الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الجمعة 17 / 1 / 2014

 

الجمال والمأساة في مغرب الستينات يحيا الآن في رواية جديدة (*)
"زنقة بن بركة" : Ben Barka Lane لمحمود سعيد

ربيكا جوبين

"زنقة بن بركة" : Ben Barka Lane لمحمود سعيد
ترجمة Kay Heikkinen
Interlink Books, 2013

حُظرت رواية "زنقة بن بركة " في عام 1970 في العراق، ولكن في وقت لاحق نشرت في مصر، والأردن، وبيروت، لتصبح واحدة من أبرز الروايات الحائزة على جائزة. رواية الروائي العراقي محمود سعيد واحدة من أقوى الروايات. إنها قصة سي الشرقي، وهو لاجئ سياسي عراقي، وصل إلى شارع بن بركة في مدينة المحمدية "المغرب"، بعد 25 عاما من القمع والصراع السياسي، جاء المغرب بحثا عن ملاذ آمن، ووجد عملاً "مدرسا في مدرسة ثانوية" .

رسمت أوصاف الكاتب المغرب بألوان براقة، أوليات العقد الستيني، وببطريقة بعثت الحياة أمام عيني القارئ، وكأنه يرى عملاً فنياً نابضا بالحياة، من ماسح الأحذية في الطابق الأرضي، إلى المخبز الذي يثير شهية المارّ بمعجنات شهية إلى جزار قريب، حانة، بقالة، جنبا إلى جنب مع محلات بيع الطوابع، وتذاكر اليانصيب، ومجموعات من الحمام يحطون من علٍ بالقرب من الجدران؛ ألحان الكاتب، وألوانه، وعطوره شكلت نوعاً من الرقص يسحر القارئ. ولكن مع تأثير ومهارة شعرية. يصور الكاتب بإحاطة وعمق وهدوء خارق التناقضات فيما يبدو جنة في الظاهر لكنها تتستر على مؤامرات سياسية في ظلال غريبة. لنرَ هذا المقطع وكيف يسلط الضوء على هذه المفارقة : كنت خالاً أسود في وجه المحمدّيّة المشرق، ساقاً عجفاء من دون غصون أو جذور أو أوراق، غريباً حقيقيّاً يحلم بالسّعادة والحبّ في أراضي المجهول.

الأحلام التي غزت عقل سي الشرقي تتناقض مع التعقيدات المتواجدة تحت السطح، فهذه الألحان الجميلة الواسعة تتشظى حينما تلامس أرض الواقع، ففي الروارية حديث جماعات مضطهدة، عاجزة، حزينة، مريضة، خائفة، تقتلها يد الجهل وتقتل بعضها البعض الآخر، مجموعات لا حدّ لها، من أدنى الطبقات، تحلم بالتغيير، والصحة، وسد الجوع، والرضى والابتسامة.

يصف الكاتب بحساسيّة الصداقة التي ازدهرت بين سي الشرقي وسي الحبيب، وهو مناضل مجبر على البقاء في المحمدية نتيجة لنشاطه السياسي خلال وقت مبكر من الستينات. ويبقى محور الرواية يدور حول هذه الصداقة، التي أصبحت أساساً مهماًّ في حياة سي الشرقي بعد لقائهما الأول، ولعل وصف تلك العلاقة بينهما كما وصفها سي الشرقي: " لم أرّ أجمل من نظراته أو أصفى أو أكثر تفهما منها في حياتي. رسمت دائرة حبيبة مفعمة بالصدق والود . كنتُ أنا في وسطها، لم تكن هناك حاجة للكلام إذ عبّرت عن تلاق متصارح متكاشف بيننا، تلاه رباط وثيق أزال كلّ القيود التي يمكن أن تكبّل العلّاقات بين الرجال.

تطورت الثقة العميقة والحب الذي لا يتزعزع بينهما حتى وصول رقية، وكاد الحماس القوي أن ينقلب إلى شقاق ونزاع بينهما. فقد أحب سي الشرقي رقية من النظرة الأولى، وأحبت رقية سي الحبيب، مع كونها غريبة عن تفهم وإدراك شخصيته، في الأخص تفاصيل حياته السياسية، ومفردات دقائقه اليومية، أما سي الحبيب فكان دائماً يتجاهلها.

كانت رقية تثق بسي الشرقي الذي تمزقه مشاعر الغيرة والحب لرفيقه سي الحبيب. كادت هذه المشاعر تتحول تدريجيا إلى عداء وكراهية لصديقه سي الحبيب، لولا طيبة سي الشرقي وسعة صدره، إذ كان يزيل أي حقد في قلبه، وبخاصة بعد سلسلة من الأحداث الغامضة والمأسوية.

استطاع المؤلف رسم سيكولوجية الشخصيات، وصراعاتهم النفسية في أعماقهم ، وأظهرهم أمامنا بشكل متقن بما يحملون من مشاعر عميقة بالوحدة والضعف، والرحمة والقسوة.

تَرجمت الرواية كأي هينكينين بشكل جميل، هذا الكتاب يجب أن يقرأ في أيّ جامعة و بالطبع على مستوى الدراسات العليا في الأدب العربي المترجم، فضلا عن الدورات التي تقام لدراسة التاريخ والسياسة المغربية، والثقافة العراقية في المنفى.


(*)
نشر هذا الاستعراض في مجلة آلالجديد المجلد. 18 رقم. 66

حقوق الطبع والنشر محفوظة لمجلة الجديد: 2014 لوس أنجلز

انظر للمزيد على:

 http://www.aljadid.com/content/beauty-and-tragedy-60%E2%80%99s-morocco-comes-life-new-ovel#sthash.WOgR9tQc.dpuf

 

free web counter