الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 23/7/ 2010

 

(قراءات أولى )..
للكاتب (جاسم العايف) والذات القارئة في الهوية الثقافية

حيدر عبد الرضا

و نحن نقرأ فصول مقالات كتاب (قراءات أولى)* للكاتب (جاسم العايف)، كم شعرنا بحاجة إلي رسم ومراجعة إطار هويتنا الثقافية في كتابة فضاءات النصوص، كذلك كم شعرنا بحاجة تحديد أبعاد ما نكتب ونطالع ونحاور علي مستوي نواة وعينا الثقافي. فالقارئ المتمعن من جهة في فصول مقالات كتاب هذا المؤلف الجليل، يشعرنا أيضا بأننا ككتاب في ما نستند وما نرمي إليه، من وراء ماهية خطابنا الثقافي والمعرفي، ما هو ألا كشفا دقيقا في طبيعة مكوناتنا التقويمية ذاتها، والقائمة علي أساس محورية الذات القارئة في الهوية الثقافية، وفي أشكال الظواهر الثقافية وتأسيساتها داخل مسارية أفكار النصوص، عندما نقوم بالمقابل من هذا بموجب حالات استيهامية أكثر إيغالا ودافعية أحكامنا المقصدية الخاصة. تختص بعض فصول كتاب (جاسم العايف)، بدراسة أعمال أدبية وحوارية وتراثية ومظاهر فكرية بعيدة، بشكل تطبيقي يبتعد كثيرا عن مناهج ومخالب الناقد الأدبي، ليقترب من اشتغالية ومحاورات الأفعال الثقافية السامية في النصوص وفي المنظور المعرفي. فمثلا هناك فصل بعنوان (الأجنبي الجميل.. بين القصة والاوبريت) وفصل آخر تحت عنوان (كار دينيا.. الملاذ والأس) وفصل (التوظيف السياسي ..للفكر الديني) وفصل (حق التفكير.. وحد التكفير) وفصل (عربة النهار.. سردية الشعر وإنتاج المعنى) إلي أخره من المقالات والبنيات المدارية في محاورة صوت وهوية الآخر الثقافي. ان آلية الكاتب الثقافي والنقدي الأستاذ جاسم العايف، قد أحدثت في مواقع هذه الدراسات المقالية في شتي مجالات الجنس والصنف المعرفي، ثمة خاصية فريدة في استنهاض طرحية المفهوم، إزاء خلفياته التصويرية والتعريفية المتطورة، أي ما معناه إن رؤية الكاتب العايف، راحت تتعامل مع معظم تلك الحالات الأدبية والظواهر الفكرية، من حدود موجبات المنظور الانفتاحي والتعريفي بلغة الأشياء والانطباعات، في حين أننا رأينا الكاتب أيضا، صار يتعامل مع الظواهر والإسقاطات التأويلية في المقروء النصي، علي أساس من انها مادة نقاشية مطروحة علي مائدة تداولية حوارية مفتوحة، إزاء فضاء متغيرات المنظومة من جسد الآراء والخيالات المتعددة من عناصر الهوية الثقافية المحكية، بموجب آلية التحول والتحولات في ذائقة قرائية لها باع طويل في جذوة ثقافة الهوية والتلقي.

فعلي سبيل المثال نأخذ مثلا، فصل مقالي قد جاء تحت عنوان :(الزاوية والمنظور / اتهام النقد.. دفاع القص) إن القارئ يعرف جيدا بأن للقاص الصديق عبد الستار البيضاني، ثمة كتاب معروف، يتضمن جملة نماذج حوارية مع شخوص مجموعة من الأدباء القصاصين وبعض النقاد العراقيين. والكاتب العايف كان في عمل مقاله هذا، قد انشأ جملة كشوفات احترافية من صميم حالة رؤيوية كاشفة الأداة وعرضية النتيجة الثقافية، لاسيما وانه في الوقت نفسه، راح يتجاوز نطاق ردود ما قد التقطته حوارية القاص عبد الستار البيضاني في كتابه، وذلك بسبب من إن مخيلة الكاتب جاسم العايف، راحت تصور للقارئ حدود فضاء الحوار، ومن زاوية نقاشية واطر وحية دقيقة، تتعدي مهام صوت حواريات وأسئلة القاص البيضاني، التي قد جاءت مقتصرة علي تسجيل علامات أحادية من حدود إجابات، تعوزها كثيراً جمالية المداخلات والمقاربات والإيحاءات وآلية جدية السؤال النقدي الضامر، وهذا بدوره ما قد قلته يومئذ في مقالي عن هذا الكتاب ،والذي قد نشر يومها في صحيفة (القادسية). كذلك الحال كان ينطبق علي مقالة الكتاب(العايف) التي جاءت تحت عنوان (المرأة والجنس.. بين الأساطير والأديان) عن كتاب الشاعر كاظم الحجاج.

وعند قراءة مقال جاسم العايف المطول هذا، نكتشف بأن العايف، قد وفر لذلك المنحي الدراسي الذي قام به كتاب الحجاج، دخولاً تمهيدياً موضوعياً صائب في الإدارة لأجواء محتويات ذلك الكتاب (الحجاجي)، فمثلاً نعاين خطوات الشرح الإطاري لعلاقة المرأة مع الذكر، ومن ثم تراودك جملة استطلاعات تاريخية ومرجعية ووثائقية، تثبت للقارئ جذرية العلاقة ما بين المرأة والرجل وعلي مدي زمني متشعب النماذج والأجناس والأنواع والتصانيف. كما لاحظنا في الوقت نفسه، بأن إجرائية المخيلة الثقافية لدي الكاتب العايف، قد راحت تحقق لذاتها نصيباً كبيراً من البحث، ما يتعدي نموذجية جهود حقائق مرجعية الحجاج في إثبات وتدوين مؤولات تلك الحقائق الموضوعية في فصول ذلك المنجز.

هكذا وجدنا مقالات (قراءات أولي) ما هي ألا حلقات استشرافية، نابعة من فصول مؤسسة على وفق علاقات صعودية تناقش قضايا ومحمولات الهوية الثقافية، وإلي حد يصعب، التمييز ما بين سياسة الثقافة في المصطلح والمفهوم، وما بين مبدأ التحاور المعرفي إزاء جهات النموذج المرجعي، وهو في دليل بوتقة وعي المؤلف. وفي الختام لا يسعني سوي قول هذا الموجز من الاستطلاع القاصر مني حول كتاب (قراءات أولى) وذلك لأن طبيعة مقالات هذا الكتاب، قد لا يكتب عنها مقال. بقدر ما يشار إليها في ندوة أو احتفالية ثقافية، لأن محتويات هذه المقالات، لها طبيعة تعريفية خاصة إزاء اضاءات النصوص، حيث أننا وجدنا جملة علاقات عنوانية وشكلية ومضمونية في محاور تلك المقالات ،مما أكسبها صلاحية شرعية في محاورة وكشف الخصوصيات المتمثلة في مؤلفات وأعمال الأدباء والمفكرين، وفي تصحيح وكشف مناظرات الظواهر والأنظمة الفكرية. وزيادة علي هذا، فأن خلاصات مقالات كتاب(قراءات أولى) تتمركز حول وجهة نظر خاصة، منبعها مجموعة افكار واستدراكات تترابط فيما بينها، لتكتسب عوالم رسم صورة الرأي الثقافي، علي شكل أبعاد استشرافية متكاملة الاختصار، في معاينة خطابات ومقولات العلاقة المعرفية في ظاهرة وظواهرية جوانب الإبداع المستحدثة من خصوصية زمن احتواء المصطلح وتذويب مغايرة مفهوم الاتصالية مع صوت الآخر.

والقارئ لهذه المقالات في كتاب (قراءات أولى) للأستاذ الكاتب جاسم العايف، يجدها قراءة موسعة لعوالم النص وتعريفة، كوسيلة ثقافية متعددة المؤولات، ونلاحظ إلي جانب إضاءة كلام مقالنا هذا للكتاب بأن الكاتب (جاسم العايف) لربما كان من وراء هذه العنونة لكتاب مقالاته انه كان تقصد من عنونة (أولى)، أي بأن هناك جزء لاحق مكمل لمشروعية سلسلة مقالاته تلك. ولربما كان من تلك العنونة، يتقصد جعل عملية التلقي جارية بموجب فضاءات أخرى متواصلة، من ديمومة استشعارات رؤية تلك النصوص. علي أية حال، لربما لا يعنينا ما وراء هذه العنونة، بقدر ما يعنينا، ذلك الانفتاح في موجهات تلك القراءة المقالية الرصينة في ذلك المنجز، التي راحت تتمظهر فيه نتائجية الثقافة ،في حقل ممارسات النظرية الادبية، وبوسيط فاعلية تواصل الدلالات المشهدية المعبرة، عن مدي فاعلية الاستثمار القرائي لتلك المشروعية الرؤيوية في تدوين وتسجيل حالات ومقاصد وجدليات الهوية الثقافية.

أننا إزاء فضاء كتاب مقالات (قراءات أولي) نكتشف سحر تلك اللحظة الفائقة من زمن رهافة محاورات الأشياء وكشفها، بموجب مساعي طريقة توالد وتوليد الإجرائية المناسبة في منطقة النصوص ،والبني الفكرية المتحاورة، حيث تكتسب حينذاك قراءات الناقد الثقافية، صفة التوصيف الناجح، والتأمل المتكامل المنساق خلف اللحظة الكاشفة من قراءة حيزية جسد النصوص والتجارب الإبداعية.
 

* إصدارات/ اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين/ البصرة - 33 / دار الينابيع - دمشق /ط1/2010 /.على نفقة شركة آسيا سيل للاتصالات.
 

free web counter