الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الثلاثاء 1/1/ 2008

 

الفنان أسعد راشد في مدينة Delft الهولندية

نعمة السوداني - هولندا

في أمسية مرئية ممسرحة ضمن فعاليات الموسم الثقافي للتجمع العراقي في مدينة (Delft ) الهولندية دعي الفنان العراقي الدكتور أسعد راشد المقيم في السويد ,و قدم للجمهور لأول مرة بطريقة جديده عرضا فلميا لمسرحية ( الشاهد ) التي عرضت بنجاح في بعض البلدان منها المانيا / السويد /مصر/والدنمارك قدمت الامسيه بشكل غير تقليدي ..أذ دخل الفنان أسعد راشد للقاعة يجر خلفه ( حقيبة سفر ) وقد لاحقته عدسات المصورين لالتقاط بعض الصور اليه..وبدا كأنه هاربا منهم .. وكأنه نافذا بجلده من سعير معركة..
.. ليقف قليلا ويتأمل الحضور ويتفحص وجوههم , ثم يبدء في سرد حكاية السفر الطويل وما تحمل معها من معاناة ومآساة عبر التاريخ مستحضرا ً هذا كله في تلك الحقيبة التي يجرها معه ..

يتكلم عن ملكيته لرقم بابلية وبقايا ذاكرة غطاها البارود ليومنا هذا . يحاور الحاضر ويستحضر التاريخ في الذاكرة الجمعية , كاشفا عما حوت حقيبته : قيثارة نيرون,التي حرقت روما بلحنها الاخير , لحن نيران العولمة .../ يحمل في حقيبته أغلال ( سبارتاكوس ) ذلك الثائر العظيم ... الثائر من اجل العبيد, ضد الظلم الذي لا يزال يمتد فينا ... /
يتحدث عن الرصاصات التي قتلت الشاعر( لوركا ) ,كان قد عثر عليها في جسد شاعر اخر.../ تولستوي الذي جعل من قلبه محبرة ليرسم بريشته ملحمة الحرب والسلام .../ دنانير يهوذا الفضية وخزائنه المليئة بالغدر وبالاسماء التي تعمل بكوبونات الوشاية لبيع الاوطان في المزادات الدوليه .../ يحدثنا عن وثائق الخيانة وسيجار تشرشل ...

حقيبته ملأى بالحقائق ... أنها التاريخ عندما يسجل نفسه ... التاريخ بكل ثقله ...أصبحنا بعضا من هذه الحقائق وتاريخها الحاضر ..
مفردات موجعة أداها الفنان بطريقة مؤثرة., فالخراب الذي أصاب بابل يحصل الان مع بغداد .... فبغداد بالنسبة اليه ما عادت ممنوعة من الصرف . لقد جرت بغداد الى المسلخ- جرها الطاغية كالنعجة – ثم اكمل عليها طغاة المدنية الحديثة بسكينهم النووية!!!!!!
عندما يتكلم عن اوجاع الوطن يقول :
أبواب الوطن ماعادت تفتح بالطرق عليها....من يدلني الطريق اليه؟؟؟
يترك لنا وصايا مكتوبه ( بالواح الفن المقدس ) تحذر البشر من خطايا البشر ليقول :

لاتزرع بذور الحقد فتجني ثمار الندم . لاتكن مأوى للدمار والفناء .
يخاطب الحقيبة وعيناه تبحث عن مستقبل آمن للطفولة : أن لاتكوني المفخخة التي تروع أطفال بغداد في أعيادهم اليتيمة ... ثم يتمنى ان يسكن الاطفال في بيت شعر للشاعر أراكون :

العار لمن لايلقون بأسلحتهم أمام الطفولة .

رسالة انسانية دراماتيكية معبرة . اراد ان يقولها الفنان ( أسعد راشد ) للناس ,وعبر عشر دقائق , يكثف التاريخ برسالته هذه, ويقدم حقيقة الحاضر من خلال محتوى حقيبته , راويا ً ومؤديا ً وشاهدا ً بامكانية فنان مقتدر في تطويع صوته والانتقال المرن من حال الى اخر ...

وبعد ذلك .....

قدمت اربعة مشاهد اختيرت من مسرحية ( الشاهد ) على شاشة كبيرة ,والمسرحية ذات ممثل واحد , وهي على شكل صرخات تندد بالانظمه الدكتاتورية في العالم,تعتبر من الاعمال المهمه لكونها تحمل نصا مليئا بوقائع تتحدث عن مدينة يحل فيها ( الطاعون ) ويفتك باهلها واحدا بعد الاخر ... فيها ملك دكتاتور لا يرحم . يتحالف مع تجارالموت والطاعون

من شخصيات العرض :
الطاعون - الملك -الشاهد- حفار القبور- خائط الاكفان –وصانع التوابيت-دلال المزاد- الملكة-الجارية-وتاج الملك-الغول ورسول الملك- رئيس التشريفات, والزبائن الواقفين في طابور طويل لشراء كفن أو تابوت. شخصيات مختلفه ومركبة قدمها بتلاوين فنية مدهشه , وشكل حضورا بارعا على خشبة المسرح . كان الفنان اسعد راشد راويا ً للاحداث حينا وملكا ً مرة وحفار قبور وطاعون وو... مرات أخرى . يتحرك على الخشبة بخفة عالية . يضحك ويبكي ثم يصرخ ويرقص ويغني ...
أعتمد نصا مثيرا جريئا ( لفاروق محمد ) يحمل في خطابه دلالات واشارات تشير للحالة الماساويه التي تتعرض اليها البلاد.
الكل يصارع الموت .. الموت يطول الجميع..اخرون ينتظرون دورهم..

يصيغ الفنان اسعد راشد الاحداث بكثافة عالية , ويقدمها للجمهور معتمدا , بالدرجة الاولى علىإ مكاناته الجسدية العالية وادواته كممثل –جسد وهواء – في ملئ الفضاء , ليتفاعل معه المشاهد على مدى 56 دقيقه من دون توقف . يجسد بذلك عمل الممثل الحقيقي : حركاته دقيقه للغايه محسوبة الايقاع , يرتقي بالعرض الى اعلى مستوياته حينما نراه كيف يجسد لنا الموت ويضعه امامنا بقدرة سحرية لسرد مايدور من صراع امام الجمهور , ويبين التحالفات التي تحدث بين الطاعون والملك وبين حفار القبور والطاعون ... ولا ينسى أن يغمز الى الحياة ومتعها نقيضا للموت .

تعامل الفنان اسعد راشد مع السينوغرافيا البسيطة , العميقة الدلالة , لخدمته حتى اصبحت جزءا لايتجزء منه , فمنح الازياء وقطع الاكسسوار وظائف متباينه ... السينوغرافيا اقتصرت على أشياء بحجم الكف وحاسوب محمول وبضع اشرعة قليله اذا ما فتحت ملأت الفضاء صممت لتجمع في حقيبة سهلة النقل والحمل , لتسهل تقديم العرض في اي مكان في العالم... كانت عميقة الدلالة في تفسير اعماق الافعال التي واكبة العرض سواءا كانت ثابته او متحركة وسارت الموسيقا والانارة متساوقه مع حركة الاحداث وعمق المأساة.

ان القدرات الفنيه التي يتمتع فيها الفنان اسعد راشد من ملكة في التعبير وقوة في الاداء وطريقته في التلوين الصوتي اضافت ابعادا عديدة بتعدد الشخصيات التي مثلها.

بعد ذلك جرى حوار بين الفنان أسعد راشد والحضور , أداره الفنان ( فارس الماشطة )وتطرق الى تاريخه الفني في العراق والمحطات التي مر بها الفنان الضيف في المهجر : بيروت / حيث شارك مع زملائه في تأسيس رابطة الكتاب والفنانين والصحفيين العراقيين . هنغاريا / أخرج مسرحية الصحون الطائرة ومثل في مسرحية مهاجرون , وأكمل دراسة الدكتوراه في المسرح على حسابه الخاص . الجزائر/ حيث عمل في جامعة عنابة أستاذا لفن المسرح ,وأخرج مسرحيتي: دروب الغيوان ومسرحية البيت . وأخيرا في السويد / أذ أسس فرقة المسرح أ لميزو بوتامي 1997العامله لحد الان , والتي قدمت اعمالها بالعربية والسويدية وشارك فيها كممثل ومخرج في ثمانية اعمال مسرحية .. العشب دائما في الضفة الاخرى- ليكن من ! – أي ومن أنا ؟ - يحدث هكذا – النهضة – البيانو – الحقيبة – وآخرها مسرحية الشاهد ..
وقدمت هذه الفرقة عروضها المسرحية أضافة الى مدن السويد , في : تونس والمانيا والدنمارك والعراق ....
ولم يغفل الفنان الماشطة الاشارة الى اعمال الفنان التلفزيونية ومنها ( اجنحة الرجاء ) اخراج الفنان خليل شوقي الذي كان حاضرا الامسية...
أخيرا نتمنى للفنان اسعد راشد الاستمرار في تقديم العطاء المسرحي وان يبقى متألقا دوما .




 

Counters