الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 19/9/ 2010

 

 موسكو تحيي الذكرى العشرين لرحيل الكاتب المبدع غائب طعمة فرمان

عبدالله حبه – موسكو


غائب طعمة فرمان

حلت الذكرى العشرون لرحيل غائب طعمة فرمان في هذا العام وسط صمت غريب يسود الاوساط الادبية في الوطن بشأنه، حيث لا يجد هذا الحدث الصدى الجدير به على الصعيدين الثقافي والرسمي. ووجد لفيف من المثقفين العراقيين المقيمين في موسكو ان من الواجب تذكر هذا الرجل كاتبا وانسانا لكونه ما زال يقيم في وجداننا وثقافتنا وحياتنا . ان ذكرى غائب وما خلفه من تراث ادبي متمثلا في رواياته واعماله المترجمة من الروسية الى العربية، وشخصيته لا تخاف عوادي الزمن.. فلا خوف عليها من الاغفال او النسيان . ان غائب الغائب الذي غاب عنا منذ عشرين عاما ليس من الرجال الذين يغيبون عن ذاكرة وطنهم. لقد عاش الكاتب فترة ثلآثين عاما في منفاه بموسكو وكان مورد رزقه الوحيد فيها هو الترجمة لقاء راتب شهري متواضع. وعندما بدأ بنشر رواياته كان الناشرون في غالب الاحيان يخدعونه بدفع مكافآت لا تتفق مع قيمة اعماله الحقيقية.ونجدهم حتى بعد وفاته يعيدون نشر كتبه ويخرجون الافلام التلفزيونية المقتبسة من اعماله دون ان يسددوا حق النشر والاخراج الى ارملته التي حتى لا تعرف شيئا عما ينشر.

وقد أكد ذلك المشاركون في الاحتفال الذي اقيم في النادي الدولي بجامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو يوم 17 سبتمبر 2010 بحضور السفير العراقي فائق فريق عبدالعزيز واعضاء السفارة وابناء الجالية العراقية والعربية والمستعربوين الروس وغيرهم ، وذلك بمبادرة من جمعية المقيمين العراقيين في روسيا ورابطة الطلاب العراقيين . وقد زينت القاعة التي اقيم فيها الحفل بصورة كبيرة للكاتب الراحل بينما كانت تعرض على الشاشة بأستمرار صور من حياته ومنها مع الشخصيات الادبية والثقافية المعروفة مثل محمد مهدي الجواهري والرسام محمود صبري ومحمود درويش ومحمود امين العالم ومحمد دكروب وحسب الشيخ جعفر وبرهان الخطيب والفنان سامي عبدالحميد والشخصيات العالمية مثل الزعيم الفيتنامي هوشي منه وغيرهم بالاضافة الى صور اغلفة كتبه وبعض تراجمه. كما وزعت في الحفل مجموعة مقالات ووثائق تتعلق بالكاتب بقلم من عرفوه ودرسوا ادبه مثل الناقد ياسين النصير والاديب فاضل ثامر والروائي برهان الخطيب والمترجم ابوبكر يوسف ومحمد كامل عارف وفالح الحمراني وعادل العبيدي وعبدالله حبه بالاضافة الى السيرة الذاتية للكاتب التي تصمنت جميع اعماله وتراجمه وعددها يتجاوز 84 كتابا مترجما عن الروسية.


غائب طعمة فرمان مع الزعيم الفيتنامي هوشي مين

وأشار عادل العبيدي عريف الحفل الى ان جميع اعمال غائب طعمة فرمان تعكس الصورة العراقية الشعبية وهي في صراع حاد من أجل الوجود لأن غائب كتب عن الفقراء وهو واحد منهم. وكان مثالا للنزاهة والبساطة حتى السذاجة. كان شهما شجاعا وطنيا صادقا صموتا متواضعا لا يحب الشهرة. انه كالنبع الصافي . ان روح غائب تحلق حولنا وتدعونا الى المحبة والتسامح.

وقال علي العكيلي رئيس رابطة الطلاب العراقيين في جامعة الصداقة في كلمته ان غائب كان مثالا يحتذي به جميع المثقفين الحقيقيين في عدم التهافت على الشهرة وكسب المال ومات فقيرا دون ان يترك ميراثا او حسابات في البنوك، وترك فقط ابداعه الادبي وسيرته النقية الخالية من الزيف والنفاق. كما كان عفيف اللسان ولم يسمع منه ما يشكل اساءة الى أحد ما جعله محبوبا لدى جميع من عمل معه في دار النشر " التقدم" او في اوساط الاصد قاء والمعارف.

وتحدث علي عبدالرزاق رئيس جمعية المقيمين العراقيين في روسيا عن انتماء غائب الى جيل الخمسينيات في العراق مثل بدر شاكر السياب وعبدالملك نوري وفؤاد التكرلي وغيرهم . لكنه تجاوز في ابداعه الروائي جميع كتاب الرواية السابقين في العراق. وأورد الخطيب تحليلا موجزا لرواياته وشخوصها والتي تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق في النصف الثاني من القرن العشرين.

وألقى الشاعر محمد الطيار قصيدة رثاء للكاتب الراحل جاء فيها :

يا غائبا عنا ولا يغيــــــــب اذرت عليك دمعها القلوب
والدمع لا ينكر من صديق غادره صديقه الحبيب
وغاب شاعر فناب عنــــه مترجم مؤلف أديــب
جاور مصر نعم من جوار ألقى على الصين عصا غريب
في أرض موسكو قد أراح المثوى وترب موسكو مرتع خصيب
غائب لا تبعد فأنت فينا وأنت منا الجالس القريب

تليت في الحفل رسالة الشاعر حسب الشيخ جعفر الى الحاضرين (تلاها ولده علي حسب الشيخ جعفر)وجاء فيها : ليس من الصعب ان اتحدث عن غائب . انما من المحزن جدا ان اتحدث عن صديقي غائب .. وعن رواياته العراقية الرائعة.. لقد كان اول روائي عراقي بالمعنى الفني الروائي ..ومنذ روايته الاولى طفق غائب يعلو فنيا ويعلو .. كنت اول من كتب عن " النخلة والجيران" ونشرت مقالة عنها في مجلة الآداب عام 1966 اي عام صدور الرواية .. لا احد يستطيع ان ينكر ان غائب هو رائد الرواية العراقية الاول .. ولكم كان طيبا ، كان يكتب جادا .. في معزل عن اي كائن آخر ...

وكتب الشاعر حسب الشيخ جعفر في ديوانه الاخير " رباعيات العزلة الطيبة " قصيدة كان قد اهداها الى الروائي غائب طعمة فرمان قال فيها :

نحن معا من قعر قنينة
قد خرجنا معا
وتلوت بنا العربات ، المحطات
والارصفة هذرا كان منا الطواف الى بيت (خبازة)
فأقترحنا منعا
(دفء) واجهة تتراءى فيها الارغفة.

وتحدث د. ضياء نافع نائب رئيس الجمعية العراقية لخريجي الجامعات السوفيتية والروسية رئيس مركز الدراسات الروسية – العراقية في جامعة فورونيج عن وجوب تخليد ذكرى الكاتب الراحل بوضع لوحة تذكارية عند مبنى دار " التقدم " وتمثال نصفي له في باحة مكتبة اللغات الاجنبية بموسكو، ناهيك عن اقامة نصب له او اطلاق اسمه على احد شوارع بغداد التي احبها طوال حياته وكتب جميع رواياته عن اهلها.كما اقترح استحداث جائزة بأسم غائب طعمة فرمان في مجال الترجمة من الروسية الى العربية تمنح الى افضل مترجم مرة في كل عامين.

واستعرض حسن النداوي ممثل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في روسيا الاتحادية مسيرة غائب طعمان فرمان الحياتية والادبية في العراق وبلدان المهجر التي اكسبته خبرة غنية جعلته كاتبا وقاصا وروائيا من الطراز الرفيع. وقد وظف غائب جميع امكانياته الثقافية والادبية والسياسية لمساعدة بسطاء الناس وجسد في اعماله واقع حياتهم المريرة. وبسبب مواقفه الوطنية سحبت منه الجنسية العراقية. لقد اجتاز غائب امتحان الغربة بنجاح يحسد عليه بالرغم من ان الغربة كانت بالنسبة اليه امتحانا قاسيا. وقد نأى بنفسه بعيدا عن السلطة واغراءاتها وبقي وفيا لأفكاره ونخلته وجيرانه.

وتحدث علي الحمود رئيس البيت العربي بموسكو عن اسهام غائب طعمة فرمان في الحركة الادبية العربية منذ ان كان في مصر والشام ولبنان ومشاركته في الصحافة الادبية العربية. وأكد الخطيب ان الروايات مثل" النخلة والجيران " و"خمسة اصوات " وغيرها تعتبر من خيرة الاعمال الروائية في الادب العربي المعاصر.

وعرضت في ختام الحفل مقاطع من فيلم تسجيلي اخرجه الفنان السينمائي العراقي علي كامل عن حياة الكاتب وتضمن لقاءات معه واحاديثه عن الادب والحياة وروسيا وكذلك تعليقات بعض المقربين اليه ومعارفه في العاصمة الروسية.

وكان من المتوقع حضور شخصيات ثقافية من العراق وبلدان أخرى للمشاركة في الحفل لكن العراقيل البيروقراطية وضيق ذات اليد لدى منظمي الحفل حال دون ذلك . فموسكو تخلو من رجال الاعمال والموسرين العراقيين الذين كان باستطاعتهم دعم مثل هذه الفعاليات الثقافية.


لفيف من المشاركين في احتفال موسكو


18/9/2010




 

free web counter