الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الثلاثاء 18/5/ 2010

 

الثابت والمتغير في معارض التشكيليين

محمود بدر عطية

تمر السنون ونحن في الغربة سابرون، تشرأب الأعناق بإتجاه العراق... لعل هواءاً نظيفاً محملاً بالبشر والمسرات يعيد لنا أملاً .. وطناً أو يعيدنا إليه مناخاً صحياً يؤكد ضرورة الثقافة والفن في البناء والتطور بالمعنى الحضاري ولفت إنتباه الساسة بأن أواصر العلاقة لا تبنى بالترغيب أو بالترهيب وإهمال أهل الفكر والثقافة والفن الحقيقين وإبعادهم من المشاركة الفعلية في عملية البناء بحجج واهية يطلقها البعض من القائمين على سياسة البلد منها إن الثقافة والفن تتعارض مع الأخلاق أو إنهما ترفٌ يستعلي العاملون في حقليهما على أفكار السياسين مما يعرّض أهل الفكر والثقافة والفن للحرمان المادي والمعنوي في بلد يشهد القاصي والداني بما يملك من كنوز.

هذه الأفكار وغيرها يزدحم بها راسي وأنا في طريقي الى  قاعة (هوسبي جورد ) حيث يقام المعرض السنوي لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين من 8 مايس لغاية 16 مايس . . تحت شعار ( الثابت والمتغير) والذي تكرم بإفتتاحه الفنان (فؤاد الطائي).

الساعة الواحدة ظهراً، السماء ملبدة بالغيوم ، الأجواء تنبأ إنه يوم ممطر.

إشترك هذا العام عشرون فناناً وفنانة، الفنانات جعلن من موضوع  (المرأة ) شعاراً يسعين من خلاله لممارسة كفاحهن ضد النكوص والإنتكاس والذي وضع المرأة في دائرة (النصف الملغى)، وإن كانّ البعض منهن ذا مزاج إنفعالي إلا إنّ البعض الآخر يمتلك معرفة وفي ذلك تعزيز للقدرة على تحويل أعمالهن الى لافتات يمارسن من خلالها كفاحهن الفعلي ضد التمييز و التهميش وسعيهن الدؤوب لمشاركة الرجال في الإنتماء الى الوطن ودورهن في عملية البناء والتطور.

(وادي الخيال) للفنانة ( أشنا أحمد ) فمن خلال الحلم تسعى الى تغير العالم بالحب والجمال الإيجابي الهادئ والممتع كانت أكثر محافظة على القيم الفنية فجاء عملها أكثر نضجاً، تتوق في رحلتها هذه ـ عبر واديها الأثيرـ أن تكنس خفافيش الليل وتحتفي بضياء الشمس وهي تبشر بميلاد جديد وعطاء ثر.

و (حورية الغابة) للفنانة (سميرة إيليا) من الأحمر والأخضر وثنائية المرأة والشجرة من واقعية الى تجريد وبإنتقال تلقائي لا يتعب العين عمل شارك فيه العقل والوجدان بصورة متكافئة يحمل خصائص اللوحة الناجحة ، زرعت الربيع منبعاً للخصب فكان العطاء مساهمة في صنع الحياة.

أما (الثابت والمتحول) عند الفنانة (هناء الخطيب) والذي أخذ مساحة ثلاث لوحات وثلاث أبعاد (فلسفة وتنظير وفسلجة) لقد غردت خارج سرب زميلاتها حاصرة هموم المرأة بشخصها وهي التي تعاني كثافة الحياة ومشكلاتها والسؤال  هل نحن بحاجة الى شرح لإستيعاب العمل الفني، وليصبح أداة تمارس تأثيرها على المتلقي؟.

برعت الفنانة في تكنيكها و إستخدامها اللون الواحد، مستمرة في سعيها لإكتشاف الجوهر بإعتباره وسيلة للخلاص.

ومن المشاركين لأول مرة الشاب (رائد القزويني)، شاب مندفع تستهويه طبائع الأشياء يتطلع الى إعادة إنتاج ما أنتجه السابقون ، يحاول أن يترك بصمته من خلال حركة فرشاته وإنفعاله النفسي ، باحثاً عما هو جوهري ، يؤكد وجوده على هذه الأرض ، يطمح أن يجد ذاته من خلال تعامله مع نماذجه هو والتي يستطيع من خلالها أن يدلنا بأنه صاحب موهبة وليس عنصراً عابر.

أما المصور الصحفي (حسين العلوي) فحين أسترجع كل ما أعرفه عنه أردد بيني وبين نفسي ، من أي منبع يستقي هذا المشاكس أعماله ؟!

هل كل مَنْ إمتلك ألة تصوير، أصبح مصوراً؟.

لم يكن إنفعالياً ولا سطحياً حتى لو أودى به ذلك الى الهلاك، وقد حدث ذلك غير مرة، كل الشخوص والتفاصيل التي يسوقها ولم ينس شيئاً فالصورة تفضح ، وما بين الحزن والفرح واليأس والأمل نتعرف شيئاً فشيئاً على هذا المصور الفنان.

الفنان (عباس الدليمي) الذي يرفض الإلتزام بإسلوب معين في العمل الفني فهو التجريبي المتشائم!، قدم لوحته (نحو المجهول) ثمرة ركام من المواجع والفجائع التي يرزح تحت وطأتها العراقي أينما حل أو رحل، الواقع يستدرج السائرين الى الضياع ، يشير الى لوحته وهو مثقلاً بالهم يسكنه القلق شاعراً بالعجز فالجدار سميك ولا منافذ للخلاص.

نأمل أن يكون المعرض السنوي رسالة سنوية تتجاوز حدود الإبداع وتسهم في تثبيت مفاهيماً لحياة جديدة وبناءاً لعلاقات أكثر نضجاً وتسامحاً وإيجابية.

free web counter