من سماء المنفى ،
إنسان ميت ؟!

إذا كان هبوب الموت يحتم فسخ الشراكة بين الروح والجسد فإن هذا الفسخ في تصوري قد تم منذ زمن طويل في حالة قاسم ، وتحديدا منذ شد جثته إلى أشرعة الريح .. ريح الرحيل ، وألقى بجسده في يم الغربة ، بينما الروح والقلب ظلا عالقين بغصن متجذر في أرض الوطن .. غصن لم تنجح ريح الذبول في اقتلاعه بعد .

وأعود إلى شخصية السائق لأقول إنها قد تمثل خيط الوصال الرابط بين الورقة ( قاسم ) التي تتلاعب بها الريح (كما يتلاعب الانتظار بأعصاب قاسم ) وبين الجذور الضاربة في العمق ( الوطن ) .

لكن .. فاض كأس الصبر ... واندلق ..
وما من بشارة يبرر بها " غودو " ( السائق ) غيابه الطويل ..ليظل حلم لقاء العراق حلما مؤجلا على طول الخط .

فاء همزة
يدعونا قاسم مطرود إلى عبور خشبة فارغة نؤثثها بمعرفتنا وعلى ذوقنا ، ذلك بأن الكاتب ترك للمخرج حرية الاختيار : اختيار المؤثثات ، وترك للقارئ حرية التصور: تصور شكل الفضاء :

وحين يقطع قاسم مطرود هذه الخطوة على درب الكتابة الإخراجية نتصور أنه يفتح الباب على مصراعيه لاشتغال الإيحاء .. ومن هنا فإن أول ما يتبادر إلى ذهننا – انطلاقا من رؤيتنا للفضاء الذي رسم قاسم حدوده – أن هذا الفضاء يوحي بساحة قتال ، من باب الاستبدال الاستعاري ، ولا غرابة أن يخيم هذا التصور على أفق النص ونصوص عراقيين آخرين طالما تحولت أرض العراق، في منظورهم ، إلى أرض العراك ..

حاء راء
وكما أن هناك غيابا لمؤثثات الفضاء ، فإن هناك أيضا شبه غياب للنص الموازي لنص الحوار .. ربما لأن قاسما ركز اهتمامه على الكلمة التي تقال ، كأن المهم عنده هو أن تخرج هذه الكلمة وأن تعرف طريقها إلى الآخر ، بغض النظر عن طريقة خروجها .. كأنه يؤكد ضمنيا :

المهم : ماذا تقول الكلمة
وليس : كيف تقول الكلمة ما تقوله ؟

من هنا تبرز سلطة الملفوظ في النص ، بيد أن هذا لا يعني بالمرة أن قاسما يرمي الكلام على عواهنه، لأن نصه نص دقيق ومحكم ، يقوم على الحوار الثنائي ( ماعدا عند آخر المسرحية إذ يدخل على المتحاورين صوت ثالث – السائق -، على أن عمر هذا الصوت أقصر بكثير من حبل الأمل، بل إنه لا يعمر إلا هنيهة) مما يعني أن هيمنة الحوار الثنائي تترك لكل متحاور مسافة لسماع الصوت وإسماعه، خصوصا وأن الانتظار يستنفذ الكلام ولا ينفذ .. وعلى النقيض تماما قد يضفي جو الانتظار رغبة في استفراغ الذاكرة، مما يتسبب في تقاطع الخطين التصاعديين للحوار عند الشخصيتين اللتين تتجاذبان أطراف الحديث إلى درجة التباس الحكي ، بحيث لا نجد خيطا رابطا بين المقاطع الكلامية للشخصيتين اللهم اشتراكهما في القضية ، وتغوص كل شخصية في أعماق ماضيها ناسية أو متناسية وجود الشخصية الأخرى التي تبحر بدورها في ذاكرتها الشخصية ، بحيث تسترسل الشخصيتان في الإدلاء بحكايتيهما في وقت واحد دون أن تسمع الواحدة الأخرى ، وفي ظن كل واحدة منهما أن جارتها كلها آذان صاغية . ولا يقف عند عبثية هذا الحوار وتخلخل مساره إلا القارئ – المتفرج المفترض الذي يجد تفسيرا لتلك العبثية في الظرف العصيب الذي يمليه واقع الانتظار .

ألف راء
وعلى ذكر الانتظار، أتصوره خنجرا .. هكذا يتراءى لي .. ومن هذا المنطلق أفهم جيدا وأتفهم معنى أن يكون قاسم مذبوحا على رصيف المنفى .

لا يختلف اثنان في أن رؤى وتصورات المبدعين العراقيين مهما اختلفت تتفق في التيمة : تيمة الانتظار . وقد سبق أن اطلعت على هذه التيمة كما وظفها أحد العراقيين خلال مهرجان مسرحي دولي، نظم من 08 إلى 15 ماي 2004 في الرابطة المغربية الفرنسية ابن خلدون ب" وجدة "( شمال شرق المغرب) حيث تم تقديم عرض ناجح لفرقة" أبعاد "(من المغرب ) يجسد نص" الهشيم " للمسرحي العراقي عبد الأمير شمخي .. نص فيه تتشابك خيوط حكايات أشخاص فرق بينهم الدهر ليجمعهم الانتظار..وكان العرض من إخراج المسرحي المغربي المتألق عبد المجيد شكير .

تستحوذ تيمة الانتظار على تفكير الكتاب العراقيين، وتتلاعب بأفكارهم. لذلك تأخذ نصوصهم صورة المحطات التي تستوقف قطار الانتظار.. حتى يخيل إلينا أن الحياة كلها محطة انتظار .

فاء كاف
ولأن النص في الأصل يندرج في خانة" مسرحة الحلم " فإن كتابته تتكئ على تقنية الاسترجاع ( فلاش باك) التي وظفها قاسم مطرود أثناء انتقالاته المشهدية( الرجل والطبيب ، المرأة والجدة ) كما لو أنه يتذكر الحلم على دفعات تبعا لمستوى نشاط الذاكرة.ولعل في المكون الثاني" محطات" من العنوان " دمي محطات وظل "ما يشي بحضور هذه التقنية – تقنية الاسترجاع التي تغلف النص ..

أليست الذاكرة محطات يعقب بعضها بعضا ؟

هي كذلك بالتأكيد .

وقد وقف قاسم مطرود عند سبع محطات – مشاهد : أولها المشهد الرئيسي ، وآخرها وأطولها ذيل وتكملة لبقية المشاهد التي يتداخل فيها الماضي مع الحاضر .

وبحكم تقنية الاسترجاع – هذه – يتم الانتقال بين المشاهد ، مما يعني انتقالا بين الأزمنة .. بين الزمن الجاثم ( زمن الذكرى ) والزمن النائم ( زمن الانتظار ) ..

ألف ميم
إذا كانت الغربة ومشتقاتها سما بطيء المفعول ينخر القلب والروح والجسد ( قاسم مطرود ) .. فإنها ، على النقيض تماما ، تشكل مصدر إلهام عند المبدع ومحركا للإبداع ، وإلا ما كان قاسم ليكتب بهذه الغزارة وبهذه الحرارة أيضا .

صحيح أنه فقد أحبة .. لكنه كسب قلما لا ينضب حبره البهي ..
صحيح أن المسافات أبعدته عن ذويه .. لكنها قربته من جمهور عريض يتلقف بحب ما تخطه أنامله بحب ...
صحيح أن الوحدة صعبة .. لكنها تجعل المرء فيلسوفا ..

هكذا هي الحياة !
كلما أعطتنا شيئا سلبتنا أشياء ..
كلما عجلت بشيء أجلت أشياء ..
كلما قطعت بنا خطوة إلى الأمام تراجعت بنا خطوات ..

هكذا الحياة ..
غامضة !
مراوغة !
ترسم ابتسامة في وجه العابر وتخبئ له وابلا من الدموع

ليست كل ابتسامة دليلا على السعادة ..
فكم من ابتسامة غارقة في بحر من الدموع !

لم يختر قاسم حياته .. ولا يتصور المرء إن كان سيختار حياته ، هكذا ، لو أتيحت له فرصة الاختيار .

لقد اختار قاسم الفرار . صحيح أنه نال الحظوة وامتلك بعض القرار ، لكن القلب يمتحقه النأي ويرزح تحت نير الاعتصار.. وسواء أاختار البقاء أم الفرار فإنه يظل يئن تحت وطأة الانتظار .

بيد أن الغربة كيفما كان نوعها في الخارج هي أرحم منها في الداخل. ربما يكون طعم الغربة في ديار المهجر مستساغا .. لكن ما قولنا في حالة الإحساس بالغربة بين أحضان الدار وفلذات الأكباد ؟!

في كل نص يسكب قاسم كأس الألم .. وإذا كانت الكتابة طقوسا ومتنفسا للذات الحبلى بغيوم الحزن فإن الكتابة عند قاسم مطرود تصبح معادلا للمنوم .. تصبح منوما للوجع الذي لا يريد أن ينام .

كم سخي دم قاسم مطرود !
كم عصي ليل المنفى !
وكم قصي " غودو " !

" غودو " هذا الذي أتى ولم يأت بجديد !!!

كانت هذه عصارة قراءتي الأولى لنص" دمي محطات وظل " وهي عبارة عن رؤوس أقلام مقلمة .. تقع على خط التماس مع القراءة من فوق(أو من خارج) النص .

ولا حاجة أن أذكر بأن عنوان النص أول ما استرعى انتباهي وأنا أستعرض عناوين مدونة الكاتب النصية المسرحية .. وقد لفت انتباهي من الوهلة الأولى درجة التشابه البنيوي بين عنوان هذا النص وعنوان النص الآخر" جسدي مدن وخرائط "تساءلت بيني ونفسي أول ما تساءلت :

ما نصيب قاسم من دم الجسد ؟
لم أقو على حمل الأسئلة .. فاتخذت النص الأول مرفأ وفيئا .. ومن ثمة كان .. غير أن سطوري – هذه - لم تخضع لتقنين ولا لتأطير .. ومن هنا تدفقت كماء نهر لا يغريه مصب .. تدفقا فوضويا يلملم فوضى الكتابة التي تكمن جماليتها في ما تتركه من هامش للبوح .. وفي البوح منتهى الحرية . وربما يستمد هذا التدفق بعض التميز من فوضى الأحداث والشخصيات والأزمنة والمحطات والذات( ألذات الكاتبة ) ولا غرابة أن أفتن بهذه الفوضى ما دمت أرى في طبيعة الفوضى ( قراءة وكتابة )وفوضى الطبيعة جمالا خارقا . وكان من حسن حظي أن وجدت في نص قاسم مطرود ما يحقق لحاستي الجمالية بعض الإشباع الفوضوي .

المصدر :
دمي محطات وظل ، قاسم مطرود ( الموقع الشخصي للمبدع )
www.kasimmatroed.com




 

free web counter